ساعات طوال من الصبر والعمل تدفقت عبر أنامل الفنان القطري عبدالسلام عبدالحليم القاضي لإنجاز لوحة من أحجار الكريستال بالغة الدقة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، عبّر فيها عن شعوره تجاه الوطن وسمو أمير البلاد المفدى بأسلوب فني خاص به، ميزه عن جميع وسائل التعبير الأخرى، وأراد عبرها التميز بالتعبير عن شعوره الوطني، مستحضرا ًموهبة خاصة في فن أصيل يعتمد على الرسم باستخدام أحجار كريمة دقيقة ومتناهية الصغر.وفي لقائه بـ «العرب» قال القاضي إنه قضى ساعات في استخدام آلاف أحجار الكريستال «سواروفسكي» في رسم اللوحة، وعرض عدداً من معداته التي يستخدمها في صناعة لوحاته، وهي معدات يدوية بالكامل، لافتا أن هذا الفن قديم ويتميز بقدرة الفنان على تحويل الصورة إلى أمر محسوس، وأنه لا يبحث عن الطريقة السهلة في إبراز خطوط اللوحة لرمز وطني جامع، بل اختار الطريقة الصعبة المنال، والتي كلفته الكثير من الجهد والوقت والمال. وعن بدايات عمله الفني أوضح القاضي أنه بدأ منذ خمس سنوات البحث عن طريقة كفيلة بحفظ ما يجول في خاطره لسنوات طويلة، وأنه اهتدى إلى هذه الطريقة في أحد أسفاره. وعزا الفنان القطري، الفضل في إصراره على القيام بمهمة رسم سمو الأمير، باستخدام آلاف أحجار الكريستال، إلى حادثةٍ جرت مع والده عبدالحليم القاضي اللاعب بنادي النجاح ولاعب المنتخب القطري في خمسينيات القرن الماضي، فبينما كان والده يستمع إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أمام مجلس الشورى عام 2104، تأثر بعبارات استخدمها سموه من كلام الشيخ المؤسس، وتمنى والده لو يعبّر له عما بدواخله من مشاعر جياشة أمامه مباشرة. وتابع عبدالسلام القاضي: «وعدت والدي بأني سأقوم بعمل مميز .. وبدأتُ البحث عن عمل غير تقليدي ومميز، وأعجبتني فكرة تصميم لوحات كريستالية، ومع الوقت أصبحت أحد ثلاثة أشخاص يتقنون هذا الفن المعقد، وبدأت تعلم هذا الفن على يد الأستاذ عصمة الله، الخبير بفن ترصيص الكريستال من جمهورية الهند، ودرست فترة طويلة وسافرت إلى الهند وتايلند وماليزيا، وحصلت على شهادة من الأستاذ عصمة الله تفيد بإتقاني لهذا الفن، وأن دقتي في تشكيل اللوحات من الكريستال عالية، ثم بدأت باستيراد الكريستال «سورافسكسي» المصنع في أستراليا، فلهذه الكريستالات 60 لوناً، ما يمنح الفنان مرونة في تشكيلها، ورغم أنه أقل من الماس بدرجتين أو ثلاث إلا أنه يتمتع بالدقة والصفاء». ورغم درجة الإتقان التي بلغها، يقول الفنان في تواضع:ما زالت متعلماً لهذا الفن، منوها أن ما يميز هذه اللوحة -بحسب انطباعات الجمهور الذي زار موقعها في صالة استقبال فندق «الشيراتون» بالدوحة- هو القدرة على تلمس اللوحات. وعن صناعة اللوحة قال القاضي إنه استخدم لوح «الفايفر» لوضع آلاف «الكريستالات» وفق نسق محدد، وعملية حسابية دقيقة، ثم وضعت اللاصق العادي تحت الشبك وتحت «اللوح»، وأوضح أن هذا الفن كفيل بأن يبقي اللوحة سليمة مدى الحياة. وتابع: «أنهيت اللوحة الأولى وقررت إهداءها لأمير البلد المفدى بمناسبة كأس سمو الأمير، وصنعت اللوحة الثانية أيضاً واحتفظت بها، ولكن مع وفاة والدي تركت هذ المجال الفني لفترة، إلا أن والدتي وقفت بجانبي وساندتني وأصبحت مصدراً للقوة والصبر، وعدت لعمل لوحاتي، وعندما كنت أنهي إحداها كنت أضع يدي على عيون والدتي ثم أفاجئها بلوحتي، وبعد أن تعطيني رأيها في اللوحة أقوم إما بتعديلها أو بعرضها للعلن، ومع ما تمر به البلاد من حصار ظالم، قررت وضع اللوحة المعبرة عن رمزية الولاء لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في مكان بارز ليراه المواطنون والمقيمون وزوار دولة قطر». وتابع : «اللوحة الكريستالية تتميز بالخطوط الأساسية الرئيسية عبر الرسم ثم تحديد النقاط المتصلة بين خطوط اللوحة والأرقام التي ترص الكريستالات بالغة الدقة بناءً عليها في اللوحة، فالأمر يحتاج إلى عمليات حسابية معقدة، فلتشكيل اللوحة الأولى استعملت 35517 حجر كريستال في اللوحة المعروضة في مجمع «فيلاجيو» التجاري، واللوحة الثانية المعروضة حالياً في فندق الشيراتون استعملت 35773 حجر كريستال. وقال إنه لا يخشى المنافسة في هذا المجال الفني، لأنه معقد للغاية ويحتاج إلى صبر طويل، وأنه لم ينم لتحقيق اللوحة إلا ساعة واحدة يومياً، مشيرا أنه تلقى التشجيع من عائلته، ووالدته وأبنائه الذين يرون كجميع القطريين في حضرة صاحب السمو النموذج والقدوة. وأضاف القاضي أن اللوحة الكريستالية، كغيرها من وسائل التعبير الفني، ما هي إلا رسالة حب للوطن وأميره، وأن ما يجعله سعيداً كأحد الفنانين القطريين هو الابتسامة على وجوه كل من رأى العمل الفني للوحة سمو الأمير ، وأن إنجاز هذه اللوحة تعبير عما يشعر به تجاه صاحب السمو أمير البلاد المفدى. وتابع القاضي: «ما زلت أفضل استخدام الأدوات اليدوية في إنجاز لوحاتي بدلاً من استخدام المعدات مثل المسدس اللاصق، وأن لوحاتي تختلف عن لوحات الآخرين، وأن ما يميزها احتفاظها برونقها لفترة طويلة من الزمن، وهي غير قابلة للخدش أو الكسر بالشكل غير المباشر، لأن أحجار الكريستال هذه تشابه في صلابتها حجر الألماس». وأعرب عن رغبته بوضع اللوحة في مكان ذي إضاءة خاصة، لإبراز جماليتها، وأن هذه اللوحة تليق بمواقع رسمية، كما أنه يرغب في نقل هذا الفن لآخرين، وأنه بدأ بتعليم أحد أبنائه مبادئ هذا الفن، وأن للفنانين دوراً متميزاً في التعبير عن المشاعر الجامعة تجاه الوطن وأميره، وأن هذا هو الوقت المناسب لذلك. وتابع القاضي أنه يطمح في أن يحمل لوحاته إلى جميع أنحاء العالم، وأنه تلقى العديد من الدعوات من عدد من السفراء والهيئات الدبلوماسية بدولة قطر، ممن رغب بالتعرف عليه، وطلب لوحات شخصية، مبديا رغبته في انتشار هذا الفن الهام في دولة قطر. وقال القاضي إن الظرف الراهن عنوانه الاختبار في التمسك بالوطن والولاء لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأن كل مواطن ومقيم مطلوب منه أن يعبر عن اعتزازه بأمير دولة قطر، وأن يتعالى الجميع على جميع ما تنشره وسائل إعلام دول الحصار، وعلينا أن نحيا كما نشاء بالفرح والأمل بغد أفضل، وبمعرفة كلٍ لدوره. وختم القاضي حديثه بالقول: «تزودت بالعزيمة والإصرار على الهدف في إيصال الرسالة، وهي الحُب والاعتزاز للوطن والأمير.;
مشاركة :