يعتقد بعض الاقتصاديين أن الخطوط العريضة الخاصة بالأسلوب السوفياتي تشبه النموذج الاقتصادي المتبع في شرق آسيا، وأجرى بعض الاقتصاديين الأميركيين تلك المقارنة سنة 1994، مجادلين في أن «نمور آسيا» كانت حصيلة التراكم السريع للأنواع المتعددة من رأس المال، لا جراء الاستخدام الأكثر فعالية لتلك الموارد. في سنة 1955 بدأ رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو رحلة استمرت 16 يوماً إلى الاتحاد السوفياتي، يومها كان مثل "طفل في محل حلوى"، وإضافة إلى حضوره حفلات باليه البولشوي وضريح ستالين زار نهرو مصانع الجرارات في ستالينغراد، ومصنعاً للحديد والصلب في ماغنيتوغورسك. وفي رسالة تساءل رئيس وزراء الهند عما إذا كان الأسلوب الاقتصادي للاتحاد السوفياتي يمكن أن يساعد العالم على تحقيق السلام والازدهار في العالم. والجواب، طبعاً، كان "لا"، ولكن نهرو استنتج العكس، وعمد إلى دمج أفكار الاتحاد السوفياتي في خطة الخمس سنوات في الهند ورحب بتقديم موسكو للمساعدات والمعدات والخبرة، وبعد سنة من زيارته عمد الروس إلى اقامة مصنع للصلب في ما يعرف الآن باسم ولاية تشاتسيغراه التي أصبحت المزود الرئيس للسكك الحديدية في الهند. ولم تكن تلك وجهة نظر جواهر لال نهرو وحده فقد أثار النموذج السوفياتي اعجاب الكثير من القادة في الدول الفقيرة في العالم، وحتى اليوم – وبحسب تشارلز روبرتسون من رينيسانس كابيتال وهو بنك استثمار – فإن "أكثر من زعيم أشار إلى أن ستالين قد يعتبر مثلاً يحتذى من أجل إطلاق التصنيع" في البلدان الفقيرة، وقد اعتمد الأسلوب السوفياتي على الكثير من الجوانب بحسب روبرت آلن من جامعة أكسفورد مثل الحاجة إلى تحقيق دفعة قوية في ميدان الصناعة والوفرة في قوة العمل في المناطق الريفية والتفوق في الزراعة الجماعية. وجهة النظر السوفياتية كان السوفيات يعتقدون أن التصنيع سوف ينجح ككل أو أنه لن ينجح على الإطلاق، وكانت مصانع الصلب والجرارات في حاجة إلى العمل على نطاق واسع من أجل تبرير التكلفة العالية لتشغيلها، ويعتمد نجاح أي مشروع صناعي على الاستثمار في مشاريع أخرى. ويجادل يفغيني بريوبراجنسكي وهو اقتصادي بلشفي في أن التقدم الواسع كان ضرورياً من أجل النجاح في الميدان الصناعي. ويمكن الحصول على طبقة العمال اللازمة لهذا التقدم الصناعي في المزارع، بحسب رأي السوفيات على أي حال. وكان يمكن للزراعة أن تفقد الملايين من العمال من دون أن يلحق ذلك أي ضرر بالمحاصيل، وكان ذلك صحيحاً لأن بقية الفلاحين كانوا سوف يعملون من أجل اطعام أنفسهم وعمال المصانع الآخرين في الوقت نفسه ، وبطريقة أو بأخرى، كان يتعين أن يتم تحويل الموارد من الريف إلى المدن، وكان أمل القادة السوفيات أن يسهم تنظيم عمل الفلاحين في مزارع جماعية بحيث تصبح أكثر انتاجية، وأسهل لفرض الضرائب. وقد نجح الأسلوب السوفياتي في تصنيع الاقتصاد، وفي الفترة ما بين 1928 و1940 ارتفع انتاج التصنيع بأكثر من 170 في المئة حتى مع دخول بقية دول العالم في مرحلة ركود، ومع بدء الحرب العالمية الثانية كانت روسيا البلد المفضل من قبل رئيس الوزراء الهندي يومذاك، ولكن ذلك التوسع الصناعي لم يحقق صدقية النظريات المتعلقة بالنموذج السوفياتي. وكان على الثورة البلشفية من أجل زيادة انتاج التصنيع بنسبة تصل إلى 170 في المئة أن تزيد الزخم الداخلي الاقتصادي بنسبة أكبر كثيرا، وكان يتعين أن تنمو قوة العمل غير الزراعية بنسبة تقارب الـ 190 في المئة وكمية رأس المال في ذلك القطاع بنسبة 336 في المئة. وبكلمات أخرى كان في وسع السوفيات نقل الموارد إلى المعامل ولكن ليس الحفاظ على الفعالية التي كانت تتبع في استخدامها. والأكثر أهمية أن الفلاحين لم يقدموا شريحة "فائضة" من العمال وإنتاج الحبوب من دون إلحاق ضرر هائل بالاقتصاد وبروز معارضة حادة ومعاناة واسعة النطاق. وتمثل رد فعل ستالين في قتل العديد من المزارعين الذين طالبوا بالحصول على الحبوب بأسعار متدنية، وعمد المزارعون إلى ذبح مواشيهم أو توقفوا عن اطعامها. وكانت تلك الطريقة التي تمثلت في نيل الموارد من الزراعة بالقوة غلطة كارثية وجريمة في أن معاً. وقد هبط الانتاج الزراعي بأكثر من الربع مقارنة مع سنة 1928 وقلص قدرة الدولة على تقديم مخصصات إلى قوة العمل الحضرية. تبدد آمال نهرو هل كان بالإمكان استبعاد ذلك الأسلوب من العنف والاكراه عن الأسلوب السوفياتي كما كان يأمل نهرو؟ نعم، وكان ذلك هو ما اعتقده السيد آلن: لم تكن الطريقة الجماعية في الزراعة ضرورية من أجل تحقيق نمو سريع – حسب رأيه، وحتى ستالين اضطر في ما بعد إلى استعمال اللين والتساهل وأضفى شرعية على الأسواق الزراعية الخاصة كما سمح بملكية فردية لقطع صغيرة من الأرض. وفي حقيقة الأمر، يعتقد بعض الاقتصاديين أن الخطوط العريضة الخاصة بالأسلوب السوفياتي تشبه إلى حد ما النموذج الاقتصادي المتبع في شرق آسيا، وأجرى بول كراغمان وهو اقتصادي أميركي تلك المقارنة في سنة 1994 مجادلاً في أن "نمور آسيا" كانوا حصيلة التراكم السريع للأنواع المتعددة من رأس المال وليس من الاستخدام الأكثر فعالية وكفاءة لتلك الموارد، كما جادل في الآونة الأخيرة بأن الاستثمارات العالية للصين يمكن أن تستمر فقط من خلال تدفق فائض العمال من المزارع، وحذر من أن نقص الفلاحين في الصين قد يفضي إلى انهيار الاستثمار .
مشاركة :