اكتشاف آثار حضارات تبرز الوجه التاريخي والحضاري لـ «وادي حنيفة»

  • 11/23/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعد وادي حنيفة أحد أهم المعالم البيئية والتاريخية في الرياض، وبالإضافة إلى مكانته البيئية والسياحية خاصة بعد تنفيذ مشروع التأهيل البيئي، فإن الوادي أيضاً يزخر بالعديد من المواقع الأثرية والتراثية التي تعكس المكانة التاريخية لوادي حنيفة، ويجسد مشروع وادي حنيفة رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في العناية بالمكون الثقافي والمحافظة عليه، بما يحقق معادلة التوازن بين الأصالة ومواكبة الحداثة. شهد تداولاً حضارياً كبيراً عبر حقب تاريخية مختلفة وكان خادم الحرمين الشريفين، قد افتتح مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة في مدينة الرياض يوم الاثنين 20 ربيع الآخر 1431هـ، عندما كان أميراً لمنطقة الرياض ورئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، مما يؤكد أهمية مشروع وادي حنيفة وبعده التاريخي والحضاري. وادي حنيفة عبر التاريخ.. عراقة وحضارة وأكدت الشواهد التاريخية والمعالم الأثرية التي تم اكتشافها مؤخراً في وادي حنيفة من خلال الفرق التابعة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن الوادي يمثل منطقة حضارية عريقة ضاربة في القدم، وأنه شهد تداولاً حضارياً كبيراً عبر الحقب التاريخية المختلفة، واستشعاراً لهذا الدور الثقافي الحضاري للوادي فقد قامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بعدد من عمليات التنقيب والكشف الأثري في وادي حنيفة، حيث تم مسح 160 كيلومتراً تقريباً، شملت بطن الوادي وضفتيه، وأعالي الجبال المطلة عليه، وبدأ نطاق المسح من حافة العالم أو ثنية فهرين كما تعرف في الكتب البلدانية المبكرة، وانتهى في روضة السهباء في محافظة الخرج، وهذه المسافة تمثل الامتداد الطبيعي لوادي حنيفة، والذي كان يعرف في وسطه باسم "وادي الحيسية" وفي أعلاه يعرف باسم "وادي الخُمرة" وفي امتداده الأكبر بدءًا من العيينة وانتهاءً بمصبه في روضة السهباء يعرف "باسم وادي حنيفة"، حيث تشكل هذه المسميات الثلاثة وادٍ كان يعرف قديماً باسم "وادي العرض"، كما تم تسجيل كل موقع وبلدة تراثية، ومعلم مع وصفه وتسجيل إحداثياته. تسجيل (448) موقعاً ومعلماً أثرياً وتاريخياً وقد تمكن الفريق الميداني للتنقيب الأثري بوادي حنيفة، خلال المرحلة الأولى من تسجيل (448) موقعاً ومعلماً أثرياً وتاريخياً متنوعاً شملت، مواقع تصنيع الأدوات الحجرية، حيث تم اكتشاف عدد كبير من ورش تصنيع الأدوات الحجرية، خصوصاً على حافة وادي المخرة الجنوبية، التي شهدت تسجيل عدد من المواقع المتفاوتة في أحجامها وقربها وبعدها من مجرى الوادي، والتي غالباً ما تشرف على شعبان فرعية عميقة تغذي الوادي الرئيس، الذي كان يعرف باسم "وادي المخرة " كما وجد في تلك المواقع مصادر مادة الصوان الخام، في شكل مصاطب على أسطح الجبال، إذ أسهمت عوامل التعرية في كشفها، إلى جانب اكتشاف أدوات مصنعة وأدوات غير مكتملة. وعثر في الوادي على كثير من الكهوف المتباينة التي تنتشر على امتداد الوادي، وهي كهوف متفاوتة في أحجامها وأماكن وجودها، التي وجد بعضها في جوانب الشعبان المغذية للوادي الرئيس، مثل شعيب قريا عبيد، وشعيب القصير الذي يقع قبالة إصلاحية الحائر من الغرب، وأوضحت الدراسة أن بعض هذه الكهوف أجري عليها تعديلاً عبر المراحل المختلفة. المنشآت الحجرية تشكل المنشآت الحجرية أحد المواد الأثرية التي تم اكتشافها على امتداد الوادي، وعلى حافتيه، وتشمل الدوائر الحجرية المفرغة، والمدافن الركامية الحجرية الدائرية، والمدافن الركامية المستطيلة، والمدافن الركامية الحجرية المربعة، والمدافن الركامية الحجرية المذيلة، والمدافن الركامية الحجرية ذوات الأحجام الضخمة من جميع الأنواع، والمنشآت ذات الصفة الجينية أو الجنائزية، كما تم رصد عدد كبير من المنشآت الحربية الدفاعية مثل الأسوار الخاصة بالبلدات والأسوار الخاصة بالمزارع، والأبراج، وأبراج التحذير من العدو، والحصون المشيدة على أسطح الجبال، والحصون المشيدة داخل المستوطنات، والقلاع، وجميعها مبنية بمادة الحجارة، وقد يحدث أن توجد منشآت حجرية تحوي الحجارة والطين في آن واحد، ولكن يبدو أن كل واحد منها يخص فترة، ووجد على امتداد وادي حنيفة أدلة على استثمار زراعي متمثل في أنظمة الري مثل صرف مياه الوادي عبر عدد من القنوات والتي تكون في شكل أخاديد ضخمة لري المزارع المنتشرة على جوانب الوادي، كما عثر على عدد كبير من الآبار التي تتفاوت في أحجامها وأشكالها ومادة بنائها، وأوضحت الدراسة وجود منارتين متقابلتين على رؤوس أغلب الآبار. ومن الآبار التي تدعم الجانب الاقتصادي من خلال ري المزارع، آبار بلدة العيينة وآبار بلدة الجبيلة القديمة المقابلة جنوباً لمدفن الشهداء، وآبار قرية عرقة الواقعة في بلدة عرقة التراثية، كما شملت أنظمة الري بوادي حنيفة، وفقاً، للدراسة السدود التراثية التي أوجدها سكان الوادي عبر الفترات المختلفة على مساره والتي استخدم في بنائها صخور الجندل الضخمة، واتبع فيها هندسة التدريج لكسر حدة اندفاع الماء والمحافظة على بقاء السد، وتم العثور على عدد من السدود، منها ما وجد في العيينة، والمليبد والوصيل، وبالقرب من الصياح. المستوطنات التراثية تنتشر القرى التراثية على امتداد الوادي، خصوصاً عند التقائه بوادي بوضة، وبين الكشف الأثري الذي تم أن بعض تلك البلدات قد اندثر، ولا زال بعضها باقٍ إلى يومنا هذا، والبعض، مثل بلدات: العيينة القديمة، والجبيلة، والمليبد، والدرعية وعرقة، وغبيرة، وغبرا، والصياح والمصانع ومنفوحة القديمة، والحائر، والسلمية بالخرج واليمامة، وكان جميع هذه البلدات يعتمد في الاقتصاد على النشاط الزراعي الذي يقوم على المياه التي يجلبها وادي حنيفة، سواء للزراعة الدائمة، أو الزراعة الموسمية، ولا تزال مكونات تلك القرى ماثلة للعيان، وهي قرى اعتمدت في عمارتها على مادة الطين، إلى جانب الحجارة التي تم استخدامها لتقوية بعض المنشآت الحجرية. وقام بتنفيذ المرحلة الأولى من التنقيبات الأثرية فريق عمل مكون من الهيئة وجامعة الملك سعود، ومكتبة الملك فهد الوطنية، ودارة الملك عبدالعزيز، أما المرحلة الثانية من التنقيبات الأثرية بوادي حنيفة فقد ركزت على مواقع العصور الحجرية الواقعة في الجزء الأعلى للوادي، ونتج عن عمليات المسح اكتشاف مناطق من الشعب المرجانية التي تدل على أن المكان كان مغموراً بالمياه لفترات طويلة. كما تم تسجيل عدد كبير من المواقع الأثرية، شملت المنشآت الحجرية، ومصادر لمواد خام تستخدم في صناعة الأدوات الحجرية، وكميات كبيرة من الأدوات الحجرية العائدة إلى عصور مختلفة، إلى جانب العثور على المدافن البرجية، والمدافن ذات الأبواب الجانبية، إضافة إلى أدوات تعود إلى العصر الحجري منها سواطير ضخمة، وفؤوس، والأدوات ذات الوظائف المتعددة والمشارط والأزاميل والفؤوس الحجرية الصغيرة والمخارز، وأدوات الحفر، ورؤوس الرماح. وكشفت الدراسة عن وجود عدد من المغارات، والكهوف على امتداد وادي حنيفة كان يستخدمها إنسان تلك المنطقة في الاحتماء من عوامل الطبيعية. كما تم اكتشاف عدد كبير من أماكن إقامة الإنسان على المصاطب الغربية لرحبة الحيسية، وهي في الغالب أماكن إقامة لإنسان العصر الحجري الحديث لما قبل الفخار، ومن بين هذه المستوطنات، مستوطنة مسورة، تقع على أحد أكتاف شعيب قرى عبيد، واتضح ومن خلال المسح الأثري أنها تحتوي على كميات من الكسر الفخارية، وكسر من أواني الحجر الصابوني، وكسر زجاجية وخرزتان مصنوعات من عجينة الزجاج، وبعض القطع المعدنية، وتم العثور على بقايا عدد من العيون على امتداد وادي حنيفة؛ خصوصاً في سدوس، ووادي بوضة، والعينية، وفي الجبيلة، وفي غصيبة وفي الخرج. بقايا سد أثري إحدى القلاع على ضفة الوادي قرى وقصور تراثية في الوادي

مشاركة :