«الـزلازل» تحرك مفاهيم الوعي تجاه التعامل مع الكوارث الطبيعية

  • 11/19/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أثارت الهزات الأرضية التي تكررت خلال الفترة الماضية في جنوب المملكة مخاوف السكان هناك، إضافة إلى الزلزل القوي الذي ضرب أجزاء من إيران والعرق والكويت، ووصل ارتداده إلى المناطق الشمالية من المملكة، وفتح العديد من التساؤلات والتكهنات المجتمعية وكذلك الشائعات حول تكرار هذه الهزات ومدى وعي المجتمع بكيفية التعامل مع هذه الأحداث إلى جانب مدى قدرة المباني السكنية والمنشآت الرسمية في مقاومة ما قد ينتج عنها من أضرار إلى غير ذلك من أسئلة وأحاديث كانت مثار الشارع خلال الفترة الماضية.. "الرياض" تفتح ملف "الزلازل" والهزات الأرضية في المملكة عبر هذا التحقيق، لا سيما وأنها أصبحت حديث الكثير من المهتمين والمختصين والمواطنين مع تكرار وقوعها خلال الفترة، والتنبؤات، والتوقعات التي تقدم بشكل غير صحيح الأمر الذي يسهم في حدوث الخوف والقلق لدى المواطنين. إطلاق حملات توعية وتثقيف لطلاب المدارس وموظفي الأجهزة الحكومية بكيفية التصرف أثناء الزلازل البعض من المختصين تحدثوا عن مؤشرات تقول بأن أقوى الزلازل المتوقع حدوثها خلال 50 عاماً القادمة بالمملكة ستبلغ قوتها 6٫5 درجة بمقياس ريختر، إلا أن المساحة الجيولوجية السعودية تؤكد بأن تلك التنبؤات، والتوقعات غير صحيحة، ولا يمكن التنبؤ بالهزات الأرضية لا بمكانها، ولا زمانها. ومع ذلك بدأت بعض الجهات بعقد دورات توعوية، وتثقيفية في شمال المملكة وجنوبها، وغربها، وشرقها تلافياً لخطر الهزات الأرضية، والزلازل لتثقيف المواطنين بكيفية التصرف أثناء وبعد الهزات الأرضية، والأشياء الواجب توفرها معهم أثناء حدوث الهزات الأرضية. وفي الوقت الذي ذكرت فيه مصادر تاريخية وقوع زلازل قبل الألف عام الماضية، وشعر بها الأهالي في داخل حدود المملكة، وعُرفت أماكن وقوعها بشكل تقريبي جداً نظراً لانخفاض عدد السكان وقلة السجلات في الماضي، إلا أن الإحصاءات الحالية تشير إلى أن السجلات التاريخية حول الأنشطة الزلزالية غير مكتملة إلى حدٍ كبير، حتى بالنسبة للزلازل التي بلغت قوتها 6 درجات أو أكبر من ذلك. ووثقت الأحداث بشكل جيد وقوع أحد الانفجارات البركانية، أو تدفق الحمم البركانية في حرة رهاط قرب المدينة المنورة في عام 654 هـ (1256م)، الذي صاحبه نشاط زلزالي ملحوظ ولا تزال هذه المنطقة تشهد نشاطاً زلزالياً منخفضاً حتى الآن. وبحسب السجلات التاريخية فإن آخر حدث زلزالي مهم هو زلزال "حقل" الذي وقع عام 1995 م في خليج العقبة (بقوة 7.3 عزم زلزالي) نجم عنه أضرار كبيرة أثرت على المدن الواقعة على جانبي خليج العقبة، وشعر به الناس على بعد مئات الكيلومترات، إضافة إلى أن الزلازل التي تبلغ قوتها 6 درجات وتحدث على طول محور البحر الأحمر، لا يشعر بها أهالي المدن الواقعة على جانبي البحر الأحمر، إلا أنها قد تشكل خطراً محسوساً على البنية التحتية. وفي الآونة الأخيرة، وقع زلزال متوسط في عام 2009 قوته 5.4 درجات في حرة الشاقة (لونيير) إلى الشمال من مدينة ينبع، مرتبط بنشاط الجسم الصهاري في أعماق القشرة الأرضية الضحلة، وعلى الرغم من أنه لم تحدث سوى أضرار طفيفة في الممتلكات، إلا أنها تشير إلى احتمال حدوث بعض المخاطر المرتبطة بالزلازل في الدرع العربي. ومنذ أواخر عام 2007 حدثت هزات الأرضية بلغت أكثر من 30 ألف هزة في حرة الشاقة (لونيير)، وهي حقل من الطفوح البركانية البازلتية تابعة للعصر الجيولوجي الهولوسيني وتقع غرب المملكة شمال شرق مدينة ينبع. المملكة ليست بمنأى عن الزلازل أوضح المتحدث الرسمي لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية طارق أبالخيل، أن المملكة ليست بمنأى عن الزلازل، مشيراً إلى أن المركز الوطني لرصد الزلازل، والبراكين يرصد باستمرار هزات أرضية، ولكنها ضعيفة، وغير محسوسة ولله الحمد، ولا أحد يشعر فيها، موضحاً أن ذلك بسبب وجود الفالق في البحر الأحمر. وفيما يتعلق بالحديث عن أن هناك مؤشرات تقول بأن أقوى الزلازل المتوقع حدوثها خلال 50 عاماً القادمة بالمملكة ستبلغ قوتها 6٫5 درجات بمقياس ريختر، أكد أن تلك التنبؤات، والتوقعات غير صحيحة وهي خطأ، مشيراً إلى أن جميع تلك التوقعات تحدث بأمر الله، ولا يمكن التنبؤ بالهزات الأرضية لا بمكانها، ولا زمانها. وأكد أن الزلازل البركانية فيها مؤشرات من خلال متابعة الغازات، مشيراً إلى أن فيها نسباً معينة ممكن تسبب زلازل حيث يتوقعها الجيولوجيون، والخبراء في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بالمركز الوطني لرصد الزلازل، والبراكين بعد متابعة البراكين، وارتفاع غاز "الرادول"، وأشياء علمية ممكن يتوقعون حدوث زلزال بسبب البركان، موضحاً بأن جميع الفوهات البركانية، والجبال البركانية في المملكة خامدة. حملات توعوية وتثقيفية: وكشف عن إطلاق هيئة المساحة الجيولوجية السعودية حملة توعوية، وتثقيفية في 25 / 1 / 1439هـ لتثقيف المواطنين على التعامل مع الهزات الأرضية قبل، وبعد وقوعها، لافتاً إلى أن تلك الحملات بدأت في منطقة تبوك، ثم محافظة جدة، مشيراً إلى أنه كان من المفترض أن تكون في مكة المكرمة لكن بسبب الهزات الأرضية التي حدثت في محافظة النماص خلال الأيام الماضية تم تغيير الجدول، والتوجه إلى النماص لتنفيذ حملات توعوية، وتثقيفية في كيفية التعامل مع الهزات الأرضية. وأشار إلى أن حملات التوعية ستتواصل الأسبوع القادم، حيث سيتم تنفيذها في محافظة ينبع يليها منطقة المدينة المنورة، ومن ثم المنطقة الشرقية، مشيراً إلى أن تلك الحملات ستشمل جميع مناطق المملكة خلال الفترة المقبلة. وقال: "بدأنا بالشريحة الأكبر، وهي طلاب المدارس، تليها الجامعات ومن ثم ورش عمل في الدوائر الحكومية، وستستمر لتثقيف الناس، والمواطنين بكيفية التصرف أثناء وبعد الهزات الأرضية، والأشياء الواجب توفرها معهم أثناء حدوث الهزات الأرضية". صدوع عرضية تحدث المختص في إدارة الكوارث المهندس رفعت باسروان، عن الهزات التي حدثت في النماص، وقال:"في الحقيقة أميل إلى التوضيح الذي صدر من مركز الزلازل الوطني، والذي حدد أن سبب الهزة هو وجود 3 صدوع اثنين عرضية من الشمال للجنوب، وآخر موازٍ للفالق الزلزالي للبحر الأحمر". وأضاف:" نظراً للنشاط الواضح هذه الأيام تأثرت الصدوع بالمنطقة، وحدث الزلزال بالنماص، وبأي حال من الأحوال فالحمد لله أن قوة الزلزال على مقياس رختر لم تتعدَ 4 درجات، والذي يصفه المقياس (بأنه زلزال يشعر البشر بهزة مع تحرك الأشياء، وظهور صوت للزلزال، ولكنه لا يسبب ضرراً)". وحول ما يتردد عن قرب مرحلة الخطر بخصوص ارتفاع درجات الزلازل في الدول المجاورة للمملكة، أشار إلى أن المملكة يحيط بها من ناحية البحر الأحمر فالق زلزالي يمتد على طول البحر الأحمر في منتصفه من الجنوب للشمال، وهو فالق تباعدي للصفيحتين الافريقية، والدرع العربي، وينتج عنها اتساع البحر الأحمر بمعدل واحد إلى اثنين سنتيمتر سنوياً، وتكثر فيه الهزات ولكنها ضعيفة. وأكد أنه من ناحية شمال المملكة يوجد التقاء انزلاقي مع الصفيحة الافروآسيوية، وينتج عنها هزات بين فترة، وأخرى تضرب العقبة، والمناطق المجاورة. ولفت إلى أنه ومن ناحية الخليج العربي، فالفالق يمتد موازياً للخليج، ولكن عند جبال "زاغروس"، وأراضي إيران، مشيراً إلى أنه وعند حدوث زلازل بهذه المناطق فإن بعدها عن أراضي المملكة يجعل قوة تأثيرها على المملكة محدوداً، ولا يمثل خطراً عالياً. وفيما يتعلق بالكود السعودي للبناء وهل هو مقاوم للزلازل والهزات، أوضح باسروان بأن الكود السعودي للبناء هو نتاج ثمرة جهود كبيرة لأعضاء اللجنة الوطنية، ولجانها الفنية المتعددة، ومشاركة القطاعات الحكومية المتعددة، والخاصة والتي ساهمت، وقدمت كل ما تستطيع لإنجاز هذا العمل العلمي والمهني الكبير. وتابع: "تبرز أهمية تطبيق الكود السعودي على ما سيحققه من السلامة والصحة العامة، والاستدامة الدائمة للمباني، والحفاظ عليها، ويرتقي إلى مكانة البلدان المتقدمة في البناء، والتي حققت نهضة عمرانية متقدمة، إضافة إلى أنه سيحدد أسس، وطريقة اختيار الدراسات الصحيحة، والاقتصادية والأساليب الملائمة بما يتلاءم مع طبيعة تضاريس وبيئة المملكة". سلامة الإنشاءات وأكد أن الكود السعودي للبناء يتميز بأنه صمم ليضمن سلامة الإنشاءات من مرحلة التصميم إلى مرحلة التسليم، مشيراً إلى أن أهم المعايير التي اعتمد عليها هو أخذه في الاعتبار لخواص المواد، والظروف الطبيعية المحلية، ومتطلبات الحماية من الحريق، والأخطار الطبيعية كالزلازل، والرياح، وغيرها من الظروف، إضافة إلى مراعاة سلامة المنشأة في حالة لا قدر الله تعرض الموقع للزلازل. وشدد باسروان على أنه من الصعب، أو حتى المستحيل التنبؤ، وتحديد وقت لحدوث زلزال، أو تقدير شدته في مكان ما، موضحاً أن كل ما توصل له العلم هو مجرد توقعات تبنى على تسجيلات سابقة لتعرض منطقة ما لزلازل خلال 100 سنة سابقة، أو أكثر، ووضع حسابات تكرارية تتوقع فرضية تكرر الزلزال، ولكن هي فرضيات فقط لا يعتمد عليها للجزم بتوقع حدوث زلزال. وأوضح أن التوعية للجيل الناشئ بالمدرسة عن إجراءات السلامة عامة هي من أساسيات رؤية المملكة، وخطوة صحيحة لتطور المجتمع للوصول إلى جيل يتمتع بكامل الصحة، والأمان. وأضاف أن الزلازل هي نوع من أنواع الكوارث المهددة لسلامة المجتمع، والتدرب على كيفية التعامل معها من الأمور المهمة، لا سيما وأن العالم أصبح قرية واحدة كبيرة، وإن لم يحتجها الفرد هنا بالمملكة فقد يحتاجها، وهو خارج المملكة مثلاً في رحلات إجازة، أو ابتعاث، مشدداً على أهمية برامج التوعية. وأكد أن مركز الزلازل الوطني ممثلاً في وحدة التوعية، والتثقيف تقوم الآن بجولات على المدارس في بعض المناطق للتعريف، والتثقيف بكيفية التعامل مع الزلازل. طلاب المدارس بحاجة للتوعية في سبل التعامل مع الكوارث الطبيعية طارق أبالخيل م. رفعت باسروان

مشاركة :