في بدايات القرن الماضي، كانت النسبة الأكبر من أطفال مصر يموتون قبل سن الخامسة؛ بسبب انتشار الجهل والفقر وقلة الإمكانات الصحية؛ لذلك آمنت الأمهات بالخرافات والطب البديل؛ لأنهما الطريق الوحيد لنجاة أطفالهم من الموت، كان الطفل الذى يتجاوز سن الخامسة يكون قد تخطى مرحلة الموت المبكر. لذلك يقام له احتفال لا يحضره إلا الأطفال، كان الطفل صاحب الاحتفال يلبس جلباباً أبيض، ويوضع على رأسه تاج من ريش الأوز الأبيض، ثم يركب بالمقلوب على حمار، ويمسك رجلٌ بالغٌ الحمارَ، هذا الرجل هو الوحيد الذي يسمح له بحضور الحفل من البالغين، ثم يُزف الطفل من عند بيته إلى ضريح الشيخ محمد السدي بمنطقة السيدة زينب الشهير بـ"أبو الريش"، والأطفال يغنون له "يا بوالريش.. إنشا الله تعيش" حتى يصلوا إلى الضريح ويدوروا حوله ثم يعودوا. ولذلك، عندما خُطط لبناء مستشفى علاج الأطفال بالمنيرة سميت "أبو الريش"؛ تيمناً بضريح الشيخ محمد السدي ولقرب الضريح منه. يُعد مستشفى أبو الريش أكبر صرح لعلاج الأطفال بالمجان في مصر، ويضم عدة تخصصات؛ من بينها الكلى، والدم، والباطنة، والأنف والأذن والحنجرة، والغدد، والأمراض العصبية، والسكر، يتألف المستشفى من 3 مستشفيات يكمل كل منهما الآخر ولكن بإدارات مختلفة؛ هي: المستشفى الأساسي ( المنيرة)، والمستشفى الياباني التخصصي، والمركز الطبي الوقائي. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال معاناة أطفال مصر مستمرة بين نقص في الأدوات الصحية والأدوية بالمستشفى، في الوقت الذي لا تُخصص وزارة الصحة ميزانية للمستشفى توفر جامعة القاهرة 17 مليون جنيه من ميزانيتها للمستشفى باعتباره أحد المستشفيات التابعه لها، يحتاج المستشفى ما بين 70 و100 مليون جنيه سنوياً لتلبية احتياجاته، هذا العجز الكبير يتم تغطيته من خلال التبرعات. تقول دكتور رشا عمار المدير العام لمستشفى أبو الريش (المنيرة)، إن المستشفى يستقبل سنوياً نحو 250.000 طفل، بينما يستقبل في اليوم الواحد 50 حالة في قسمي الكلى وزرع النخاع، كما يعاني المستشفى نقصاً كبيراً في المستلزمات اليومية، كذلك توجد أزمة في الموارد البشرية، خاصة بالعمالة الفنية والتمريض، فهناك عجز شديد في التمريض، حيث تصل نسبة الممرضات إلى عدد المرضى 40 مريضاً إلى ممرضة واحدة. المستشفى يعتمد على 70% من نفقاته من التبرعات؛ نظراً إلى انخفاض ميزانية المستشفى التي ترصدها جامعة القاهرة. تتنوع التبرعات ما بين تبرعات عينية وتبرعات نقدية، وتنقسم التبرعات النقدية إلى زكاة المال والصدقه الجارية، تقوم التبرعات العينية بسد الاحتياجات اللازمة للمستشفى أو النقص في الأدوية والأدوات، أكثر الأقسام حاجه للتبرعات هو قسم الغسيل الكلوي، ويبلغ متوسط قيمة التبرعات الشهرية 300 ألف جنيه، حيث بلغ حجم التبرعات لشهر سبتمبر/أيلول، أقل قيمة قُدرت بـ136 ألف جنيه، في حين كانت أعلى قيمة للتبرع في شهر رمضان وبلغت 521 ألف جنيه. ورغبةً للفت الانتباه إلى مستشفى المنيرة، نظم عدد من طلبة المعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق حملة ترويجية لمستشفى أبو الريش (المنير)ة، كمشروع للتخرج عن قسم التسويق الإعلامي والعلاقات العامة بالكلية تحت شعار "أبو الريش.. فرصة طفل يعيش"، وتسعى الحملة لدعم مستشفى أبو الريش مادياً وإعلامياً، حيث تعاني ضعف الدعاية؛ بسبب قلة الميزانية المخصصة للترويج. يقول كريم علاء أحد أعضاء الحملة، إن سبب اختيار الحملهة هو عدم الاهتمام الإعلامي بمستشفى أبو الريش كغيرها من المستشفيات المجانية، فضلاً عن حاجة المستشفى الملحّة للتبرعات، ويضيف أن المشروع هدفه إنساني في المقام الأول قبل أن يكون مشروع تخرج. وبين ضريح أبو الريش ومستشفى المنيرة، لا يزال أطفال مصر يطمحون إلى العلاج الآدمي والشفاء والعودة للعب مع أقرانهم الأصحاء. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :