وصل الحريري مساء الثلاثاء إلى قبرص للقاء رئيسها، آتيا من القاهرة بعدما أنهى محادثاته مع الرئيس المصري. وجاءت هذه الزيارة بعد أسبوعين من التكهنات والاستنتاجات التي تلت إعلانه استقالته في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر من العاصمة السعودية. استقالة ينظر إليها على أنها تصعيد في الصراع على النفوذ بين السعودية وإيران اللتان تدعمان أطرافا متقاتلة في سوريا. غادر رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري مساء الثلاثاء القاهرة بنية التوجه إلى بيروت بعدما أجرى محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ركزت على ضرورة النأي بلبنان عن صراعات المنطقة، ووصل إلى قبرص حيث التقى الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، حسبما جاء في تغريدة على حساب الحريري وما أكدته الحكومة القبرصية. وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية إن الرئيس القبرصي كان في استقباله في مطار لارنكا. ولم يكن التوقف في لارنكا مقررا رسميا. وكان الحريري قد وصل إلى القاهرة قادما من العاصمة الفرنسية باريس الثلاثاء في زيارة استمرت ساعات قليلة. وجاءت زيارته هذه بعد أسبوعين من التكهنات والاستنتاجات التي تلت إعلانه استقالته في 4 تشرين الثاني/نوفمبر من العاصمة السعودية. وأدى بقاء الحريري في السعودية بعد إعلانه استقالته إلى انتشار شائعات بأنه محتجز ضد إرادته في الرياض، ما نفاه الحريري ومسؤولون سعوديون. وفي تصريح مقتضب بعد لقائه السياسي، قال الحريري "كان لنا حديث طويل مبني على استقرار لبنان وضرورة أن يكون هناك في لبنان والمنطقة نأي بالنفس عن كل السياسات الإقليمية". وأضاف "إن شاء الله يكون عيد الاستقلال غدا في لبنان عيدا لكل اللبنانيين. وكما قلت في باريس فإني سأعلن موقفي السياسي في لبنان، ولن أتحدث الآن في السياسة". ويشارك الحريري الأربعاء في الاحتفال الرسمي في بيروت إحياء لذكرى الاستقلال الذي يصادف في 22 تشرين الثاني/نوفمبر. وسبق أن أعلن أنه سيحضر هذا الاحتفال إلى جانب أركان الدولة على أن يقدم استقالته رسميا بعد ذلك الى الرئيس اللبناني ميشال عون. وبعيد وصوله إلى القاهرة نزلت مجموعات صغيرة من مناصري الحريري إلى شوارع وسط بيروت في مواكب سيارة، وسط إطلاق الأبواق والتلويح بأعلام تيار المستقبل الذي يرأسه. من جانبها، أعلنت الرئاسة المصرية أن السيسي تلقى اتصالا من نظيره اللبناني ميشال عون بحث خلاله الزعيمان "أهمية المحافظة على استقرار لبنان وضرورة إعلاء المصلحة الوطنية للبنان". السيسي يؤكد على ضرورة "توافق الأطراف" اللبنانية وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اللقاء على ضرورة "توافق الأطراف" اللبنانية ورفض "التدخل الأجنبي". وجاء في بيان صادر عن الرئاسة المصرية، أن السيسي أكد على دعمه الكامل للحفاظ على استقرار لبنان وطالب بضرورة "قيام جميع الأطراف اللبنانية بالتوافق فيما بينها وإعلاء المصلحة الوطنية العليا للشعب اللبناني، ورفض مساعي التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبنان". وقف توسع النفوذ الإيراني في المنطقة وكان الحريري قد اتهم في خطاب الاستقالة إيران، العدو اللدود للسعودية، وحليفها اللبناني حزب الله بزعزعة استقرار المنطقة، كما وجه لإيران انتقادات شديدة معتبرا أنها تحاول "خطف المجتمعات العربية" وأن "خروقاتها للنسيج العربي" تمثل أحد أكبر التحديات أمام العرب. ويُنظر إلى استقالته على أنها تصعيد في معركة النفوذ بين السعودية السنية وإيران الشيعية، وهما تدعمان أطرافا متقاتلة في سوريا. وتزامنت استقالة الحريري مع حملة تطهير غير مسبوقة طالت أكثر من مئتي شخصية سعودية بينهم أمراء ووزراء ورجال أعمال. والسبت استدعت السعودية سفيرها في برلين احتجاجا على تصريحات لوزير الخارجية الألماني زيغمار غابريال لمّح فيها إلى أن رئيس الوزراء اللبناني المستقيل "محتجز ضد إرادته" في الرياض. وبدون ذكر السعودية مباشرة قال غابريال إن "لبنان يواجه خطر الانزلاق مجددا الى مواجهات سياسية خطرة وربما عسكرية". كذلك قال وزير الخارجية الألماني إن لبنان "ينبغي أن لا يصبح لعبة (...) لسوريا والسعودية أو غيرهما". وأضاف "من أجل منع ذلك، نحتاج خصوصا لعودة رئيس الوزراء (اللبناني) الحالي"، كما أوضح الوزير الألماني أن "هذه الروح المغامرة بلغت ذروتها مع هذه الطريقة للتعاطي مع لبنان". وفي بيان أصدرته السبت، أشادت وزارة الخارجية الألمانية "صراحة ... برحلة الحريري إلى باريس وعودته الوشيكة الى لبنان". وتسعى فرنسا التي أصبحت في 1920 دولة الانتداب في لبنان، إلى حشد دعم دولي للبنان. واتصل الرئيس الفرنسي بنظيريه الأمريكي والمصري دونالد ترامب والسيسي، كما اتصل بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لمناقشة "الأوضاع في الشرق الاوسط". واتفق ماكرون وترامب على "ضرورة العمل مع الحلفاء لمواجهة أنشطة حزب الله وايران المزعزعة للاستقرار في المنطقة"، بحسب بيان للبيت الأبيض. وأبدى الرئيس الفرنسي الجمعة استعداده "للحوار" مع إيران، وقال ماكرون إن فرنسا "تتمسك بخط يتمثل ببناء السلام، وعدم التدخل في أية نزاعات محلية أو إقليمية، وعدم الوقوف مع فريق ضد آخر". فرانس24/رويترز/أ ف ب نشرت في : 21/11/2017
مشاركة :