بيروت ـــــ أنديرا مطر | يحتفل لبنان اليوم بعيد استقلاله الـ74 في ظل ازمة خانقة، وسط اشتداد المواجهة السعودية ـــــ الإيرانية، وما نجم عنها من احداث متلاحقة واستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وانهيار التسوية الرئاسية، وبيان وزراء الخارجية العرب الذي وضع لبنان موضع الداعم للارهاب بتصنيفه «حزب الله» منظمة ارهابية. وهذا كله قد يتهدّد لبنان بأزمة سياسية واقتصادية، في حال تمادي التطورات الاقليمية. لا سيما مع المواقف البارزة للرئيس حسن روحاني التي هاجم فيها الجامعة العربية، واعتبر ان «حزب الله جزءٌ من الشعب اللبناني، وسلاحه دفاعي فقط». ودعت فرنسا بدورها، أمس، {حزب الله} الى «التخلي عن السلاح واحترام سيادة لبنان». وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن «باريس تنتظر من حزب الله التخلي عن السلاح واحترام سيادة لبنان بشكل كامل وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة». واضاف البيان «اننا نعتبر استقرار لبنان أمرا يتطلب أن يبقى بعيدا عن التوترات في المنطقة»، معتبرا ان «انخراط حزب الله في الازمة السورية أمر خطير». وذكر البيان ان «فرنسا تواصل الحوار مع كل الأطراف اللبنانية بهدف تحقيق التوافق والتسيير الجيد لمؤسسات الدولة وتحقيق الاستقرار». وبينما الاستعدادات جارية لاستقبال رئيس الحكومة المستقيل بعد غياب دام اسبوعين، حيث من المقرر ان يشارك اليوم بالعرض العسكري الى جانب رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تترقّب الأوساط السياسية كلمة الحريري ومواقفه التي ستحدد مسار المرحلة المقبلة، وهل يذهب وفريقه الى مواجهة مفتوحة مع «حزب الله»، ام ان احتمال ترميم «التسوية» وإعادتها إلى مرتكزاتها القائمة على التزام لبنان النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية وتحييده عن لعبة المحاور لا يزال مطروحا؟». وفي هذا السياق، قال مصدر مطلع في تيار المستقبل إن الحريري لديه معطيات لحل الأزمة الحالية، لكنه لن يفصح عن أي موقف قبل لقائه رئيس الجمهورية، فهو سيحاول تصويب التسوية التي أدّت إلى انتخاب عون رئيساً. لكن المصدر اشار إلى انه حتى الآن لا يبدو أن تصويب الحريري سيلقى آذاناً مصغية، بعد ردّ فعل كل من عون، وبري على بيان الجامعة العربية. التهرب من بيان الجامعة بدوره، أطلع مصدر وزاري القبس أن جولة الأمين العام للجامعة أحمد ابو الغيط على القيادات اللبنانية حملت رسالة تطمينية، مفادها أن لبنان ليس مستهدفا من مقررات وزراء الخارجية العرب. ولكن هذا لا يعفي الحكومة اللبنانية من مسؤوليتها ودورها في ضبط أداء «حزب الله» كي لا يُدفع بلبنان لأن يصبح ساحة صدام عربي ــــ إيراني. وقال المصدر إن البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب الذي سمى «حزب الله» إرهابيا، وطالبه بالكف عن دعم الاعمال الإرهابية في الدول العربية، لاقته القيادات اللبنانية بالهرب نحو مواجهة إسرائيل، والذي جاء على لسان امين عام الحزب السيد حسن نصر الله مساء الاثنين، ترافق «ليونة» تجاه الدول العربية، تمثلت بعدة إشارات، اولها تخفيف لهجته التصعيدية إزاء السعودية ونفيه علاقة «حزب الله» بإطلاق الصاروخ الباليستي من اليمن باتجاه الرياض، والحديث عن قرب انسحاب حزبه من العراق. وقبل مغادرته باريس امس، متوجها الى القاهرة، حيث التقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، غرّد الحريري بذكرى اغتيال الوزير الكتائبي بيار الجميل قائلا: «في ذكرى استشهاد بيار نكرر شعاره، وشعارنا: لبنان اولاً. لم أنس أبدا كم كنتَ وفياً يا بيار». والبعض رأى في هذه التغريدة إشارة مسبقه لنهج الحريري المرتقب نسجا على منوال نهج قوى 14 آذار منذ عام 2005. في حين ترددت معلومات عن اجتماع عُقد في الساعات الاخيرة بين امين عام «حزب الله» ورئيس مجلس النواب، تطرّق الى امكان اعادة احياء الحوار بين الحزب وتيار المستقبل كأحد المخارج المطروحة لترطيب الاجواء بعيد الاستقالة. الا ان مصادر قريبة من الحزب نفت علمها بالامر. خطابات الاستقلال الرئيس عون توجّه بكلمة مساء أمس الى اللبنانيين، تطرّق فيها الى مكافحة الارهاب وما يواجه لبنان من صعوبات، لا سيما الخطر الإسرائيلي، وتوقف عون عند جملة عناوين تعكس معنى المناسبة (عيد الاستقلال) التي تجسد بالنسبة الى لبنان الكرامة الوطنية ووحدة اللبنانيين بسائر مكوناتهم. وبالمناسبة ذاتها، توجّه قائد الجيش جوزيف عون الى العسكريين بكلمة، داعيا إياهم إلى الجهوزية التامة على الحدود الجنوبية لمواجهة تهديدات العدو الإسرائيلي، مؤكداً أن الاستقرار الأمني يشكّل قاعدةً صلبة لإعادة إنتاج الحلول السياسية المنشودة. في المقابل، وصف مسؤول إسرائيلي كبير تحذير الجيش اللبناني من اعتداء محتمل على الحدود بأنه «هراء». ترامب: لبنان شريك قوي ضد الإرهاب تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري برقية من الرئيس الاميركي دونالد ترامب هنأه فيها بعيد الاستقلال، مؤكداً أن الولايات المتحدة تقدر كثيرا العلاقات الثقافية والعائلية والسياسية والاقتصادية الدائمة بين البلدين. وجاء فيه: «كان لبنان شريكا قوياً مع الولايات المتحدة في مواجهة تهديد الإرهاب والتطرف العنيف. ونحن نقف بثبات مع لبنان وسنواصل دعم جهود بلدكم لحماية استقرار لبنان واستقلاله وسيادته». «المستقبل» ينظم استقبالاً شعبياً لتكريس «زعامة سعد» فيما يبدو أن تيار المستقبل، الذي أربكته استقالة الحريري المفاجئة وظهرت انقساماته إلى العلن، حتى بات بالإمكان الحديث عن جناحين داخل التيار، فإن التيار ينتظر عودة الحريري لإعادة ضبط أداء بعض «المغردين على حسابهم» – بحسب وصف أحد قياديي التيار لـ القبس – أراد من خلال الاحتفالات الشعبية التي سترافق عودة الحريري الى بيروت تكريس زعامة الحريري وولاءه له واعتباره مرجعية أولى في الشارع السني بعد اللغط الذي أثير حول استقالته في الأسبوعين الماضيين، والحديث عن إمكان استبداله. وفي ظاهرة لافتة لم يعرفها بيت الوسط (مقر الحريري) منذ انتقال سعد الحريري للأقامة فيه في عام 2011 سيقام للحريري اليوم استقبال حاشد يلي مشاركة الحريري في عرض الاستقلال، يشارك فيه كوادر وجمهور من تيار المستقبل، علماً ان بيت الوسط ظل لسنوات محاطاً بإجراءات أمنية مشددة تمنع اقتراب الأشخاص منه لمساحات بعيدة. وإذ كانت أبواب بيت الوسط ستفتح للمنتمين إلى تيار المستقبل حصراً من دون أن تتوسع إلى جمهور التيار الواسع، فإن الاحتضان الشعبي للحريري بدا لافتا من خلال انتشار صوره في مناطق عدة في بيروت مذيلة بعبارة «كلنا معك» و«هلا بالسعد».
مشاركة :