حكم تأخير تقسيم الميراث

  • 11/24/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

د. عارف الشيخ إحدى الأخوات سألتني عن حكم تأخير تقسيم التركة، فقالت بأن أخاهم الأكبر لا يريد أن يقسم تركة والدهم المتوفى من سنتين، فهو يتسلم إيجارات البناية والأخت لا تعلم عن تفاصيل الإيجار، لأنه يعطيها شيئاً لكنها تظن أن حصتها أكبر من ذلك.أقول: إن التركة هي ما يتركه الميت من الأموال؛ بناية كانت أو حيوانات أو نقديات أو ديوناً مستحقة.يقول ابن حزم الظاهري «إن الله تعالى أوجب الميراث فيما يخلفه الإنسان بعد موته من مال لا فيما ليس بمال، وأما الحقوق فلا يورث منها إلا ما كان تابعاً للمال، أو في معنى المال مثل حقوق الارتفاق والتعلي، وحق البقاء في الأرض المحتكرة للبناء».والتركة عند المالكية والشافعية والحنابلة تشمل جميع ما يتركه الميت من أموال وحقوق، سواء كانت مالية أم غير مالية.والتركة عند الأحناف هي ما يتركه الميت من الأموال مطلقاً.إذاً نفهم من هذا بغض النظر عن الاختلافات اليسيرة بين الفقهاء في مفهوم التركة، بأنها هي حقوق أربعة متعلقة بالتركة، وهي كما يقول سيد سابق رحمه الله في «فقه السنة» ليست بمنزلة واحدة.فالحق الأول من حيث الترتيب والقوة: تكفين الميت كما قرر الشرع.والحق الثاني: قضاء ديونه.والحق الثالث: تنفيذ وصيته من ثلث الباقي بعد قضاء الدين.والحق الرابع: تقسيم ما بقي من ماله على الورثة.يقول العلماء إن تأخير توزيع التركة على مستحقيها يؤدي إلى المشاحنات وقطع الرحم بالطبع.أضف إلى ذلك أن الورثة ليسوا كلهم أغنياء، فمنهم الفقير المحتاج، والمال بعد وفاة الشخص لم يعد ملكاً له بل انتقل إلى ملك الورثة، وأقصد عموم الورثة، فليس لواحد منهم أن يتحكّم في الباقين.ولا يخفى على القارئ أن المال الذي يتركه الميت لورثته تترتب عليه الزكاة سنوياً، فيجب إخراج زكاته وإخراج الزكاة أصبح بعد موت المورث مسؤولية الورثة، ولا يتحمل الميت وزر التأخير إلا إذا كان في حياته لم يخرج زكاة ماله، وتراكمت عليه وكان التأخير من غير عذر شرعي، فإن الميت يتحمل وزر ما قبل الموت.وبناء على هذا فإن من منع أحداً من الورثة من أخذ حقه من مال مورثه بحيلة تأخير تقسيم التركة يعد ظالماً وآثماً، من جهة بسبب فعلته هذه، ومن جهة أخرى عليه أن يخرج زكاة ذلك المال.ومن أجل ذلك عليه أن يبادر بتوزيع الميراث من غير تأخير، وإعطاء كل ذي حق حقه من إخوانه وأخواته أو غيرهما، وقد شدد بعض العلماء فعد مثل هذا الإنسان من الغاصبين وفي الحديث «من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين» (رواه البخاري ومسلم).وربما احتج بعضهم بأن الورثة المشتركين معه في الإرث غير محتاجين أقول: مثل هذا العذر لا يعتد به شرعاً، لأن التركة توزع من غير النظر إلى حالة الورثة، كما أن الرجل يجب عليه أن ينفق على زوجته حتى لو كانت غنية لأن ذلك مالها الخاص.هذا وقد رأينا فعلاً أناساً من الأثرياء أخّروا تقسيم التركة إلى أن توفي الجيل الثاني والثالث، وظلت تلك الحقوق معلقة ، وذمم الذين تأخروا في التقسيم ثم ماتوا مشغولة، والخلاف قائم إلى يومنا هذا، وهذا من غضب الله تعالى على الإنسان، وإلا كيف يسعى إلى الجحيم بيديه؟!

مشاركة :