أكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الكويت، ستيفان روديه، أن خطط الإصلاح الاقتصادي التي وضعتها الحكومة حققت تقدماً، لاسيما عبر تعزيز نمو القطاع الخاص من خلال تسهيل تأسيس المشاريع الجديدة، بالإضافة إلى تسهيل الإجراءات الإدارية، علاوة على اتخاذ خطوات متقدمة بالنسبة لتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر. وأوضح روديه في مقابلة مع «الراي»، أن نتائج هذه الإصلاحات حصدت ثمارها أخيراً مع تحسن مؤشر البلاد في بيئة الأعمال، بحيث شهدت ارتفاعاً بلغ 6 مراتب، مؤكداً في الوقت عينه أن مثل هذه الجهود تحتاج إلى المواصلة والاستمرارية أكثر. ولفت روديه إلى أن البلاد شهدت أيضاً تقدماً في عملية الإصلاح المالي، وقد جاء بعض هذه الإصلاحات عبر ضبط الإنفاق الذي يساعد في تحقيق الادخار، لافتاً إلى أن الحكومة بذلت جهوداً في الحد من الهدر عبر ترشيد الإنفاق، ومشدداً على أن المزيد من التقدم في هذا الاتجاه ضروري في المستقبل. وشدد على أهمية أن تنتهز الكويت فرصة عودة أسعار النفط لمستويات جيدة، من أجل تسريع وتيرة الإصلاح، مع التركيز على تحقيق ذلك عبر تشجيع الكويتيين للبحث عن فرص العمل في القطاع الخاص، وخلق بيئة مجدية لهم، منوهاً بأهمية إحداث إصلاحات حقيقية في القطاع التعليمي مع الأخذ بعين الاعتبار الحد من الخلل في عدم توافق مهارات الطلبة مع متطلبات سوق العمل. وأشار روديه إلى أهمية تعزيز وجود المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي باتت تساهم بشكل كبير في تنمية الاقتصاد على المستوى العالمي وخلق فرص وظيفية أكثر، منوهاً بالحاجة لتشجيع وجود مثل هذه المشاريع، مع أهمية تعزيز وجود بيئة عملية مناسبة ومناخ عملي يسهل عليها متطلبات العمل. وهنا نص المقابلة: ● ماذا عن الإصلاحات الاقتصادية التي تحتاجها الكويت حالياً؟ - عندما نتحدث عن الاصلاح الاقتصادي في الكويت، يجب أن نسلط الضوء على مجالين واسعين منه، بحيث يركز في جانبه الأول على أهمية تشجيع القطاع الخاص ليكون قادراً على خلق الوظائف للمواطنين بالإضافة إلى قدرته في تحقيق التنوع الاقتصادي، وفي هذا الجانب من الإصلاحات الهيكلية نسلط الضوء على إصلاحات سوق العمل، مع أهمية تحقيق الإصلاحات التي تساهم في التسريع من وتيرة الشراكة بين القطاع الخاص والعام، والخصخصة، بالإضافة إلى تحسين بيئة العمل. أما الجانب الآخر من الإصلاح وهو الجانب المهم الذي ناقشناه مع السلطات في البلاد، ويتعلق بمساعدة تحسين وضع الميزانية، لاسيما وأن الكويت تواجه صدمة كبيرة جراء انخفاض أسعار النفط، ما يتطلب ضبط وضعها المالي تجاوباً مع هذا الانخفاض. ومن الإيجابيات التي نجدها في الكويت، ما تملكه من احتياطيات مالية كبيرة تراكمت خلال السنوات الماضية، وهو تطور إيجابي لأنه يقدم الفرصة للبلاد للضبط في مسار تدريجي أكثر، مع أهمية الأخذ بعين الاعتبار أنه يتطلب المزيد من الوقت. وفي الوقت نفسه هناك عجز كبير بسبب انخفاض أسعار النفط، وقد بلغ تقريباً 17 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وبالتالي فإنه من المهم قطع خطوات متقدمة في الإصلاح، لمعالجة هذا العجز ليكون على مستوى معقول. ومن المهم كذلك البدء بأقرب وقت ممكن لتحقيق الإصلاح على مستوى تعزيز دور القطاع الخاص، كون العملية ستحتاج وقتاً طويلاً لنحصد ثمارها. ● هل وجدتم أي تقدم ملموس تجاه تحقيق هذه الإصلاحات؟ - هناك تقدم في هذين النطاقين، فإذا نظرنا إلى الإصلاح بما يخص تعزيز نمو القطاع الخاص وتنوع وزيادة الوظائف، فقد وجدنا خطوات متقدمة واضحة في هذا الجانب لاسيما على مستوى تسهيل تأسيس المشاريع الجديدة، بالإضافة إلى تسهيل الإجراءات الإدارية، كما تم إطلاق مشروع «النافذة الواحدة» والذي يمكن المبادرين من إطلاق مشاريعهم بشكل أسرع. ووجدنا كذلك تقدماً على مستوى تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، بالإضافة إلى تحسن مؤشر البلاد في بيئة الأعمال، حيث شهدت ارتفاعاً بلغ 6 مراتب، ونشير هنا إلى أن مثل هذه الجهود تحتاج إلى المواصلة والاستمرارية أكثر. وعلى جانب الإصلاح المالي بالنسبة للميزانية، شهدنا أيضاً تقدماً في عملية الإصلاح، وبعضه جاء عبر التحكم في النفقات ما يساعد في عملية تحقيق الإدخار، وقد بذلت الحكومة جهوداً في الحد من الهدر عبر ترشيد الإنفاق، ونجد أن المزيد من التقدم في هذا الاتجاه ضروري في المستقبل. ● مع عودة أسعار النفط إلى مستوى 60 دولاراً، هل يجب أن تمضي الكويت في خطط الإصلاح الاقتصادي؟ - يجب على الكويت أن تنتهز فرصة أسعار النفط الجيدة لتسريع وتيرة الإصلاح، إن واحدة من أهم الرسائل الرئيسية لجميع الدول الأعضاء التي دعا إليها صندوق النقد الدولي، هو ضرورة تنفيذ الإصلاح عند وجود أي فرص مواتية لذلك. ويجب أن نوجد الإصلاحات لتعمل على تشجيع الكويتيين للبحث عن فرص العمل في القطاع الخاص، وخلق بيئة مجدية لهم، فما هو موجود حالياً في القطاع الحكومي أكثر فائدة وتفضيلاً من قبل الكويتيين، وما ندعو له هو أن يكون هناك إعادة تنظيم ونقل مميزات وفوائد القطاع الحكومي إلى الخاص، لاسيما على مستوى الرواتب، وفي مقابل ذلك نحتاج أيضاً إلى تشجيع القطاع الخاص لتوظيف الكويتيين. ومن الإصلاحات المهمة، نرى أنه يكمن في الإصلاح بالقطاع التعليمي، وخلال مناقشتنا مع المسؤولين في القطاع الخاص وجدنا من قبلهم تركيزاً على أهمية معالجة الخلل في عدم توافق مهارات الطلبة مع سوق العمل في هذا القطاع، فالحاجة باتت ماسة اليوم لإيجاد خطوات حقيقية للحد من هذا التباعد، لجذب الكويتيين إلى هذا القطاع. ● هل تدعمون خطط الحكومة لرفع سقف الدين؟ وكيف ستتأثر سياسة الكويت النقدية على خططها في إصدار السندات السيادية؟ - نرى أن الإستراتيجية الحكومية المالية لتمويل العجز جيدة، تتضمن تنفيذ إصلاحات للتقليل التدريجي من عجز الموازنة، والاستناد الى صندوق الاحتياطي العام وأيضاً عبر إصدار سندات دين على المستوى المحلي والعالمي، وهو أسلوب متوازن للتمويل المالي ومناسب. ● ما رأيك بمقترح بعض نواب مجلس الأمة بفرض الضرائب على تحويلات الوافدين؟ وهل تجد في ذلك تأثيراً سلبياً على الاقتصاد الكويتي؟ - لم اطلع على مقترح النواب، ولا أستطيع أن أبدي وجهة نظر حوله. ● هل تمضي الكويت نحو المسار الصحيح؟ وهل لمست علامات معينة تشير إلى ذلك؟ - شهدنا تعافياً في نمو النشاط غير النفطي الذي كان قد حظي بانخفاض كبير عام 2015، بسبب تراجع أسعار النفط، ولكن منذ ذلك الحين شهدنا تعافياً بشكل تدريجي بحيث كان النمو 2.5 في المئة العام الماضي، ونرى احتمالية أن يزداد بنحو 4 في المئة على المدى المتوسط. وكذلك شهدنا خطوات أكثر نحو تعزيز الشراكة ومعالجة عدم الكفاءة في سوق العمل، والمزيد من الخطوات في تعزيز المناخ العملي وجعله أسهل لتأسيس المشاريع. ● هل ترى أن المشاريع المتوسطة والصغيرة والناشئة سيكون لها تأثير واضح على الاقتصاد والمساهمة في نمو الناتج الإجمالي غير النفطي؟ - نشير هنا إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة مهمة جداً، لأننا لو نظرنا إلى الاقتصاد على النطاق الأوسع حول العالم سنجد أن هذه المشاريع تساهم بجزء كبير في عملية التوظيف، إذ تشكل 70 في المئة من إجمالي التوظيف تقريباً، ولك أن ترى أهمية وجود مثل ذلك على الاقتصاد. ونحن نحتاج إلى تشجيع وجود مثل هذه المشاريع، مع أهمية تعزيز وجود بيئة عملية مناسبة ومناخ عملي يسهل عليهم متطلبات العمل.
مشاركة :