الترجمة هي ممارسة ثقافية وليست تحويلاً حرفياً منظماً للنص الأصلي

  • 11/18/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ما نصيبُ القصة البحرينية من الترجمة؟ وكيف للترجمة أن تكون مقاربة للواقع؟ وهل يتوجب على المترجم قبل الشروع في أي اشتغال، أن يدرس البيئة القصصية؟ كل تلك الأسئلة، وغيرها، مما يتصلُ بميدان الترجمة، وترجمة القصة في مملكة البحرين، استعرضهُ المترجم الدكتور حسن مرحمة، في محاضرتهِ التي قدمها تحت عنوان «نصيب القصة البحرينية في الترجمة»، بملتقى القصة القصيرة، التابع لـ «أسرة الأدباء والكتاب»، أواخر شهر (أكتوبر) الماضي.وانطلق مرحمة، الذي أنجز العديد من الترجمات الأدبية في ميدان القصة القصيرة والشعر، من بداياتهُ في هذا المجال، مؤكداً أن هذه البداية كانت صعبة من حيثُ «الحصول على مواد الترجمة، واختيار القصص، والمعايير التي يبنى عليها الأختيار، إلى جانب التسلسل الزمني للقصص، وتنوع الفكر، وحكم البناء القصصي»، لافتاً إلى أنهُ حرص على أن يغطي تطورات القصة البحرينية منذ بداية القرن الماضي، ليتناول منها ما «يتناسب والمستوى الذي يبحث عنه المتلقي في دول العالم». وبين مرحمة أن الظهور الأولى لهذا الجنس الأدبي، ظهر بالتزامن مع شيوع المقاهي والأندية الشعبية، والجلسات العامة، في منطقة الخليج وفي البحرين على وجه الخصوص، مشياً إلى أن هذه الأمكنة «كانت مركز التقاء الطبقة المتوسطة، التي أسهم في بناء الركيزة الرئيسة في نشوء القصة القصيرة عن طريق تبادل الآراء في المسائل الأدبية أو الاستماع إلى الحكايات الشعبية أو القصص المحلية والعربية، إضافة إلى دور المجلات في البحرين مثل (صوت البحرين) و(صدى الأسبوع) التي كانت تنشر أنباء الأدب من الدول العربية». وشدد مرحمة على أن اكتمال المشهد، لا يتم، إلا عبر ترجمة هذا الأدب إلى اللغات الأخرى، مبيناً أن فن الترجمة، يستدعي على المترجم أن «يدرس البيئة الأدبية بدقة متناهية، قبل أن يسترسل في ترجمة هذا النوع الأدبي»، وهي ذات الخطوة التي ساعدت مرحمة على أن سيكولوجية الكاتب البحريني، وميولاته واتجاهاته الأدبية، إلى جانب تأثير الكتاب العرب على أفكاره، ونجه الأدبي، خاصة «كتاب القصة المصريين، بالإضافة للمدرسة الواقعية والرومنسية، والكتابات ذات الصبغة الأخلاقية، التي كانت تنادي بالعدالة والمساواة، وتطبيق القيم الأخلاقية في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي». وأكد مرحمة أن عملة الترجمة تتطلبُ عاملين ضروريين، «الأول هو الآلية التي بموجبها تعمل الترجمة، وبمعنى آخر هل القصد من العملية هو ترجمة حرفية أم نقل لغوي من نص إلى آخر، أم أن الهدف هو نقل كل ملامح الأدب، والثقافة التي يمثلها النص، أما العامل الثاني فهو استجابة القارئ لهذه النصوص المترجمة»، وقد انتهج مرحمة في اشتغاله، نقل كل ملامح الأدب والثقافة، متحاشياً النقل الحرفي، مبيناً «الترجمة ليست عملية تحويل لغة إلى لغة ثانية، بل في الواقع هي ممارسة ثقافية وعلينا نسيان المقولة التي تدعي بأن الترجمة هي مجرد تحويل حرفي منظم ودقيق للنص الأصلي»، وتابع «هناك علاقة وثيقة بين اللغة والثقافة، وارتباط ديناميكي بين النصين الأصلي والمترجم، إلى جانب قوانين تحدد وتقيد النص الأصلي، وأخرى تحدد صلاحية النص المترجم»، وكل هذه القوانين والضوابط تفيد بأن «الترجمة هي عملية تحول منظم قابل للتغير والتنوع». ويصنف مرحمة القصة البحرينية إلى ثلاث مجموعات، يجد في الأولى، التي تتعلق بالقصص المكتوبة في الخمسنيات، «تمايز من حيثُ بنائها الصلب، ومستواها الرفيع بالمعنى الحديث»، أما المجموعة الثانية من القصص التي كتبت بعد الستينات فإنها «تمثل قمة نضج القصة القصيرة البحرينية المعاصرة من فن السرد الروائي والأسلوب والفكرة العامة واستخدام العناصر الروائية وهي تتنوع بين الواقعية والرومانسية بفروعها كالمغامرة والحب والتمرد»، وفي المجموعة الثالثة «تتخذ القصص مساراً معاكساً للواقعية والرومنسية». ويلفتُ مرحمة إلى أن تصنيفهُ ليس مطلقاً إنما «حاولت أن أنقل للقارئ الناطق بالإنجليزية صور من القصة البحرينية المعاصرة بملامحها الثقافية والاجتماعية والسيمائية، كما كانت محاولة لإلقاء الضوء على بعض النقاط فيما تتعلق بترجمة القصة البحرينية القصيرة إلى الإنجليزية وأهمها أن القصة البحرينية وصلت مرحلة الاستحقاق والتقدير ومن الضروري أن يتذوقها القارئ الأجنبي».

مشاركة :