الهيئة العامة للترفيه ما ينتظرها وما يُنتظر منها

  • 11/17/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نتظر هيئة الترفيه الدور الأكثر جدلية، وهو تهيئة المجتمع لقبول صناعة الترفيه وثقافته، والموازنة بين عادات المجتمع وتقاليده، وتنوعات مسارات الترفيه، وإبداعاتها إثارة الدهشة، وملامسة مواطن الإبهار لإسعاد البشر، أضحت من مهام الدول التي تحب شعوبها وتحترم مواطنيها. والترفيه اليوم، ضرورة عصرية، وسلوك بشري صميم مع الوفرة والملاءة المالية والرفاهة التي بسطها الله في أيدي كثير من الناس حول العالم، لذا وجب أن يتم التعامل معه على أنه رافد مهم من روافد العمران الحضاري والبشري. كما يشكل الترفيه اليوم، مرتكزا رئيسا في اقتصاديات بعض الدول، وغني عن القول: إن صناعة الترفيه أصبحت أحد محاور الخطط التنموية للدول، وجالبة لكثير من العقول ورؤوس الأموال، والدخل غير المحدود أيضا. ولم يعد الترفيه حكرا على البلدان المتقدمة، بل غزا كذلك البلدان النامية التي اضطرت إلى إعادة قولبة ثقافتها على كافة الأصعدة، ليتوافق مع عالم ينتج من وسائل وأدوات الترفيه ما يتجاوز قدرة بعض الشعوب على المتابعة والملاحقة أحيانا. وصناعة الترفيه لا تتوقف عند منتج معين، بل هي حزم غير متناهية من المنتجات تتسع مع اتساع العقل البشري وقدرته على الاختراع والإبداع. والمملكة خطت خطوة واسعة في هذا المضمار حينما أقرت في السابع من مايو 2016، إنشاء الهيئة العامة للترفيه، والتي تعنى بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه، وأَعْتَبر هذا القرار من أهم القرارات التي جاءت داعمة ومستشرفة للمستقبل الزاهر المنتظر (2030)، لما للترفيه المحترف وصناعته من قدرة على إضفاء ميزة تنافسية كبرى للمدن السعودية، وخلقها كبيئة جاذبة لرؤوس الأموال والمشاريع والعقول عالية القدرة والكفاءة. ما زال يَنتظر الهيئة العامة للترفيه الكثير، ويُنتظر منها الكثير، في أرض شبه خالية من الترفية إلا ما يخلقه المواطن لنفسه بأدوات بسيطة، تقوم في معظمها على التجمع البشري. يُنتظر منها، ويَنتظرها، ما قاله الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، لقناة العربية: إن قطاع الثقافة والترفيه سيكون «رافدا مهما جدا في تغيير مستوى معيشة السعودي خلال فترة قصيرة»، وهذا هو المهم. يُنتظر منها، ويَنتظرها، مشروع وقف نزيف جيب المواطن خارج وطنه، إذ إن السعوديين من أكثر شعوب المنطقة استهلاكا للترفيه خارج وطنهم، وهم على رأس قائمة المستهدفين من جماهير المنطقة بالمهرجانات والفعاليات التي تقام في بعض الدول المجاورة، الأمر الذي يدر دخلا اقتصاديا هائلا لتلك الدول من جيب السعودي الذي يقطع مسافات طويلة، ويحجز الفنادق والشقق، ويتكبد مصروفات النقل والإعاشة بحثا عن الترفيه. ويُنتظر من الهيئة العامة للترفيه، ويَنتظرها، تطوير صناعة الترفيه في المملكة، وتحويله إلى صندوق استثماري جالب للمال عبر استقطاب شركاء عالميين، يجلبون معهم الدخل والخبرات والثقافة الولادة. يُنتظر منها، ويَنتظرها، التنسيق الجاد والفاعل مع الجهات ذات العلاقة لتوفير بنية تحتية ملائمة، كالأراضي مكتملة الخدمات، والقروض أو التسهيلات المالية لإنشاء المشاريع الترفيهية، وتهيئة العنصر البشري وتدريبه وصقله عبر تكثيف البرامج التأهيلية التي تصقل مهاراته ومواهبه في هذا المجال. ويَنتظرها الدور الأكثر جدلية وهو تهيئة المجتمع لقبول صناعة الترفيه وثقافة الترفيه، والموازنة بين عادات المجتمع وتقاليده، وتنوعات مسارات الترفيه وإبداعاتها وتجددها المتسارع المستمر الذي لا يعرف التوقف أو اللهاث. يُنتظر منها فك الاشتباك بين مهامها ومهام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والهيئة العامة للثقافة، والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، إذ تتقاطع كل هذه الجهات في بعض المهام، وبعض أعمالها داخلٌ في بعض، وكلها تشترك في منطلق مهم من مهامها وهو الترفيه عن المواطن السعودي، وخلق البيئة الثقافية المحفزة والخلاقة للإنتاج والبناء والعمران. أخيرا، الترفيه جزء مهم للبناء التربوي، والصحة الاجتماعية للإنسان، ويجب أن يؤخذ على محمل الجد، كما فعلت دولتنا «أعزها الله». خالد العضاض

مشاركة :