القرار المتعلق بإعفاء الشركات المدرجة من الإفصاح عن القوائم المالية الأولية للربع الرابع من السنة المالية الحالية وجد ردود فعل متباينة منها المؤيد ومنها المعارض ومنها المنزعج. هذا الإعفاء في رأيي لا يصب أبداً في صالح السوق المالية، ويمضي بخلاف عقارب الساعة من حيث مستويات الإفصاح والشفافية بدلاً من أن يقفز إلى الأمام ويتم تطويرها إلى المستوى المأمول بما يلبي الطموحات ويشبع حاجات المستثمرين نحو مساعيهم لاتخاذ قراراتهم الصائبة المتعلقة بمراكزهم الاستثمارية. الحقيقة إن الإعفاء جاء بمبررات قد لا تكون مقنعة، وربما أن الهيئة ترى ما لا يراه الآخرون، وذلك من حيث إنه مناسباً لهذه الفترة المالية، أي الربع الرابع، لكن لو تم تركيبة بالمقاس على الشركات المساهمة المتعثرة لكان مناسباً لها، فهي عادة ما تتأخر في إعلان قوائمها المالية سواء أولية أو مدققة، وتواجهها صعوبات في الوفاء بالوقت المحدد للإفصاح عنها سواء بسبب تحفظ محاسبيها القانونيين في بعض الأحوال، أو بسبب سوء الأوضاع المالية الصعبة والخسائر المتراكمة التي نتجت من سوء الإدارة وتصريف أحوال الشركة. لا دلالة لتطبيق هذا الإعفاء على الشركات المساهمة المنضبطة مالياً وإدارياً والتزاماً بمواعيد الإفصاح؛ حيث إنها نادراً ما يُسجل عليها فروق "جوهرية" بين القوائم المالية الأولية والمدققة، لأن لها سمعة طيبة في السوق المالية وتتمتع بإقبال من المستثمرين على شراء أسهمها، وذلك لأسباب كثيرة ومنها أنها اعتادت على الالتزام بمواعيد مبكرة لإعلان قوائمها المالية الأولية، ويصعب على المستثمرين أن تخالف ما اعتادت عليه من إضفاء الطمأنينة على السوق المالية عموماً لدى إفصاحها المبكر. باختصار القوائم الأولية هي بمثابة ترمومتر الحرارة الذي يقاس فيه عن التشخيص الأولي لصحة المريض ولا يمكن للطبيب الاستغناء عنه ولو لمرة واحدة، وهكذا هو الحال لا يمكن للمستثمرين الاستغناء عن القوائم الأولية حتى ولو للربع الرابع فقط.
مشاركة :