عواصم - وكالات - على وقع تسارع الجهود الدولية والعربية والإقليمية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، تتوالى المأساة الإنسانية فصولاً، وجديدها ما كشفه تقرير للأمم المتحدة عن أن السوريين المحاصرين في منطقة الغوطة الشرقية لدمشق يضطرون لأكل القمامة وإجبار أطفالهم على التناوب على تناول الطعام جراء النقص الشديد في الغذاء. وجاء في تقرير لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أنه منذ سبتمبر الماضي اضطر نحو 174 ألفاً و500 شخص في بلدة دوما المُحاصرة على اتباع «استراتيجيات تكيّف» مع الوضع الطارئ. وأضاف التقرير «يشمل ذلك تناول الطعام الذي انتهت صلاحيته وعلف الحيوانات والنفايات والبقاء لأيام من دون طعام والتسول والقيام بأنشطة شديدة الخطورة للحصول على طعام. وإلى جانب ذلك وردت تقارير عن وقوع كثير من حالات الإغماء بسبب الجوع بين أطفال المدارس والمدرسين». وأكد التقرير، الذي استند إلى مسح عبر الهواتف المحمولة ومعلومات من مصادر على الأرض، أن أربعة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم من الجوع، بما في ذلك طفل في دوما انتحر بسبب الجوع. وكشف أن «بعض المنازل تلجأ إلى سياسة التناوب حيث لا يتناول الأطفال الذين أكلوا الطعام بالأمس طعاماً اليوم والعكس صحيح». وفي ظل الحصار المشدد الذي تفرضه قوات النظام على الغوطة منذ سنوات، حذر التقرير من «أن الوضع سيزداد تدهوراً في الأسابيع المقبلة، حيث من المتوقع أن ينفد مخزون الغذاء تماماً وستتقلص استراتيجيات التكيف في المنازل بشدة نتيجة لذلك». من جهة أخرى، أعلنت المعارضة السورية، المجتمعة في مؤتمر «الرياض 2»، أمس، أن «العملية الانتقالية لن تحدث من دون مغادرة بشار الأسد وزمرته ومنظومة القمع والاستبداد عند بدئها»، وأن المفاوضات المباشرة غير المشروطة تعني طرح ونقاش المواضيع كافة، ولا يحق لأحد وضع شروط مسبقة. جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن مؤتمر الرياض الذي بدأت أعماله أول من أمس بهدف توحيد صفوف المعارضة، وتشكيل وفد موحد إلى محادثات جنيف المقررة الثلاثاء المقبل برعاية الأمم المتحدة. وشددت المعارضة على أن أي حل سياسي يجب أن يستند إلى بيان «جنيف 1» لعام 2012، وقرارات مجلس الأمن، والقرارات الدولية ذات الصلة، مشيرة إلى أن «العملية السياسية... لم تحقق الغاية المرجوة منها بسبب انتهاكات النظام المستمرة للقانون الدولي، وعدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحماية المدنيين السوريين ورفع الحصار عنهم». وحسب البيان، فإن المشاركين «خلصوا إلى التوافق حول القضايا المصيرية التي تواجه سورية، مؤكدين تمسكهم بوحدة الأراضي السورية وسلامتها»، و«التزامهم بأن سورية دولة متعددة القوميات والثقافات». وتعهد المجتمعون «الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وإصلاحها، مع وجوب إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، وضمان حقوق العاملين فيها»، وأكدوا أن «مؤسسات الدولة السورية الشرعية، التي يختارها الشعب السوري عبر انتخابات حرة ونزيهة، هي من سيكون لها حصراً حق حيازة السلاح واستخدامه». وشددوا على رفض الإرهاب والتطرف، وأيضاً التدخلات الإقليمية والدولية، «خاصة الدور الإيراني في زعزعة أمن واستقرار المنطقة، وإحداث تغييرات ديموغرافية فيها». واتفق المشاركون على أن «هدف التسوية السياسية، هو تأسيس دولة ديموقراطية... ما يمكن السوريين من صياغة دستورهم من دون تدخل، واختيار قياداتهم عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة يشارك فيها السوريون داخل وخارج البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة، وتحقيق عملية انتقال سياسي جذرية»، مؤكدين أن «المفاوضات المباشرة غير المشروطة تعني أن كافة المواضيع تطرح وتناقش على طاولة المفاوضات، ولا يحق لأي طرف أن يضع شروطاً مسبقة». لكنهم أوضحوا أن «المطالبة بتنفيذ ما ورد في القرارات الدولية لا تعتبر شروطاً مسبقة، أو يمنع طرح ومناقشة جميع المواضيع، بما فيها شكل الحكم ونظامه وصلاحيات سلطاته ومسؤوليه، وموقع رئاسة الجمهورية والحكومة وغيرها». ورغم إصدار البيان الختامي، تواصلت أعمال مؤتمر «الرياض 2» لاختيار ممثلي «الهيئة العليا للمفاوضات»، ومنسق عام جديد بعد استقالة رياض حجاب، على أن يختتم اليوم الجمعة بمؤتمر صحافي. ويشارك في الاجتماع نحو 140 شخصية يمثلون المعارضة الرئيسية الموحدة تحت راية وفد واحد، بالاضافة إلى ممثلين عن «منصة القاهرة» التي تضم مجموعة معارضين مستقلين، وأعضاء من «منصة موسكو» القريبة من روسيا. وقال رئيس دائرة الاعلام في الائتلاف المعارض أحمد رمضان ان «منصة القاهرة باتت جزءاً من وفد المعارضة الرئيسي الى جنيف». من جهته، قال رئيس «منصة موسكو» نائب رئيس الوزراء السوري الأسبق قدري جميل الغائب عن الاجتماع «سنسعى الى أن يتشكل وفد واحد مع الحفاظ على عدالة التمثيل». وفي موسكو، أعلن الكرملين، أمس، أنه يبذل جهودا مكثفة لتنظيم «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي، رغم «تحفظات» أنقرة التي تعارض مشاركة فصائل كردية مقاتلة في التسوية. وقال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف «نعلم أن شركاءنا الاتراك لديهم تحفظات حيال موضوع بعض القوى التي يعتبرون انها تشكل تهديداً لأمنهم، لكن هذا لا يعني ان العمل لن يجري. يقوم خبراؤنا بعمل مكثف لكي يقرروا ويتفقوا على لوائح (المشاركين)»، موضحا ان هذا المؤتمر يضم النظام السوري والمعارضة وسينظم «في المستقبل القريب». من جهته، أعلن رئيس أركان القوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف أنه سيتم على الأرجح تقليص حجم القوة العسكرية الروسية في سورية، في حين قال نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف إن مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا سيزور موسكو اليوم.
مشاركة :