أهالي الموصل القديمة متوجسون من العودة إلى ديارهم

  • 11/18/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

سكان المنطقة القديمة في غرب المدينة غير قادرين على العودة لأسباب عدة بدءا من المنازل المدمرة وصولا إلى الخوف من “الخلايا النائمة”. يقول حسين فالح (29 عاما) العاطل عن العمل حاليا والذي يسكن حي النور في الجهة الشرقية من ثاني أكبر مدن العراق “أتمنى العودة إلى غرب الموصل وترميم بيتنا المهدم بما تيسر (…) لكن القوات الأمنية لا تسمح لنا”. وأعلنت القوات العراقية في العاشر من يوليو الماضي استعادة مدينة الموصل بعد تسعة أشهر من المعارك الدامية، قبل أن تفرض سيطرتها نهاية أغسطس على كامل محافظة نينوى. ومذّاك الحين تسعى العائلات الموصلية إلى العودة إلى منازلها في المنطقة القديمة، لكن الخوف والرعب من الألغام والعبوات الناسفة وفلول تنظيم الدولة الإسلامية، كلها عوامل تحُول دون ذلك. وتعرّضت المنطقة القديمة، على الضفة الغربية من نهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى نصفين، لدمار كبير جراء المعارك وقصف الطيران العراقي وطيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وتبدو الأضرار جسيمة خصوصا في منطقة القليعات، وهي التلة التاريخية التي بنيت عليها الموصل في العام 612 قبل الميلاد وحيث كانت منازل تقليدية من الجص والخشي وكنائس ومساجد تعود إلى المئات من السنين. في شوارع المدينة حيث تتكدس الحجارة وأثاثات البيوت، لا تزال الحياة بعيدة كل البعد. فصارت ملاذا لأعشاش الطيور، إذ غابت أي معالم للأزقة والشوارع، ولم تبق إلا أطلال مآذن وقبب جوامع، والبعض من آثار الشناشيل التاريخية التي تتميز بها الهندسة العمرانية في المنطقة. يشير حسين، وهو أب لثلاثة أطفال، إلى أنّ “الساحل الأيمن غرب الموصل منكوب… وأنّ المئات من العائلات أصبحت الآن مشردة” من المدينة الواقعة على نهر دجلة الذي ينساب تحتها منذ المئات من السنين وقلّ ماؤه الآن كأنه يعلن الحداد على الخراب. وتعدّ المنطقة القديمة مركزا أساسيا للبعض من المهن الشعبية التي يعتاش عليها أهالي الموصل، كصيد الأسماك وصناعة خبز التنور والألبان والحلويات والقوارب وأعمال يدوية خشبية. لكن شيئا لم يبق من ذلك إلا بعض الشواهد من المعدات المدمّرة والمتناثرة قرب جدران لا تزال تحمل كتابات غير واضحة خطها الجهاديون. تحت تلك الأنقاض، رعب وخطر لا يزالان يحدقان بالمدينة وأهلها.الرؤية لا تزال غير واضحة يقول عضو مجلس محافظة نينوى خلف الحديدي إن “عددا من عناصر تنظيم داعش ما زالوا مختبئين في سراديب المنطقة غير المطهرة”. ويضيف أن هؤلاء “يعتاشون على مخزونهم من الأغذية والمياه. لقد تمكّنت القوات الأمنية من قتل عدد منهم أثناء عمليات تفتيش، لكنها تتكتم أحيانا في تصاريحها حيال هذا الموضوع”. يؤكد أهالي المنطقة ذلك، ومنهم أحمد جاسم (35 عاما) من حي الزنجيلي في غرب الموصل أن “القوات الأمنية عثرت قبل مدة على أحد عناصر داعش مختبئا في سرداب بيت في المنطقة القديمة”. ويضيف رب العائلة المكوّنة من خمسة أشخاص “لذلك لا تسمح لنا القوات الأمنية بالعودة إلى منازلنا إلا بعد تطهيرها، خصوصا بعد مقتل عدد من المدنيين بعبوات ناسفة”. يقول الباحث الاجتماعي حامد الزبيدي إن تأخير إعادة إعمار الموصل قد يتسبب في مشاكل أمنية واجتماعية وبيئية يصعب حلها. ويعتبر الزبيدي، أن “على الحكومة العراقية الإسراع بحل أزمات ومشاكل الموصل وعموم محافظة نينوى”، مضيفا أن “إهمال إعمار المدينة سيؤدي إلى تدهور أمنها من جديد في ظل وجود خلايا نائمة”. لكن رغم ذلك، يصرّ قائد شرطة نينوى العميد الركن واثق الحمداني على أن “الوضع الأمني مستقر” في شرق المدينة و”يحتاج وقتا لفرضه” في غربها. ودعا الحمداني “النازحين الى العودة إلى الموصل”، مشيرا إلى “عودة 95 في المئة من أهالي الساحل الأيسر (شرق)”. من جهة أخرى، يلفت رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس محافظة نينوى غزوان الداؤوي إلى عودة “أكثر من 39 ألف عائلة الى مناطق مختلفة من غرب الموصل” منذ إعلان فرض السيطرة على كامل نينوى، ما عدا المدينة القديمة. وبلغ الخوف بالسكان في تلك المنطقة حدّ تخيّل سماع أصوات نساء وأطفال يبكون ويصرخون خلال الليل، بحسب البعض من الروايات. ويقول سائق سيارة الأجرة صالح علي (50 عاما) “سمعت تلك الأصوات عند مروري بالسيارة في شارع الكورنيش المقابل للمنطقة القديمة”. لكن أم محمد، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 33 عاما، تقول إن هذه “هذه مجرد شائعات ولم يتأكد أيّ واحد من صحتها… ربما ليست إلا أصوات صفير الهواء وهو يعبث ببقايا الأبنية المهدمة”.

مشاركة :