طبيعة النظام السياسي الإيراني بعد ثورة الخميني

  • 11/23/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

بحث مخصص الدخول والأرشيفنسخة الجوالal - watanالرئيسيةالسياسةالمحلياتالاقتصادالثقافةالرياضةحياة الوطنيكتب لكمنقاشاترؤية 2030PDF آخر تحديث: الخميس 23 نوفمبر 2017, 2:34 ص المملكة ومصر والإمارات والبحرين تضيف كيانين و 11 فردا إلى قوائم الإرهاب خادم الحرمين يطمئن على صحة أمير الكويت جهود سعودية توحد شمل المعارضة السورية قطر ترشو عون 75 مليونا لمناهضة السعودية 120 يوما لإعداد خطة مرورية تتصدى للحوادث استجواب عاجل لمتسببي غرق جدة 14 رادارا أغلقت عن المضللين المملكة ومصر والإمارات والبحرين تضيف كيانين و 11 فردا إلى قوائم الإرهاب طبيعة النظام السياسي الإيراني بعد ثورة الخميني في الدستور الإيراني، أعطى المشرع لثورته ودستورها وإمامها، دورا مركزيا في إنقاذ العالم بمحروميه ومستضعفيه، عبر هلوسة لفظية إنشائية تجعل من الولي الفقيه إمام العالم إن التحولات التي حدثت في بنية النظام السياسي الإيراني بعد ثورة 1979، تركت آثارا عميقة على الشرق الأوسط والعلاقات الإقليمية الإيرانية وسياساتها الخارجية. ولفهم السياسة الخارجية الإيرانية بطريقة أفضل، من الضروري فهم طبيعة النظام السياسي الإيراني بعد الثورة. إذ إنه بمجرد انتصار الثورة الإيرانية، وإطاحة النظام الملكي البهلوي، بدأ الصراع بين الفصائل المتنازعة التي اشتركت في تلك الثورة، وكانت تمثل طيفا واسعا من الرؤى والأفكار: الاشتراكية الماركسية اليسارية، الليبرالية، القومية، الإسلامية- القومية، وجناح الإسلام الراديكالي الشيعي الذي حسم الصراع لمصلحته في النهاية. تَشكّل الجناح الراديكالي الفقهي من رجال الدين الشيعة «الملالي» بقيادة الخميني، إذ أخضعت الثورة الإيرانية، وتبعتها إيران دولة وشعبا بعد وقت قصير، لهيمنة الملالي، مما غير طابع الثورة من «الإيرانية» إلى «الإسلامية». وبحسب علي أنصاري «2006: 7-9» أستاذ التاريخ الحديث في جامعة سان إندروا في سكوتلاندا، ومؤسس معهد الدراسات الإيرانية، فإن التغيير الذي حدث بحسم جناح الخميني الصراع لمصلحته، هو انتقال التركيز من الوطنية العلمانية كخلفية للثورة ومستقبل النظام السياسي الناتج عنها إلى الوطنية الدينية. وفي رأيي، فإن هذا يؤكد أن الثورة الإيرانية لم تفقد بُعدها الوطني الفارسي، حتى في ظل تحولها بشكل متسارع وسريع إلى ثورة دينية يقودها فقيه استطاع أن يقضي على كل خصومه بالقتل أو بالإبعاد. إذ شكلت الشيعية غطاء مناسبا للطموحات الفارسية القديمة في الهيمنة، ليس على الإقليم فحسب بل على العالم! إذ رُفع الخميني إلى مقامٍ أعلى من فقيه ومن قائد أو حتى زعيم للأمة. استمرت أسطرة الخميني، والتي بدأت قبل عودته من منفاه الباريسي، لتتوج بالملايين التي استقبلته في المطار، لكن هذه المرة ليس كقائد أو زعيم منفي عاد إلى الوطن بعد نجاح ثورة في بلاده شارك في قيادتها، بل كمشروع نبوة موجه للعالم كله! فقد قال عنه المرجع الديني الشيعي محمد باقر الصدر، إنه «أي الخميني» حقق حلم كل الأنبياء. وإذا علمنا أن الصدر هو مؤسس حزب الدعوة الذي يحكم العراق منذ إطاحة نظام صدام تقريبا، يصبح مفهوما كيف أصبح العراق كليّا تحت النفوذ الإيراني حتى بعد وفاة الخميني، لأن الرسالة التي حملها الخميني ما زال أتباعه يستثمرونها في حقل الهيمنة. منذ اللحظة الأولى لعودة الخميني من باريس، وقبل التداعي النهائي لعهد الشاه، خطب الخميني في الملايين التي استقبلته قائلا: «سأشكل الحكومة»! من تلك النقطة بدأت التحولات السريعة في الحركة الثورية الإيرانية التي أفضت إلى سيطرة الخميني وعصبته على مسار الثورة. بدا ذلك واضحا خلال مسار تحويل الثورة إلى مؤسسات، إذ أصدرت النخبة الفقهية الراديكالية تحت إدارة الخميني دستورا دائما لإيران، حددت الهوية الإيديولوجية والمبادئ الأساسية للنظام السياسي وشكل الحكومة. وكان الخميني -قبل ذلك- رفض الدستور الذي أعدته الحكومة الوطنية برئاسة مهدي بازركان، والذي خلا من منصب المرشد الأعلى، رغم إعطائه الحق لمجلس صيانة الدستور في إبطال التشريعات التي تعارض الإسلام، لكن الخميني كان يريد أن يتحكم في كل شيء. سبق الاستفتاء على دستور 1979، التصويتُ على طبيعة نظام الحكم بإيران في مارس من العام نفسه، بعد شهر ونصف الشهر تقريبا من انهيار نظام الشاه ونجاح الثورة، إذ كان جناح الخميني مستعجلا لإقرار شكل الحكم بكونه «جمهوريا إسلاميا»، وعدم تركه لأي مداولات لاحقة مع شركائهم في الثورة، ليتيح لهم ذلك متابعة خطواتهم اللاحقة في السيطرة الكلية على الثورة وإيران، عبر دستور 1979 الذي أعده جناح الخميني، وتم الاستفتاء عليه في ديسمبر من تلك السنة، بعد فترة وجيزة من احتجاز الرهائن الأميركيين في سفارة بلادهم في طهران، إذ التهت حركات اليسار والتيار القومي المعادي للإمبرالية عن معركة الدستور الذي لم تكن موافقة عليه، بعد أن رمى لها الولي الفقيه جزرة العداء للإمبريالية التي يسيل لها لعابها عادة، أيّاً كان مصدرها. تم تكريس الخميني في الفقرة الأولى من ذلك الدستور بأنه «الضمير الحي للشعب»، وتم تبني وجهة نظره في شكل الحكومة الإسلامية التي تتبنى ولاية الفقيه بطبعتها الخمينية، وتم إعطاء صلاحيات واسعة لمنصب المرشد الأعلى الذي تولاه الخميني بنص دستوري مدى الحياة، إذ أشارت المادة 107 إلى أن اختيار المرشد الأعلى بعد وفاة الخميني من صلاحيات «مجلس خبراء القيادة»، بنصٍ تقديسي لم يصل إليه حتى كيم إيل سونج؛ إذ نصت حرفيا على أنه «بعد وفاة مرجع التقليد المعظم والقائد الكبير للثورة الإسلامية العالمية ومؤسس جمهورية إيران الإسلامية سماحة آية الله العظمى الإمام الخميني «قدّس سره الشريف» الذي اعترفت الأكثرية الساحقة للناس بمرجعيته وقيادته، توكل مهمة تعيين القائد إلى الخبراء المنتخبين من الشعب»! هذا الدستور الذي أنشأ نظاما سياسيا هجينا يصعب على الباحثين في العلوم السياسية مقارنته مع النظم السابقة أو القائمة، جعل إيران بنسختها الخمينية المثال الوحيد للثيوقراطية ما بعد التقليدية كما يرى هوشنك شهابي «2001: 48» الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإيرانية. إذ إن دستور إيران بعد الثورة وواقعها السياسي أيضا، يشبه كل الأنظمة الشمولية، إذ التحكم المطلق للإيديولوجيا بالحياة العامة، ويشبه الأنظمة السلطوية من حيث سماحه بالتعددية المحدودة، لكنه أيضا فيه شبه من الديمقراطيات حيث تجرى فيها انتخابات. إن دستور ما بعد الثورة لم يحسم فقط طبيعة الحكم المحلي داخل حدود إيران، بتكريسه نظاما معقدا في الصلاحيات يعيد كل السلطات للولي الفقيه، عبر متاهة مُحكمة بل قدم الخميني «كمشروع نبي» للعالم! حيث طبع ذلك علاقات إيران الدولية. وأقول مشروع نبي، لأن المشرع الإيراني قد استحى من نسبة النبوة للخميني لوجود نصٍ قاطع في الإسلام يكذّب ذلك وينفيه، لكنه تحايلا على ذلك أعطى الخميني صفة الإمام ومنحه ولاية الأمر في زمن غيبة الإمام المهدي الذي يعتقد المسلمون بعودته، وأسبغ عليه صفات تخالط صفات الله تعالى «الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر؛ الشجاع القادر على الإدارة والتدبير» (المادة 5). ولمد سلطة الخميني وخلفائه لخارج إيران، نص الدستور على «الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة، ودورها الأساس في استمرار ثورة الإسلام» (المادة 2). وكما نرى، يرد الإسلام في هذه المادة مطلقا غير محدد بزمان أو مكان، وذلك لاحتكار سلطة تمثيله بشكل سرمدي في كل بقاع الأرض. ولم يكتف دستور الخميني بذلك بل إنه أشار في ديباجته «وبالنظر إلى محتوى الثورة الإسلامية في إيران، التي كانت حركة تهدف إلى نصرة جميع المستضعفين على المستكبرين، فإن الدستور يعدّ الظروف لاستمراريّة هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، خصوصا بالنسبة لتوسيع العلاقات الدولية مع سائر الحركات الإسلاميّة والشعبيّة، حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم ويعمل على مواصلة الجهاد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع أنحاء العالم» (الديباجة: 4). في هذا النص الدستوري أعطى المُشرّع الإيراني لثورته ودستورها وإمامها، بشكل واضح، دورا مركزيا في إنقاذ العالم بمحروميه ومستضعفيه، عبر هلوسة لفظية إنشائية تجعل من الولي الفقيه إمام العالم. لكن هذه الهلوسة الدستورية تحكمت وما زالت تتحكم في سياسة إيران الخارجية وعلاقاتها الإقليمية والدولية منذ ثورة الخميني. خلف علي الخلف 2017-11-23 2:17 AM

مشاركة :