الحدّ من الأطعمة الحيوانية المصدر ليس إلا جزءاً من القصة. إذا لم تكن واثقاً مما يتألف النظام الغذائي الذي يقوم على النباتات، فلست الوحيد. يعتقد كثيرون أن هذا النظام الغذائي هو نفسه النظام الغذائي النباتي (مجموعة من أنماط الطعام تلغي بعض الأطعمة الحيوانية المصدر أو كلها). لكن الأنظمة الغذائية التي تقوم على النباتات لا تستثني بالضرورة الأطعمة الحيوانية المصدر. صحيح أن الأنظمة الغذائية التي تقوم على النباتات تركّز خصوصاً على النباتات (الحبوب، والخضراوات، والفاكهة، والبقول مثل الفاصوليا والفول السوداني المجففين، والجوزيات)، إلا أنها قد تشمل أيضاً مقداراً محدوداً من السمك، واللحوم، والطيور، ومشتقات الحليب. تذكر د. فرانسين ويلتي، طبيبة قلب في مركز بيث الطبي التابع لجامعة هارفارد: {يدرك معظم الناس أن للإكثار من اللحوم الحمراء أوجهاً سلبية}. وتؤكّد أن البحوث، التي تُظهر الفوائد الصحية للنظام الذي يقوم على النباتات، تعزز هذا الوعي. كذلك تسهم في تغذية الحركات {النباتية} التي تنتشر اليوم في المطاعم الراقية، حيث تحوّلت المقبلات المبتكرة التي ترتكز على النباتات إلى محور أطباق الطعام بدل قطع اللحم. أنظمة مختلفة يضيف شبه النباتيين بعض الأطعمة الحيوانية المصدر إلى نظامهم الغذائي. وقد يتناولون أيضاً الدجاج والسمك، إلا أنهم يمتنعون عن اللحوم الحمراء. يتفادى نباتيو الأسماك اللحوم والطيور، إلا أنهم يتناولون ثمار البحر. يمتنع نباتيو الألبان والبيض عن تناول اللحوم، وثمار البحر، والطيور، إلا أنهم يأكلون البيض ومشتقات الحليب. ولا يختلف عنهم نباتيو الألبان إلا بامتناعهم عن أكل البيض. لا يتناول النباتيون الصرف أية أطعمة حيوانية حتى العسل. الصحي مقابل غير الصحي إليك نقطة مهمة: الأنظمة الغذائية التي تقوم على النباتات ليست متساوية. الفاكهة والخضراوات الكاملة غير المعالجة غنية بالألياف، والفيتامينات، والأملاح المعدنية، وغيرها من مواد مغذية مفيدة لصحة القلب. وينطبق الأمر عينه على الحبوب الكاملة مثل الأزر الأسمر وحبوب الشوفان الكاملة. لكن البعض يعتبر أيضاً قطعة من الكابكيك غذاء يقوم على النباتات، بما أن مكونَيها الرئيسَين، الطحين الأبيض والسكر، يُستخرجان من النبات. وينطبق الأمر عينه على عدد من الأطعمة الأخرى الأقل فائدة للصحة، مثل الأرز الأبيض، والخبز الأبيض، والمشروبات المحلاة بالسكر. ما كان كثير من بحوث سابقة، تناولت الأنظمة الغذائية النباتية وتلك التي تقوم على النباتات، يميّز بين هذه الخيارات المختلفة. لذلك درس باحثون من كلية تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد بيانات طبية لأكثر من 200 ألف ممرّض وعامل في المجال الطبي أُخذت كل سنتين إلى أربع سنوات. خلال فترة المتابعة التي دامت 20 سنة، فاق عدد حالات مرض القلب التي شُخّصت 8600 بقليل. واتضح أن مَن اتبعوا نظاماً غذائياً يقوم على النباتات ويُعتبر أفضل للصحة كانوا أقل عرضة لمرض القلب. أما مَن احتوى غذاؤهم على أطعمة نباتية أقل فائدة للصحة، فكانوا أكثر عرضة لهذا المرض. لكن عدداً قليلاً من المشاركين كانوا من النباتيين الصرف. تناول معظم المشاركين في الواقع ثلاث إلى ست حصص من الأطعمة الحيوانية المصدر كل يوم. قُم باختبار نظام غذاء البحر الأبيض المتوسط التالي كي تحدد نمط غذائك: الحدّ من اللحوم والإكثار من النشويات العالية الجودة إذاً، ما الخلاصة التي نستمدها؟ لا داعي لأن تصبح نباتياً صرفاً أو تلغي الأطعمة الحيوانية المصدر كافة من نظامك الغذائي، وفق د. ويلتي. وتضيف مؤكدةً أن مشتقات الحليب القليلة الدسم، كاللبن العادي، تشكّل مصدراً جيداً للبروتينات والكالسيوم. أما إذا قررت استهلاك اللحوم الحمراء والمعالجة، فاحرص على ألا تتخطى بضع حصص في الشهر، خصوصاً مع كثرة الأدلة التي تربط أنواع الأطعمة هذه بارتفاع خطر مرض القلب والسرطان. لكن الأهم من ذلك أن تركّز على نوعية النشويات التي تستهلكها. اختر الخبز المعد من الحبوب الكاملة وليس الخبز الأبيض، والأرز الأسمر لا الأبيض، والشوفان وليس رقاقات الذرة وغيرها من حبوب الفطور المعدة من الحبوب المعالجة. كذلك استعض عن المشروبات الغازية وغيرها من مشروبات محلاة بالسكر بماء مكربن منكه وتناول الفاكهة الطازجة عوضاً عن الكوكيز وأصناف الحلوى الأخرى. يشبه نمط الغذاء هذا إلى حد كبير نظام غذاء بحر الأبيض المتوسط القائم على النباتات، الذي أثبتت الأدلة أنه يحدّ من خطر النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، والموت جراء الأمراض القلبية الوعائية، حسبما تشير د. ويلتي. وتشمل العناصر الأساسية الأخرى في نظام الغذاء هذا (الذي استُوحي من المطبخَين اليوناني والإيطالي التقليديين) زيت الزيتون، والجوزيات، وكميات معتدلة من ثمار البحر، والطيور، والبيض، ومشتقات الحليب.
مشاركة :