الرباط (أ ف ب) - ترفع جميع مساجد المغرب الجمعة صلاة الاستسقاء بعد ان طالت موجة الجفاف، ما يثير مخاوف كثيرة في بلد يعتمد اقتصاده كثيرا على قطاعه الزراعي. وصرح رئيس الفدرالية المهنية لإنتاج وتصدير الفاكهة والخضار الحسين أضرضور ان "تداعيات تأخر الأمطار بدأت تتجسد في منطقة سوس" (جنوب). واضاف هذا النقابي الذي يملك بساتين برتقال في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس "ان العثور على الماء بات اصعب من قبل، وبات يتطلب الحفر إلى أعماق أكبر". ويشهد المغرب منذ نهاية الصيف تراجعا كبيرا في نسبة الامطار، حسب المديرية الوطنية للارصاد الجوية، التي لا تتوقع هطولا قريبا للامطار. والازمة هذه ليست مقتصرة على المغرب بل تطاول ايضا اسبانيا والبرتغال اللتين تعانيان ايضا من الجفاف. وتعكس العينات المجموعة منذ الستينيات في المغرب وجود ظاهرة احترار، تصل إلى اربع درجات مئوية، مصحوبة بانخفاض منسوب المتساقطات السنوية، بحسب عدد من الدراسات التي نشرها جامعيون مغاربة. وفي الموسم الجاري يبدو انتاج الحبوب الذي يستحوذ على حصة كبرى من الانتاج الزراعي المغربي، الأكثر عرضة للتهديد. فقد يجبر الجفاف هذا البلد الذي يعد 35 مليون نسمة على استيراد كميات هائلة من الحبوب. لمواجهة هذا الخطر قرر العاهل المغربي "إقامة صلاة الاستسقاء، تخشعا وتضرعا إلى الباري جلت قدرته، أن يسقي عباده وبهيمته (...) وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته"، بحسب بيان لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وأكد البيان بالتالي اقامة "صلاة الاستسقاء بالمصليات والمساجد الجامعة، بمختلف جهات وأقاليم المملكة يوم الجمعة المقبل، في الساعة التاسعة والنصف صباحا". - "الحكم يعني المطر" - نظرا إلى حجم هذه الاشكالية باتت توقعات الارصاد الجوية احد الاحاديث الطاغية بين سكان المغرب كافة، من المقاهي الى الاوساط الاقتصادية. في مطلع الاسبوع خضع وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عزيز أخنوش لمساءلة النواب. وقال ان "تأخر هطول الأمطار لغاية دجنبر (كانون الاول/ديسمبر) لن يؤثر على الموسم الفلاحي"، ووعد باتخاذ وزارته "خلال هذا الموسم الفلاحي عدة إجراءات" وبرامج لدعم المزارعين. وأضاف مسؤول في الوزارة رفض الكشف عن اسمه "من السابق لأوانه الحديث عن جفاف. لكن في حال عدم هطول المطر حتى منتصف كانون الاول/ديسمبر فسيصبح الوضع حرجا". واشارت وسائل الاعلام المحلية الى اللجوء الى طائرات تابعة للدرك الملكي لاستمطار الغيوم، في اسلوب يؤدي الى امطار صناعية. وتشكل الزراعة مصدر الرزق لحوالى 40% من سكان المملكة وتتصدر بفارق كبير القطاعات المساهمة في اجمالي الناتج الداخلي (اكثر من 15%) قبل السياحة والصناعة. واوضح الجامعي الخبير في علوم الزراعة عبد اللطيف خطابي لوكالة فرانس برس ان "اجمالي الناتج الداخلي للبلد مرتبط بنظيره للزراعة التي تشكل محرك اقتصاد المغرب. فسكان الارياف يعتمدون اقتصاديا على الانشطة الزراعية". وكان ثيودور ستيغ المسؤول الفرنسي في اواخر العشرينيات اثناء فترة الحماية الفرنسية قد لخص مشكلة الجفاف في المغرب بالقول "في المغرب، الحكم يعني المطر". على مر العقود التالية ظل النمو مرهونا بالمتساقطات رغم محاولات الحكومة تنويع موارد اقتصادها، فسجل نسبة 4,5% في 2015 ثم 1,6% في 2016 بسبب جفاف شديد اثناء الموسم الزراعي. ويتوقع ان يتجاوز النمو في 2017 نسبة 4% بفضل موسم اعتبر "استثنائيا". لكن طيف التراجع ما زال محدقا بالعام 2018. وتبنت المملكة في 2008 استراتيجية زراعية طموحة اطلقت عليها تسمية "مخطط المغرب الاخضر" لتحسين اساليب الانتاج وعائدات صغار المزارعين. لكن لا شيء يتيح التنبؤ بتقلبات المناخ، التي يصحبها شح متزايد للموارد المائية تضاعف بسبب الاستغلال المفرط لمخزونات المياه الجوفية.حمزة مكوار © 2017 AFP
مشاركة :