يتيح قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي إمكانات كبيرة تصل إلى 920 بليون دولار، مسجلاً نمواً قدره 156 في المئة خلال السنوات الخمسة المقبلة، وموفراً 22 مليون وظيفة، وذلك وفقاً لدراسة جديدة أجرتها «مينا ريسيرتش بارتنرز» (MRP)، شركة البحوث الرائدة في المنطقة. وقد تمّ إصدار الدراسة أمس، أثناء احتفال إمارة الشارقة بنجاحات الشركات الصغيرة والمتوسطة الجديدة والمحلية خلال مهرجان الشارقة لريادة الأعمال. وتشكل منطقة دول مجلس التعاون الخليجي 34 في المئة فقط من قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي يقدر بنحو 360 بليون دولار، أي ما يعادل 26 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، إلا أن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بأكبر الإمكانات بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة على المستوى الإقليمي، إذ نما هذا القطاع من قاعدة منخفضة نسبياً. ويُقدّر قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية، والذي يعتبر منشطاً وداعماً لريادة الأعمال وفقاً لـ «مينا ريسيرتش بارتنرز»، بنحو تريليون دولار سنوياً. وتبلغ حصة القطاع من الناتج المحلي في الدول النامية نحو 50 في المئة. وأكد الرئيس التنـــفيذي لشركة «مينا ريسيرتـــش بارتـــنرز» أنتـــوني حبـيقة، أن معظم هذا النمـــو «يأتي من أبرز المناطق الجغرافية مثل المملكة العربية السعـــودية ودولة الإمارات العربية الـــمتحدة والتي تعطي الأولوية الكبرى للــشركات الصــغيرة والمتوسطة من خلال إطلاقها قوانين وسياسات ومبادرات جديدة بهدف زيادة حصة تلك الشركات من الاقتصاد الوطني. فعلى سبيل المثال، في رؤية السعودية 2030، حدّدت المملكة هدفاً لرفع حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي الناتج المحلي من معدله الحالي عند 20 في المئة إلى 35 في المئة. كما حدّدت دولة الإمارات العربية المتحدة في رؤيتها 2021 هدفاً لرفع حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي من معدله الحالي البالغ 60 في المئة إلى 70 في المئة». وأوضح أن «الشركات الصغيرة والمتوسطة تعتبر المنشط الأول لتأمين الوظائف في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. ويقدّر حجم التوظيف لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة حالياً بحوالى 17 مليون موظف مع إمكان النمو إلى 22 مليوناً خلال خمس سنوات، أي بزيادة قدرها 30 في المئة أو ما يعادل 55 في المئة من إجمالي السكان المنخرطين في سوق العمل». وفي منطقة تتميز بكتلة سكانية شابة سريعة النمو، فإن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة يعتبر شريكاً أساساً للحكومات في المنطقة في استيعاب العدد الكبير من الشباب الذين سيدخلون إلى سوق العمل خلال العقد المقبل. كما عدد سكان منطقة دول مجلس التعاون الخليجي ينمو بمعدل مرتفع يبلغ 2.9 في المئة ويشكل الشباب منهم 73 في المئة من العدد الإجمالي. ويمكن مقارنة مثل هذه الأرقام بمعدلات النمو العالمية البالغة 1.3 في المئة ومعدلات تقل عن 50 في المئة بالنسبة للشباب. وأضاف حبيقة أن «مثل هذه التوقعات المستقبلية الإيجابية للشركات الصغيرة والمتوسط ولريادة الأعمال في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تعكس حماسة المستثمرين من القطاع الخاص وقطاع الشركات لزيادة استثماراتهم في هذا القطاع. وقد استثمرت شركات رأس المال المغامر نحو بليون دولار في الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الجديدة خلال السنوات الخمسة الماضية. وعلى رغم أن مثل هذه الأرقام تظل متدنية، إلا أنها نمت سريعاً خلال السنوات الأخيرة مدفوعة بقصص نجاح في قطاعات مثل قطاع التكنولوجيا. هذه المبادرات تعوّض الفجوة الكبيرة التي أوجدتها المصارف وأسواق المال المحلية في إخفاقها في تأمين تمويل كاف للشركات الصغيرة والمتوسطة». وتمنح المصارف حالياً 2 في المئة فقط من قروضها للشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مقارنة بـ13 في المئة في بقية المنطقة العربية، وتفوق ذلك بمعدلات أكبر في بلدان أخرى مماثلة. وتظل أسواق المال، وبالأخص مبادرات الطرح الأولي للأسهم، مغلقة أمام الشركات لأنه لم يتمّ جمع أموال كبيرة من أسواق الأسهم خلال السنوات الماضية. وقد تبنّت الحكومات الإقليمية مبادرات عدة في السنوات الأخيرة لإنشاء النظام البيئي للشركات الصغيرة والمتوسطة وتشجيعه.
مشاركة :