سجل القطاع العقاري السعودي انخفاضاً في حركته منذ بداية العام الحالي في معظم الأفرع العقارية، إلا أن الضغوطات تركزت على بعضها وبالتحديد في قطاع الفلل السكنية الذي فقد ما يلامس الـ17.5 في المائة من قيمته، والذي انخفض متوسط سعرها منذ بداية العام وحتى الأسبوع الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وانخفض متوسط سعر الفترة 224 ألف دولار للفيلا الواحدة، في ظل تضاؤل الطلب لمستويات قياسية، انتظاراً لإعادة بلورة قيمتها من جديد لتتناسب مع قدرات المشترين، ورغم تزايد الطلب فإن الانعكاس الحقيقي على العمليات الفعلية لا يزال محدوداً في ظل تضاؤل الطلب للعام الثالث على التوالي. وضغطت الظروف المحيطة بالسوق العقارية السعودية بدءا من إصدار فواتير رسوم العقار، ومروراً بتسليم دفعات برنامج «سكني» غير الربحي الذي أطلقته في وقت سابق وزارة الإسكان، والتي سلمت مؤخراً دفعته العاشرة بانتظام، بشكل إيجابي على قيمة السوق العقارية، وخاصة الفلل التي شهدت نزولاً نسيباً في قيمتها منذ انطلاق العام الجديد بعد موجة من الارتفاعات، التي شهدتها خلال السنوات الماضية وبالتحديد الخمس الأخيرة منها، مما وفر تنوعا في قيمة نزول أسعار الفلل تختلف من منطقة إلى أخرى ومن عمر زمني للمبنى إلى آخر، إلا أن الانخفاض الأكبر كان للجديدة ذات الحجم الصغير الذي لا تتجاوز مساحتها الـ360 مترا مربعا. وقال خالد الباز، المدير العام لشركة الباز للتطوير العقاري، إن أداء الفلل منذ انطلاق العام الحالي تغير بشكل كبير، حيث انخفض متوسط سعرها بحسب المؤشرات العقارية إلى معدلات كبيرة، في قطاع ثقيل الحركة يصعب التنبؤ به في ظل الضغوطات التي يعيشها وانحسار السيولة وتراجع الأسعار، إلا أن ذلك مؤشر هام على التوجه العام للسوق بعد قرابة عقد من الارتفاع الذي وصل إلى التضخم ثم عاد للانحسار مرة أخرى، موضحاً أن هناك حاجة متنامية لتملك السكن، وخصوصاً الفلل في ظل توفر موارد الاقتراض، إلا أن ذلك لم يكن محفزاً على تزايد المبيعات نتيجة الفجوة الكبيرة في الأسعار بين عرض البائعين وقدرة المشترين. وزاد بأن هناك بلورة شاملة للسوق ابتدأت من سعر الأرض، وشملت تكلفة البناء، وانتهاءً بسعر البيع، حيث إنها تشكلت كسلسلة انخفاضات في جميع الخطوات، الأمر الذي انعكس على القيمة النهائية للمستهلك، رغم أنها لم تكن بكامل قوتها، بل إن فتح الطريق نحو الانخفاض أمر إيجابي بعينه بعد تراكم قيمة العقار وزيادته إلى مستويات كبيرة، لافتاً إلى أن هبوط مؤشر الأرباح، ولو بشيء يسير، هو إنجاز كبير يجب أن يسجل، خصوصاً أن العقار افتقد النزول في الأداء منذ ما يزيد على 8 سنوات كحد أدنى. وسجلت قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية انخفاضا بنسبة 12.5 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 7.8 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري عند أدنى من مستوى 1.1 مليار دولار، واستمرّت السوق العقارية المحلية في أدائها المتذبذب المسيطر عليها طوال الأشهر الثلاثة الأخيرة، الذي اتسم بتقلبات أسبوعية حادة ارتفاعا وانخفاضا، عند مستويات متدنية السيولة لم تتجاوز في المتوسط سقف 1.04 مليار دولار. ويُعزى انخفاض إجمالي قيمة الصفقات العقارية خلال الأسبوع الماضي إلى انخفاض قيمة صفقات كل من العمائر والفلل والأراضي. إلى ذلك كشف راشد التميمي، المدير العام لشركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة، أن الانخفاض أشمل من كونه يلف قطاعا بعينه، بل إنه يغشى جميع الأفرع العقارية المختلفة، كونها جميعاً تأثرت من الانخفاض الحاصل في الطلب، إلا أن الضغوطات كبيرة على الإنشاءات بالتحديد، وذلك لارتباطها بفترة زمنية معينة، وأن المنزل كلما تقدم به العمر نقصت قيمته، وبالتالي الطلب عليه. وأوضح أن الضغط الأكبر يدور في فلك المنازل الجديدة التي أنشئت للاستثمار وهي بنسب أقل من ناحية المنازل القديمة أو الأفرع الأخرى، خصوصاً الصغيرة منها، والتي لا تتجاوز مساحتها 360 مترا، والتي بدأت بالانتشار، وأخذت حيزاً كبيراً من مشاريع الفلل خصوصاً السنوات الخمس الأخيرة. وانخفضت عدد الصفقات العقارية بنسبة 3.4 في المائة، ليستقر عند مستوى 4373 صفقة عقارية، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 8.9 في المائة. وانخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 0.8 في المائة، ليستقر عند 4889 عقارا مبيعا، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 9.9 في المائة. وانخفضت مساحة الصفقات العقارية بنسبة 11.9 في المائة، مستقرة عند 44.2 مليون متر مربع، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 25.4 في المائة. وحول أسعار الفلل في منطقة الرياض، أكد عبد الله المحيسن، الذي يمتلك شركة المحيسن للتطوير العقاري، أن أطراف العاصمة والأحياء الجديدة هي الأكثر انخفاضا، خصوصاً الواقعة ضمن الحزام الجديد للمدينة، لافتاً بأن الحاجة إلى السيولة أثرت على الأسعار بشكل كبير، خصوصاً لمن يضع رأسماله الأكبر في المشاريع القائمة وهم فئة كبيرة في قطاع الاستثمار العقاري. ولفت بأن الفلل تضررت بعد موجة من الارتفاعات، كما تشتهر البيوت ذات الأحجام الصغيرة بأنها الأكثر رواجاً للمشاريع السكنية على حساب الكبيرة التي انحسرت بشكل كبير، وأضاف: «السوق فقدت جزءا من قيمتها المتأثرة أساساً منذ بدأ العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، كما لا يتضح أن هناك تحسنا ملموسا في ظل أداء المؤشرات». وزاد: «هناك تحديات كبرى سيخوضها القطاع العقاري بالنسبة للمطورين العقاريين، حيث يعتبر العام الحالي بمثابة التحدي الذي يواجه المستثمرين، خصوصاً مع دخول الحكومة كمنافس غير ربحي عبر برنامج (سكني) المنتظم في أدائه»، موضحاً أن الاستثمار في قطاع الفلل في تراجع، بعد أن كان يحقق نتائج إيجابية، خصوصا السنوات الخمس الأخيرة التي شهدت انتعاشاً ملحوظاً لهذا الفرع، وهو ارتداد طبيعي للمعدل العام لأداء العقار. وانخفض متوسط أسعار العقار محلياً منذ مطلع العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، حيث جاءت على النحو الآتي: انخفاض متوسط سعر العمائر السكنية بنسبة 26.8 في المائة، وجاءت الفلل السكنية في المرتبة الثانية بنسبة انخفاض 17.5 في المائة، ثم انخفاض متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 15.6 في المائة، وأخيرا ارتفاع متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 1.3 في المائة.
مشاركة :