المغرب: النقابات ترفض اقتراحاً لرفع سن التقاعد إلى 67 عاماً

  • 11/18/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عاد ملف أزمة صناديق التقاعد إلى الواجهة في المغرب بعد صدور تقرير جديد من المجلس الأعلى للحسابات يعتبر الإصلاحات الأخيرة المطبقة في الصندوق غير كافية لمواجهة كلفة الأعداد المتزايدة من المحالين على التقاعد خلال السنوات المقبلة، ما يتطلب إصلاحات جديدة لتفادي إفلاس الصندوق المغربي للتقاعد قبل عام 2030. واقترح المجلس الأعلى للحسابات، وهو مؤسسة دستورية مستقلة عن الحكومة، رفع سن الإحالة على التقاعد إلى 67 عاماً في شكل تدريجي، من 63 عاماً التي شرع في تنفيذها بمعدل إضافة 6 أشهر عن كل سنة في الإصلاح السابق. واقترح أيضاً زيادة قيمة المساهمات لمعالجة الخلل المالي التراكمي الذي أعلن المجلس أنه سيبلغ 20 بليون درهم (2.1 بليون دولار) بحلول عام 2021، ونصح بإبقاء العجز المالي عند 6 أو 7 بلايين درهم فقط بحلول عام 2020، وتأجيل الصعوبات المتوقعة في الصندوق إلى عام 2028، عندما سيرتفع العجز التراكمي إلى 21 بليون درهم، أي أن الصندوق سيوزع 45.5 بليون درهم من المعاشات، ولن يحصل سوى على 24.3 بليون من المساهمات من العاملين النشطاء. وتشير المعطيات المتوافرة إلى أن «الصندوق المغربي للتقاعد»، الذي يغطي أجور العاملين في الإدارات والقطاع العام، البالغ عددهم نحو 800 ألف شخص، يحوي حالياً نحو 81 بليون درهم، وقد يتحول هذا الرصيد إلى سالب 25.7 بليون درهم عام 2028، ما يعني الإفلاس، في حال الإبقاء على الوضع الراهن، والاكتفاء بالإصلاحات التي اعتمدتها الحكومة السابقة برفع سن التقاعد، وخفض قيمته، وزيادة المساهمات من أجور الموظفين. وأشار الصندوق أن عدد المحالين إلى التقاعد سيرتفع بوتيرة سريعة مطلع العقد المقبل لأسباب ديموغرافية، ولن تكفي الوظائف المستحدثة في القطاع العام لتغطيته، ما سيخلق سوء توازن بين إيرادات الصندوق ونفقاته. وتشير الأرقام إلى أن قيمة المعاشات ستقدر بنحو 33 بليون درهم والموارد بـ23.4 بليون عام 2025، وقد يصل الفارق بين الدخل والإنفاق إلى 21 بليون درهم عام 2028، مقارنة بـ 5.4 بليون خلال العام الحالي. وسُجّل العجز الأول في حسابات «الصندوق المغربي للتقاعد» عام 2014. وينصح المجلس الأعلى للحسابات بدمج صناديق التقاعد الأربعة وتحويلها إلى صندوقين، أحدهما للقطاع الخاص والأخر للقطاع العام، بانتظار إقرار صندوق مشترك وتغطية جميع العاملين في المغرب. ولا تشمل التغطية الاجتماعية، بما فيها معاشات التقاعد، سوى ثلث العاملين في المغرب، المقدر عددهم بنحو 11 مليون شخص، ولا تشمل كذلك فئة العاطلين من العمل المقدر عددهم بـ1.3 مليون شخص، معظمهم يحمل شهادات جامعية، كما لا تشمل فئة المزارعين والتجار الصغار والمهنيين والحرفيين. وتعارض النقابات العمالية بشدة اقتراحات المجلس الأعلى للحسابات، وتعتبرها غير واقعية ولا تأخذ في الاعتبار الحقائق الديموغرافية التي تجعل 33 في المئة من سكان المغرب دون سن الثلاثين، وهي فئة عريضة من الشباب المتعلم والمتمكن من التكنولوجيات الحديثة والباحث عن عمل، وتهدد باللجوء إلى التظاهر والإضراب العام على غرار ما فعلته مع الحكومة السابقة. وتعتقد النقابات أن تحسين مناخ الأعمال وتحديث الإدارة المغربية وزيادة الإنتاجية والتنافسية وتأهيل الاقتصاد الوطني للاندماج في الاقتصاد العالمي والرهان على الوصول إلى مصاف الدول الصاعدة والأسواق الناشئة، يحتاج إلى كفاءات ودماء جديدة أكثر تعلماً وحداثة وعولمة، لا الاحتفاظ بآلاف الموظفين المسنين في مكاتبهم، من دون رغبة أو حماسة أو اقتدار. وتحمّل النقابات الحكومات المتعاقبة مسؤولية سوء إدارة صناديق التقاعد على مدى عقود، وتطالب بفتح تحقيق شامل ومحاكمة المتورطين في فساد «الصندوق المغربي للتقاعد»، وتحميل المسؤولية للدولة التي لم تسهر على حماية حقوق العاملين وعائلاتهم. وكان البرلمان المغربي أصدر قبل سنوات تقريراً عن نتائج لجنة تقصي الحقائق في «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»، أكد فيه وجود اختلالات وسوء تدبير واختلاسات تجاوزت قيمتها الافتراضية 140 بليون درهم على مدى 40 سنة، لكن المحاكمات عرفت تعثرات وتعقيدات وتم تناسي الملف مع الزمن. ويتداخل الإداري والمالي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني وحتى البورصة والديون الداخلية وبعض التمويلات المشبوهة في ملفات التقاعد، ويعتبر صندوق النقد الدولي أن تمويل العجز من موارد الخزينة أمر غير مقبول، كما أن إفلاس الصندوق أمر لا يمكن السماح به اجتماعياً، وزيادة سنّ الإحالة إلى التقاعد إلى 67 عاماً يعتبر حلاً غير نافع اقتصادياً وغير مرغوب فيه اجتماعياً.

مشاركة :