ذاكرة الجسد والعقل - مقالات

  • 11/22/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعتقد الكثير منا أن المهارات والخبرات التي تعلمناها وتدربنا عليها تختفي مع مرور الزمن وعدم الاستخدام، وكذلك العضلات المرتبطة بالوظائف الحركية، وذلك استناداً إلى الرأي العلمي، العضوالمستخدم ينمو ويتطور والعضو غير المستخدم يضمر ويضمحل. هذا الرأي لا تشوبه شائبة من الناحية العلمية، ولكن ذلك لا يعني تلاشي المهارة وتدهور العضلات إلى ما لا نهاية، أي لا نفع في محاولات الإنسان استعادتها، فمثلاً من قاد دراجة هوائية أو نارية أو سيارة في صغره وهي مهارات يتدرب عليها الإنسان، لا يستطيع هذا الأخير ممارستها في سن الستين. هذه الأفكار هي التي توّلد اليأس والاكتئاب والشعور بالعجز، والتي تراود من كبر بالسن أو تعرض لإصابة، أو الذي فقد جزءأً من مهاراته الذهنية، وهذا ينطبق على الحرفي والمهني مثل النجار والحداد وغيرهما، أو من كان يستخدم ذاكرته أو تركيزه أو مهارات الحديث والتواصل. لكن في الواقع أن تركيب الإنسان جسدياً أو ذهنياً يمتلك ذاكرة، ولا أقصد الذاكرة المعلوماتية فقط، بل حتى المهارات والخبرات وحالة العضلات، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل الزمن والأمراض التي قد تتلف بعض الخلايا في المخ. فالإنسان يستطيع إعادة برمجة عقله في أي مرحلة عمرية أو مستوى تعليمي، وهذا ينطبق على استعادة المهارات والعضلات، والسرهو بالتدريب وإعادة التدريب، سواء على مهارات جديدة أو استعادة مهارات قديمة، فمن يرد استعادة مهاراة قيادة الدراجة الهوائية أو غيرها، فسيعاني من صعوبة البداية، ثم تقوده ذاكرة المهارة إلى حالته عندما كان طفلاً، وهذا ينطبق على الرياضة العقلية واللغات والقدرات الحسابية وغيرها. وكذلك هناك ما يسمى بذاكرة العضلات، فبعدما ظن الإنسان أن عضلاته ضمرت بسبب تقدم العمر، تظهر بوضوح ذاكرة العضلة بعد بدء التمرين بالتدريج، إذ يبدأ التغيير خلال أيام على عكس من يتمرن للمرة الأولى حتى وإن كان شاباً. هناك الكثير من الرياضيين المحترفين تعرضوا لإصابات بالغة في حوادث، واستطاعوا استعادة لياقتهم وقدراتهم البدنية، وهناك حالات معروفة في الطب، وهي أن بعض من فقد ذاكرته أو نطقه لأي سبب كان، استطاع من خلال التدريب والدأب والاستمرار استعادتها، ويرى الرأي العام والشعبي أن ذلك يعود للإرادة، ولكن الإرادة تقوى وتضعف بناء على الحالة النفسية، أما التدريب فلا يحتاج سوى الإيمان به والاستمرار عليه. وقد سعدت كثيراً عندما ألتقيت في النادي الرياضي بأعضاء كبار في السن، أي في سن الستين أو السبعين طبعاً أقل وأكثر، وكانوا يتمرنون بهمة من دون اجهاد، أو حمل أوزان ثقيلة ولكن بعضهم استعاد عضلاته التي فقدها مع الزمن، ونعرف أن هناك بطولات كمال أجسام لعمر السبعين وأكبر، وكذلك ابطال في حمل الأثقال، فنحن لا نفقد ما اكتسبناه ولا يفنى مع الزمن. osbohatw@gmail.com

مشاركة :