القصة الكاملة لنسج خيوط التطبيع بين السعودية وإسرائيل

  • 11/21/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تزايدت، مؤخراً، التصريحات الإسرائيلية عن تقارب وعلاقات سرية مع المملكة العربية السعودية، ويبدو أنها مرحلة لنسج خيوط التطبيع العلني بين البلدين، في ضوء الحديث عن تحالف إقليمي لمواجهة التوسع الإيراني في المنطقة.ففي مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية يوم الأحد، كشف وزير الطاقة الإسرائيلي، لأول مرة بشكل رسمي، عن اتصالات سرية بالسعودية في ظل مخاوف مشتركة بشأن إيران. وقال الوزير يوفال شتاينتز حرفياً: «لدينا علاقات مع دول إسلامية وعربية، من بينها السعودية، جانب منها سري بالفعل، ولسنا عادة الطرف الذي يخجل منها». التصريحات قد تبدو مفاجئة، إلا أن أحداث سابقة حول التطبيع بين البلدين نزعت عنصر المفاجأة في حديث الوزير الإسرائيلي، حيث إن موقع «إيلاف» السعودي أجرى مقابلة -كانت من المحرمات في الإعلام العربي- مع رئيس الأركان الإسرائيلي غادي إيزنكوت، يوم الخميس الماضي، أعلن خلالها استعداد بلاده «لتبادل المعلومات الاستخبارية» مع السعودية «لمواجهة إيران». وقال إيزنكوت، في المقابلة: «نحن مستعدون لتبادل الخبرات مع الدول العربية المعتدلة، وتبادل المعلومات الاستخبارية؛ لمواجهة إيران». ورداً على سؤال حول ما إذا حصلت مشاركة معلومات مع السعودية في الفترة الأخيرة، قال: «نحن مستعدون للمشاركة في المعلومات إذا اقتضى الأمر. هناك الكثير من المصالح المشتركة بيننا». الأمر الذي يعكس مرحلة جديدة في نسج العلاقات السعودية الإسرائيلية، فبعد أن كان الترويج للتطبيع بين البلدين مقتصر فقط على مسؤولين سعوديين سابقين، من خلال المشاركة في مؤتمرات ومنتديات صهيونية، والظهور علناً على وسائل الإعلام والدعوة إلى التقارب مع تل أبيب، أصبح المسؤولون الإسرائيليون يكشفون علناً عن علاقات خفية مع دول عربية غير مصر والأردن اللتين وقعتا اتفاقية سلام مع تل أبيب قبل عقود. يُضاف إلى التصريحات الإسرائيلية، دعوة وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا، مفتي السعودية عبدالعزيز آل الشيخ لزيارة تل أبيب، وذلك في تغريدة كتبها على «تويتر». وقال الوزير الإسرائيلي إنه يبارك للمفتي العام ورئيس هيئة العلماء السعودية عبدالعزيز آل الشيخ فتواه ضد الحرب وضد قتل اليهود، وقولَه إن حماس منظمة إرهابية تضر الفلسطينيين، وإن كل مظاهرات الأقصى دعاية رخيصة (ديماغوجية). دعم دبلوماسي أيضاً كشفت وثيقة سرية مسربة لوزارة الخارجية الإسرائيلية -التي يترأسها بنيامين نتنياهو- نشرتها القناة التلفزيونية العاشرة العبرية يوم 7 نوفمبر الحالي، عن مطالبة سفراء تل أبيب حول العالم بدعم موقف السعودية في حربها في اليمن. وتتحدث الوثيقة -التي وُصفت بـ «غير المسبوقة»- عن شن حملة دبلوماسية على ما سمته بـ «التمدد الشيعي» في المنطقة، وإقناع قادة العالم بمنع دمج حزب الله اللبناني في أي حكومة لبنانية مستقبلية. وأفادت القناة العاشرة الإسرائيلية التي كشفت الوثيقة، بأنها تأتي ضمن حملة دولية أطلقتها إسرائيل بشكل استثنائي لسببين، الأول هو أنها متعلقة بالشأن الداخلي اللبناني، والثاني هو تماشيها مع الموقف السعودي. تعاون اقتصادي إلى جانب المواقف الإسرائيلية السابقة، لم تتأخر الشركات العبرية في إبداء رغبتها بموطئ قدم في مشروع المدينة الذكية السعودية «نيوم»، التي أعلن عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مطلع الشهر الحالي. وقالت صحيفة «جيروسالم بوست» الإسرائيلية الناطقة بالإنجليزية، حول هذا الموضوع، إنها علمت من شركات عاملة في السوق المحلي (الإسرائيلي) بمحادثات بينها وبين صندوق الاستثمارات العامة السعودية للدخول في المشروع. ونقلت وكالة الأناضول، عن مسؤول في القطاع الخاص السعودي، رفض الكشف عن اسمه، استحالة الإعلان عن حضور إسرائيلي في المشروع السعودي «طالما تبقى العلاقات الدبلوماسية العلنية معدومة بين البلدين». أضاف أن أي حضور إسرائيلي مستقبلي في «نيوم» قد يكون سرياً، ومقتصراً على القطاع الخاص في كلا البلدين. الجانب السعودي وعلى عكس الجانب الإسرائيلي الذي كانت مواقفه واضحة، أبدت السعودية مواقف «خجولة» -وفقاً لقول وزير الطاقة الإسرائيلي- في الإفصاح عن علاقاتها السرية مع تل أبيب، ويعود ذلك إلى خوفها الشديد من ردود الفعل الغاضبة داخل المجتمع السعودي. ويبدو أن الرياض تعمل على تهيئة السعوديين لإعلان قريب عن تقارب إسرائيلي سعودي تحت إطار مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة. من أمثلة عملية التهيئة، مشاركة الأمير السعودي تركي الفيصل -المدير السابق للاستخبارات السعودية- في لقاءات علنية مع ساسة إسرائيليين في أكتوبر الماضي بالولايات المتحدة الأميركية. فقد شارك الأمير السعودي في ندوة بنيويورك، حيث استضاف منتدى السياسة الإسرائيلية -بمعبد يهودي- ندوة عن أمن الشرق الأوسط، بمشاركة مدير جهاز الموساد الإسرائيلي السابق أفراييم حليفي. وأعرب الأمير السعودي عن امتنانه لوجوده لأول مرة في معبد يهودي، وتحدّث عن أمله في ألا تكون الأخيرة، ودافع عن ظهوره العلني المتكرر مع مسؤولين إسرائيليين سابقين. وبالفعل، لم تكن المرة الأخيرة؛ ففي 11 نوفمبر الحالي، شارك الفيصل في ندوة عن الشرق الأوسط في جامعة هارفارد ببوسطن في أميركا إلى جانب وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، التي نشرت صورتها بجوار الفيصل على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي، مبشرة بسير عملية السلام بالشكل المرسوم لها. وتوالت دعوات التطبيع مع إسرائيل بعد المشاركة الأولى للفيصل في ندوة المعبد اليهودي؛ ففي 31 أكتوبر دعا الإعلامي السعودي أحمد العرفج، على قناة «روتانا خليجية»، إلى التطبيع مع إسرائيل، والتعايش مع وجودها في المنطقة. وتصريحات العرفج الغريبة تأتي أيضاً في ظل تباهي رئيس الوزراء الإسرائيلي بوجود تنسيق غير مسبوق مع دول خليجية لم تكن موجودة من قبل. وقال العرفج، إن قطع العلاقات لم يعد مجدياً، وإن إسرائيل لم تعد في الواجهة، وإن «المشكلة الحقيقية هي مع العدو في اليمن والمشاكل مع قطر، وإيران الصفوية». وأكد العرفج أن إسرائيل لم تعد كما السابق، ولا بد من الاعتراف بوجودها. وعلى المستوى السعودي الرسمي، قال مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المسؤول السعودي الذي زار إسرائيل سراً في شهر سبتمبر الماضي هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. جاء ذلك في تقرير موسع نشرته الوكالة الفرنسية في منتصف أكتوبر الماضي، ونقلت عن محللين ومسؤولين إسرائيليين قولهم إن التقدم في هذه العلاقات مع دول الخليج يجري بشكل مطرد إلى العلن، ويأتي على «قاعدة أن ما يجمع الطرفين هو العداء المشترك لإيران». وقال المتخصص في الشؤون السعودية والمحاضر بجامعة تل أبيب عوزي رابي، إنه «منذ تولّي الرئيس ترمب السلطة، وزيارته الرياض في مايو، حصل دفع لعلاقات ولقاءات بين الإسرائيليين والسعوديين وعمل على التعاون». ويضيف البروفيسور رابي: «هناك الآن سعوديون يلتقون إسرائيليين في كل مكان، هناك علاقات وظائفية مبنية على مصالح مشتركة بين إسرائيل والسعودية، مثل العداء المشترك لإيران وداعش». دفعة أميركية لكن يبدو أن التطورات الأخيرة ليست بعيدة عن الأيدي الأميركية، حيث إن مؤشرات كثيرة تكشف عن أن المحرك الرئيسي لها هو صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جارد كوشنر. وكشفت صحيفة «جيروزالم بوست» العبرية، في تقرير لها، أن الزيارة السرية الأخيرة التي قام بها كوشنر إلى السعودية ناقشت خلالها ملفات، من بينها فرص تدشين علاقات دبلوماسية بين الرياض وتل أبيب. أيضاً قالت مجلة «بوليتيكو» الأميركية، عن الزيارة التي جرت يوم 29 أكتوبر الماضي، إن هدفها كان دفع إسرائيل ودول الخليج باتجاه طريق السلام وإقامة علاقات علنية.;

مشاركة :