«التمساح» خليفة موغابي على رأس زيمبابوي

  • 11/23/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سليمة لبال | يستعد إيمرسون منانغاغوا، الذي شغل لفترة طويلة منصب نائب الرئيس في زيمبابوي، للعودة الى البلاد بعد أن فر الى وجهة غير معروفة عقب إقالته من منصبه مطلع نوفمبر الجاري. ويبدو أن الرجل الذي يلقب بالتمساح، هو من سيخلف موغابي على رأس السلطة، ذلك أن الجيش يدعمه، وهو ابن المؤسسة العسكرية التي حكمت البلاد بالنار لسنوات طويلة. حين فُصل إيمرسون منانغاغوا من منصبه كنائب للرئيس في السادس من نوفمبر الجاري، بعد أن ساءت علاقته مع قائده القديم، الرئيس موغابي، أدرك أنه لا يملك اي وقت لاضاعته في زيمبابوي إن أراد البقاء حيا ثم العودة لتسلم السلطة. لذلك أعلن البدء عن تنفيذ مخطط جاهز منذ شهور، لكن ليس قبل تجاوزه الحدود بفضل حلفائه داخل الجيش، ليبث بعد ساعات خطابا وعد فيه بالعودة الى البلاد. في ذلك الوقت كان اعداؤه مجتمعين حول زوجة الرئيس غريس موغابي، وهم يبكون من شدة الضحك، ذلك أنهم لم يفهموا شيئا مما فعله منانغاغوا. بعد ثمانية أيام بالضبط، كانت الدبابات تكتسح شوارع هراري وروبرت موغابي تحت الرقابة، فيما صمت كل من كانوا يضحكون بالامس، بينما بقي منانغاوغا الملقب بـ«التمساح» متواريا عن الأنظار، غير ان الجنرال شيوينغا الذي يقود قوات الدفاع الزيمبابوية وعد يوم الاثنين 20 نوفمبر بعودته الوشيكة. إنه يحاول أن يفرض نفسه كرئيس بالنيابة، ذلك انه دعا الثلاثاء روبرت موغابي الى الاستقالة، في رسالة وجهها عبر الصحافة، وبرر دعوته برغبته في ان يتقدم البلد ويحافظ على موروثه، مؤكدا أنه لن يعود الى بلاده ما لم توفر له ضمانات لحماية حياته. يتساءل سكان زيمبابوي اليوم عن مكان منانغاغوا وعما إذا كان في جنوب افريقيا، على الرغم من أن حضوره كان واضحا خلال الايام الماضية، فخلال التظاهرات الداعمة للجيش في هراري كان المتظاهرون يهتفون باسمه وأما شباب الحزب الحاكم في زيمبابوي فيحفظون خطاباته عن ظهر قلب. ترتيبات على نار هادئة يلقب إيمرسون منانغاغوا في زيمبابوي بـ «أي دي» وهما الحرفين الأولين من اسميه اللذين يعرف بهما، وهما ايمرسون دامبودزو، وأما في الخارج فيلقب بـ «التمساح»، فهل يقف وراء العمليات العسكرية التي شهدتها البلاد خلال الايام القليلة الماضية؟ تم تدبير عمليات الانقلاب على موغابي بهدوء وتم التحضير لها على نار هادئة جدا، لكن التساؤلات حول مستقبل البلاد تتضاعف يوما بعد يوم والخوف من الغد بات مسيطرا على الجميع. في الحقيقة، ما جرى في زيمبابوي ليس ثورة وإنما عملية ترميم وتجديد قادها فريق شكله إيمرسون منانغاغوا، ويتكون من جنرالات ومحاربين قدامى في حرب تحرير البلاد، فيما قام مناضلون سابقون ورابطة الشباب بالسيطرة على الحزب بخطوات محسوبة بعيدا عن اي عنف غبي. شيئا فشيئا سيطر رجال بهدوء على السلطة وكانوا جميعهم ينتمون في وقت سابق للقوات المسلحة او الاستخبارات العامة أو مختلف المنظمات السرية وكان التمساح أحد قادتهم. لقد كان لهؤلاء الرجال خبرة في ممارسة العنف يوميا او في الظروف الاستثنائية. زيمبابوي بلد ثري بمعادنه الاستثنائية وغدا سيؤول لهم كل شيء، فيما سيكون إيمرسون منانغاغوا زعيمهم. قام منانغاغوا برعاية الجيش ووعد بالانفتاح السياسي ونهوض زيمبابوي ووضع حد للهاجس الذي يحذو الزيمبابويين من البيض. كان منانغاغوا شجاعا ومخيفا وذكيا مع الشركاء الاجانب ولا يعرف له احد اي نقطة ضعف. إنه ينتمي إلى جيل اشتد عوده وهو يحارب الاستعمار قبل ان يواصل مسيرته في كواليس النظام الزيمبابوي. وبالنسبة للتمساح كان التواجد في الصف الاول ضرورة دوما. معركة الاستقلال كان منانغاغوا من اوائل مراهقي مستعمرة روديسي، الذي التحقوا بمعركة تحرير البلاد، حيث تدرب في تنزانيا ومصر ثم نانكين في الصين، حيث تلقى تدريبا خاص في مجال الاستخبارات، حلم حياته. وحين التحق بالثورة في الادغال، أصبح عضو وحدة عصابة التماسيح، وقد أطلق عليها هذا الاسم بسبب وشم كان يزين ذراع احد ابطالها ويدعى سيفو نكوب. في عام 1964، اعتقل بعد أن تمكن ورفاقه من تدمير قاطرة في محطة ماسفينغو، حيث تم تعذيبه وتعليقه من الرجلين. لقد كان منانغاغوا في الـ18 من عمره، حين فقد السمع من أذنه اليسرى، وحكم عليه بالسجن بعد ان نجا من حكم بالاعدام. في السجن التقى مع روبرت موغابي، هذا الرجل الحديدي، الذي امشى وقته في الدراسة عن طريق المراسلة وتنظيم المقاومة ضد القوات الاستعمارية. ما ان اطلق سراحهما حتى التحقا بالكفاح المسلح، لكن قيادة الاركان هذه المرة في الموزمبيق، حيث عين منانغاغوا سكرتيرا خاصا لروبرت موغابي قبل ان يغادر الى زامبيا للدراسة وبعد التحرير اصبح رئيس الاستخبارات ثم الرجل الذي يثق به موغابي. ويذكر اسم منانغاغوا في عدة احداث شهدتها زيمبابوي والمنطقة، بينها حرب جمهورية الكونغو الديموقراطية في 1998، حيث قامت فرقة زيمبابوية بالاستيلاء على أموال الدولة، فيما وضع قادتها يدهم على ماسات نفيسة، فأصبحوا اثرياء ويستهزئون بتقارير الامم المتحجدة التي سلطت الضوء على هذه السرقة. بعد عشرة اعوام، فازت المعارضة بالدور الاول من انتخابات الرئاسة في زيمبابوي، لكن منانغاغوا كان موجودا من اجل انقاذ النظام وكان وراء عمليات العنف التي استهدفت المعارضة بين دوري الانتخابات ما ادى الى مقتل المئات الى أن انتهى جميع المرشحين للانسحاب، ولم يبق سوى المرشح موغابي خلال يوم الاقتراع، واليوم لا يوجد مرشح آخر للرئاسة في زيمبابوي غير التمساح. ¶ لوفيغارو ¶

مشاركة :