القاهرة (الاتحاد) المسلم لا يعيش في الحياة معزولا عن الناس، ولكنه مأمور بأن يخالطهم ويتقي الله فيهم، ومن أوكد الحقوق التي جاء التذكير بها في كتاب الله وسنة نبيه حق الجار الذي كاد أن يكون واحداً من أهل الدار، ولكن ما يحدث بين الجيران في بلادنا العربية والإسلامية من خلافات وانفلات سلوكي وأخلاقي يؤدي إلى مشكلات وأزمات، تستدعي التذكير بحقوق الجار التي قررها الإسلام ورعاها وحماها وجعلها ميثاقاً للسلوك الحضاري، خاصة وهو يتعامل مع أناس يراهم يومياً، ولا بد أن تجمعه بهم علاقات المودة والرحمة والتكافل والتعاون، فما ترك الإسلام خصلة من خصال الخير ولا طاعة تقربنا من الله إلا وأمرنا بها ورغبنا فيها، فالإسلام جاء ليبني أمة تعرف ربها، وتعرف حقوق العباد فتقدم الإحسان والمعروف. حقوق عظيمة بداية يقول د. علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق، الجار هو القريب منك في المنزل والمسكن والجوار، وله حقوق عظيمة يجب القيام بها، بحسب موقعهم من الدار، روى القرطبي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يشكو جاره، فأمر النبي أن ينادي على باب المسجد: «ألا إن أربعين داراً جاراً»، وقال الزهري: أربعون هكذا، وأربعون هكذا، وأربعون هكذا، وأومأ إلى أربع جهات، وقد جعل النبي، هذا النداء جوابا على شكوى الرجل لأن فيه إيذاناً بخطورة حرمة الجوار حتى أنها لتمتد إلى أربعين دارا، ومن يكلف بمراعاة حق أربعين لا ينبغي له أن يضيق ذرعا بحق واحد، وهذا النوع من الزجر من أبلغ أساليب التأديب التي لا تؤثر إلا عن النبي. وينقسم الجيران من حيث الحقوق الواجبة تجاههم إلى ثلاثة أقسام: جار له حق واحد، وهو المشرك، له حق الجوار، وجار له حقان، وهو الجار المسلم، له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له ثلاثة حقوق، هو الجار المسلم له رحم، له حق الجوار، وحق الإسلام وحق القربى، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجيران ثلاثة: جار له حق واحد وهو أدنى الجيران، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق». ونظرا لموقع الجيرة المهم في الشريعة الإسلامية وفي بناء النظام الاجتماعي الإسلامي فقد اهتم القرآن الكريم بحق الجيرة والجيران ونبه المسلمين إليها، بل شدد في ذلك مؤكدا على حقوق جميع الجيران دون استثناء أيا كانت منزلة هذا الجار ودينه وجنسه، قال تعالى: (... وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ...)، «سورة النساء: الآية 36». ... المزيد
مشاركة :