تسعى إيران للحفاظ على عملاء نفطها في آسيا، آملة في أن تحفز تخفيضات الأسعار الشهية لخامها في مواجهة إمدادات شرق أوسطية منافسة، وفي ظل تهديد محتمل بفرض مزيد من العقوبات الأميركية. وقالت ثلاثة مصادر مطلعة إن شركة النفط الوطنية الإيرانية عرضت في الأسابيع القليلة الماضية شحنات فورية للخام، تراوحت بين الخفيف والثقيل على مشتريها القائمين في آسيا، بعد وضع أسعار تسليمات ديسمبر عند أقل مستوى في سنوات، مقارنة بنظيراتها من الخامات السعودية. ورفضت المصادر الكشف عن هويتها، لكونها غير مخول لها الحديث إلى وسائل الإعلام، بينما لم يتسن الحصول على تعليق من شركة النفط الوطنية الإيرانية. يأتي ذلك بينما أمام الكونجرس الأميركي حتى منتصف ديسمبر، ليقرر ما إذا كان سيعيد فرض عقوبات على إيران بعد رفعها في وقت سابق مقابل الحد من أنشطتها النووية، وذلك في ضوء إعلان الرئيس دونالد ترمب عدم التزام طهران ببنود الاتفاق. وقال تيلاك دوشي المستشار لدى "ميوز آند ستانسيل" في سنغافورة: "التهديد بعقوبات من الكونجرس الأميركي يضغط على إيران لتعزيز الأسواق عن طريق تخفيضات أسعار وتعديلات على شحن خامها". وخفضت شركة النفط الوطنية الإيرانية في البداية سعر البيع الرسمي لخام إيران الثقيل أمام الخام العربي المتوسط السعودي، لشهر أكتوبر، ثم قلصته مجدداً لشهر ديسمبر. وأظهرت بيانات على "تومسون رويترز أيكون" أن ذلك وضع الخصم السعري لخام إيران الثقيل لشهر ديسمبر، عند أكبر مستوى في أكثر من عشر سنوات مقارنة مع الخام العربي المتوسط. وفي الوقت ذاته فإن التخفيضات في سعر الخام الإيراني الخفيف، جعلته عند أقل علاوة سعرية في عامين أمام الخام العربي الخفيف السعودي. وقالت المصادر إن الهدف من تلك التخفيضات هو الحفاظ على المشترين الحاليين للنفط الإيراني، الذين لديهم بالفعل ترتيبات مدعومة حكومياً قائمة منذ بدأت العقوبات الغربية الأصلية تضر بصادرات إيران النفطية في الفترة من 2012 إلى 2014. وقالت مصادر تجارية إن المشترين اليابانيين والهنود استجابوا لتخفيضات أسعار أكتوبر، بزيادة الواردات، ومن المتوقع إبقائهم على حجم وارداتهم مرتفعاً بفضل الأسعار التنافسية. وجاءت عروض إيران لشهر ديسمبر قبل أسابيع من اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين من خارجها المقرر في 30 نوفمبر لاتخاذ قرار بشأن تمديد اتفاق لخفض الإنتاج ودعم الأسعار. وقال إحسان الحق مدير النفط الخام والمنتجات المكررة لدى "ريسورس إيكونومست" للاستشارات، إن العروض جاءت أيضاً عقب تزايد صادرات خام البصرة من العراق وزيادة إمدادات قطر في يناير، مما يضع الخام الإيراني تحت ضغط. رغم ذلك لا يتوقع المتعاملون والمحللون تكرار معركة الحصص السوقية التي اندلعت قبل اتفاق "أوبك" على خفض الإمدادات في 2016، حيث من المقرر أن تبقي إيران على إنتاج ثابتاً عند حوالي 3.8 مليون برميل يومياً، وصادرات بين 2.4 و2.6 مليون برميل يومياً.
مشاركة :