في ضوء أهم قرارات صدرت في الفترة الأخيرة, وإجراءات نُفِّذت على الملأ لتطهير مؤسسات المجتمع من فساد الهدر المالي, بسنِّ شريعة العدل في العقوبة, والمساواة في الثواب, وفق خطوات تنفيذ مراحل الرؤية المستقبلية للوطن التي أُرسيت قواعدها, ووجّهت بوصلتها, ومُنحت إشارة البدء لكل قُبطان يدير محرك سفينتها, فجرَت في بحرها متجهة لشواطئها الآمنة, في ضوء هذا النور الذي عمَّ, والحق الذي انتصرت له القيادة الواعية, الفعالة المجددة, الطموحة, فإنني أقترح أن يتجه مقود المراكب الصغيرة لكل فرد ذاته ليتولى دورَه الفردي في تطهير ماله بدءًا بنفسه!!.. بهذه الخطوة, على جميع أفراد الوطن حينها أن يُخلصوا لهذه الإجراءات من تلقاء أنفسهم, دون حاجة لمن يتعقبهم, أو يكشف ما اختبأ في صفحاتهم, وما تراكم في حساباتهم, أو مخابئها الصلدة, سواء كانت مكاسبهم المادية قد تراكمت, وارتفع سقفها بشيء من التساهل في تقديم التسهيلات المختلفة التي ساعدت على الحصول عليها, وإن كانت رشوة بمصطلحها التفاعلي في سوق التجارة, والمال وهو «العمولة», إذ ذهبت الأغلبية من الناس دون تحرٍ بخشية فظنت أن العمولة غير الرشوة بينما هي عينها الوقحة, أو ارتفعت رؤوس أموالهم بمعرفة محضة بما يداخلها مما هو ليس لهم, وينبغي عليهم أن يتطهروا منه, إما بالصدق مع النفس, أو بالاعتراف للقانون, الذي بسط ميزانه, وحرك مكياله.. فالتطهير في الحياة الراهنة الفانية أيسر, وأخف وطأة من مواجهته بنار الآتية الخالدة.. أفلا يكاشف كل ذي مال نفسه, ويفحص مصادره, ويصدُق بفتح صفحاته, ولا يتوارى بإيهام, ولا يكابر بغرور..؟ إنه بذلك يعمل على مسيرة ترتجيها العقول الواعية, ويحلم بها الخُلَّص الأنقياء, ويتطلع لها الذين يأملون في حياة تتساوى فيها كفة العدل بين الناس, وهذا الذي تؤسس له القرارات التي صدرت, والإجراءات التي نُفذت كي تعود جداول الدخل نقية من شوائبها, سليمة في مصادرها, صحيحة في أحقيتها.. والأهم مطهرة من زيف الشهوة, وجموح الأطماع البشرية.. ويبقى في النهاية أن «رزقكم في السماء وما توعدون», فقد جعل الله لكلٍ قدرَه, ومِقداره حلالا طيبا مباركا فيه..
مشاركة :