لطالما عرف عن جماهير نادي ريال مدريد الأسباني أنها كثيرة المطالب اقصى حد خاصة بالنسبة للاعبيها الذين يتقاضون رواتب خيالية، ودون النظر إلى ما يمكن أن يكون هؤلاء النجوم قد حققوه من إنجازات في الماضي. وكان نجوم عظماء مثل ألفريدو دي ستيفانو وفرانسيسكو جينتو وسانتيلانا وإميليو بوتراجوينو وحتى راؤول جونزاليس أحيانا يواجهون صفارات الاستهجان من مدرجات "ملعب بيرنابيو" قرب نهاية المشوار الرياضي اللامع لأي منهم بالنادي. وقبل بضعة أعوام، كان اللاعب الموهوب، ولكن الكسول أيضا، جوتي هدفا مستمرا لصفارات استهجان جماهير ريال مدريد. بينما يعتبر المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة هو الهدف المفضل لهذه الصفارات في الوقت الراهن. ويوم السبت الماضي، أصبح حارس المرمى المخضرم إيكر كاسياس هدفا للمرة الأولى، ولكن لا يتوقع أن تكون الأخيرة، لصفارات الاستهجان المدريدية بعدما سمح لتياجو لاعب أتلتيكو مدريد بأن يسجل هدفا رأسيا قريبا من مسافة أربعة أمتار فقط أمام المرمى من متابعة لضربة ركنية خلال ديربي مدريد بمسابقة الدوري الأسباني والذي حسمه أتلتيكو بالفوز 2-1 على جاره العملاق صاحب الأرض. وقال كاسياس (33 عاما) بعد المباراة: "إن الجماهير دائما على حق. ولو أرادت أن تطلق صفارات الاستهجان ضدي، فعلي فقط أن أعرف كيف أتقبلها. ما أستطيع أن أفعله الآن هو أن أواصل الاجتهاد في عملي حتى أستعيد رضاهم عني". وأضاف: "أتفهم سبب غضبهم، لأن شباكنا اهتزت عدة مرات هذا الموسم من الضربات الثابتة. إنها أخطاء جماعية يرتكبها الفريق ككل، ولكنني بالتأكيد أتحمل نصيبي من المسئولية لأنني حارس المرمى وقائد الفريق أيضا .. ولكننا سنعمل جاهدين على حل هذه المشكلة". ولاشك في أن فريق بازل بطل سويسرا، الذي سيحل ضيفا على ريال مدريد يوم الثلاثاء في أولى مبارياتهما بالمجموعة الثانية بدوري أبطال أوروبا، شعروا بحماسة شديدة عندما شاهدوا هدف تياجو في مرمى ريال مدريد يوم السبت لأن الفريق السويسري ببساطة يعتبر متخصصا في الضربات الثابتة مع وجود العديد من المهاجمين طوال القامة والمدافعين القادرين على خلق حالة من الفوضى. وقبل عامين فقط، لم يكن كاسياس يقترف من الأخطاء سوى أقل القليل. كما أنه كان بدون جدال الحارس الأفضل على الإطلاق في تاريخ ريال مدريد المعاصر الذي يدعو للفخر. وفرض كاسياس نفسه على الساحة كحارس مرمى صاعد يتمتع بوجه طفولي في عام 1999 عندما كان في الـ18 من عمره، وفي غضون ستة أشهر فقط من ظهوره ساعد ريال مدريد على إحراز لقب بطولة دوري الأبطال عام 2000. وبعد عامين آخرين، نهض كاسياس عن مكانه بمقاعد البدلاء في نهائي دوري الأبطال أمام باير ليفركوزن ليحل محل الحارس المصاب سيزار. وقدم كاسياس أداء مذهلا لينقذ مرمى ريال مدريد من العديد من الهجمات الألمانية الخطيرة. وهنا ولدت أسطورة "القديس إيكر"، الحارس الأكروباتي صاحب اللمسة الساحرة. وحمل كاسياس حظه الجيد معه إلى المنتخب الأسباني، وساعده على الفوز بلقب بطولة كأس العالم لعام 2010 بجنوب أفريقيا إلى جانب بطولتي الأمم الأوروبية "يورو 2008" و"يورو 2012". كما حقق رقما قياسيا جديدا في عدد مشاركاته الدولية مع منتخب أسبانيا برصيد 157 مباراة دولية. ولكن الأمور بدأت تسوء بالنسبة لكاسياس قبل عامين، عندما اتهمه مدرب ريال مدريد المثير للجدل آنذاك جوزيه مورينيو بتسريب أخبار غرفة ملابس الفريق إلى صحفيين. واستبعد مورينو كاسياس على نحو مفاجيء من تشكيل ريال مدريد الأساسي، وبعدها أصيب الحارس المخضرم بكسر في إحدى عظام يده اليسرى ليبتعد تماما عن الملاعب لمدة أربعة أشهر. وفي الموسم الماضي استعان الإيطالي كارلو انشيلوتي، الذي عين مدربا لريال مدريد خلفا لمورينيو، بكاسياس في مباريات دوري الأبطال وكأس أسبانيا فقط. وقد فاز ريال مدريد بكلتي البطولتين، وإن كان حقق هذا الإنجاز ليس بمساعدة كاسياس وإنما بالأحرى برغم وجوده في حراسة المرمى حيث بدا متقدما في السن ومترددا في غالبية الوقت. وبعدها جاءت أحلك لحظات مشوار كاسياس الرياضي حتى الآن بعرضين هزيلين مع أسبانيا في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل هذا الصيف عندما خسرت بلاده أمام هولندا وتشيلي. لذلك فقد توقع الكثيرون أن يفضل أنشيلوتي الاستعانة بحارس ريال مدريد الجديد كيلور نافاس بدلا من كاسياس في التشكيل الأساسي لفريقه هذا الموسم. ولكن حتى الآن, مازال المدرب الإيطالي مصرا على إشراك كاسياس حتى مع تقديمه بعض العروض السيئة مؤخرا. ومن المرجح أن يقف كاسياس في حراسة مرمى ريال مدريد من جديد يوم الثلاثاء، ولكن أي شيء قد يقدمه الحارس المخضرم أمام بازل بخلاف عرض مثالي سيثير المزيد من الهتافات العدائية وصفارات الاستهجان من جماهير ريال مدريد الملحة دائما.
مشاركة :