في أبريل 2006 سقطت قذيفة إسرائيلية على قرية لبنانية، قتلت طفلا لبنانيا وجرحت عدة لبنانيين، رد حزب الله بإطلاق 30 صاروخا من صواريخهم سيئة الجودة، والتي تمدهم بها إيران، فأصابت 6 إسرائيليين، قررت بعدها إسرائيل شن ما يسمى حرب عناقيد الغضب، وقتلت المئات من اللبنانيين المدنيين، حتى من التجأ إلى مباني الأمم المتحدة، في رسالة إلى العالم كله أن الكيان الصهيوني لا يهتم بأي اتفاقيات أو أخلاق. حطمت حملتهم الغاشمة لبنان، وأسقطته في حفرة البؤس مرة أخرى، بنسف عشرات المشاريع اللبنانية التي كانت نواة إعادة إعمار لبنان، وأُقفِل كثير من مصادر الرزق للشعب اللبناني بعد هروب المستثمرين، ولم يبق لدى أحد شك أنه بلد ميئوس منه تماما. بعد أن انتهت إسرائيل من مهمتها، وافقت على وقف إطلاق النارن ووافق حزب الله، وتعهد بعدم رمي ألعابه النارية على شمال فلسطين المحتل من إسرائيل مرة أخرى، هكذا بكل بساطة. إن خيار الحرب يختاره الأقوياء إذا كانت خطتهم ستنتهي بالانتصار، أما إذا كنت ضعيفا وخطتك دفع المدنيين إلى الموت وأنت في سردابك تصرخ وتخطب وترسل فيديوهات المقاومة لتدّعي بطولة، فتلك قصة أخرى أو بالأحرى قصة لبنان، ومثلها قصة حماس في فلسطين، وحارة في غزة، تربي الأمهات أطفالهن ليُقتَلوا كل ما غضبت إسرائيل من حجر تلقيه حماس. هل هي 70 عاما ونحن نظن أن حروب العصابات ستنتج نصرا، وهي لم تنتج سوى قصائد وأشعار وعواطف وشال فلسطيني نرتديه كلما مرت ذكرى النكبة، أو كلما ضُربت غزة وتفاخرت إسرائيل بجودة قبتها، وتفاخرنا برجال من ورق يختبئون في سراديبهم ويظهرون في إيران؟ هل نحن الأمة الوحيدة التي اُحتُل جزء منها؟ هل نحن الشعوب الوحيدة التي عانت من ظلم الغرب وعهوده اللئيمة؟ لقد سبقتنا إفريقيا والهند وآسيا كلها، لكنها شعوب وجدت حكماء حقيقيين يقودونها لفهم قدراتها ومصدر قوتها إذا أرادت صناعته، وهو قطعا ليس بالعواطف والعنتريات الفارغة التي لم تغادر بنا منطقة الصفر منذ أول لحظة. لقد التزم غاندي بالسلم حتى حرر الهند، بل أدى موقفه إلى حصول أتباعه على أفضل المناطق في القارة، وحصل المسلمون الذين رفضوا السلم على أسوئها، فمن المنتصر الحقيقي هنا؟ كتب أحدهم ذات يوم، أنت لا تحتاج إلى معركة حتى تصبح بطلا، وهذه حقيقة، أنت تحتاج أن تعرف مكمن قوتك ونقاط ضعفك وتعمل عليها، ولدى الأمة العربية الثقافة والعقول الجبارة التي لو فقط مُنحت أصحابها فرصة حياة لغيّروا وجه الأرض وليس فقط استعادة فلسطين.
مشاركة :