كانت تلك الليلة التي حقق خلالها كريستيان إريكسن أحد أكبر إنجازاته داخل أرض الملعب على امتداد مسيرته الكروية، كانت الدنمارك بحاجة لمشاركته أمام جمهورية آيرلندا في إحدى مباريات الملحق الفاصل للتأهل لكاس العالم... وبالفعل، لبى إريكسن النداء. ونجح لاعب خط وسط «توتنهام هوتسبير» في تسجيل ثلاثة أهداف في دبلن شكلت القوة الدافعة وراء الفوز بنتيجة 5 - 1 لتتأهل الدنمارك بذلك لنهائيات بطولة كأس العالم في روسيا الصيف المقبل. وانهالت الإشادات على اللاعب، كان معظمها من قبل مدربه النرويجي آجي هاريدي الذي وصفه بأنه أحد أفضل 10 لاعبين في العالم. وفي مؤشر على مدى سرعة وتيرة الأحداث على صعيد كرة القدم الحديثة، والتقلبات المتطرفة التي تشهدها، فإنه في غضون سبعة أيام فقط وخلال الفترة التي سبقت مواجهة «توتنهام هوتسبير» و«بوروسيا دورتموند» في إطار تصفيات المجموعة الثامنة من بطولة دوري أبطال أوروبا، بات إريكسن مضطراً إلى الحديث عن مشاعر مختلفة تمام الاختلاف. وتأتي الهزيمة أمام «آرسنال» بنتيجة 2 - 0 في إطار ديربي شمال لندن على استاد الإمارات، السبت، خير دليل على ذلك. باختصار، لقد شعر إريكسن بالأرض تميد من تحت قدميه، ويقف اليوم من جديد في مواجهة الحاجة لأن يثب نفسه وقدراته. وفي هذا الصدد، قال إريكسن: «ربما يكون من الجيد أن نخوض مباراة جديدة بهذه السرعة بعد الديربي بحيث يمكنك الثأر لنفسك ولو قليلاً، وأمامك فرصة لأن تثبت للعالم أنك أفضل قليلاً من ما رآه منك السبت الماضي. عندما يتلقى المرء ضربة على الرأس، عادة ما يسقط أرضاً، لكن يجب علينا أن ننهض واقفين على أقدامنا من جديد». وأضاف: «معاونة وطنك على الوصول لكأس العالم أمر لا تحققه كثيراً، وكانت بالتأكيد تجربة مثيرة للغاية بالنسبة لي. أما المباراة التي خضناها السبت، فكانت مختلفة تماماً، لقد جاءت بمثابة صفعة مدوية مقارنة بما حدث الثلاثاء قبل الماضي أمام جمهورية آيرلندا. لقد كان ذاك نجاحاً وكان هذا إخفاقاً وثمة فجوة ضخمة بينهما». يذكر أن إريكسن شارك مع منتخب بلاده في بطولة كأس العالم لعام 2010 في جنوب أفريقيا وكان حينها لاعباً واعدا في الـ18 من عمره. وخلال البطولة، شارك مرتين كلاعب بديل. وجاء الظهور الثاني له خلال مباراة حياة أو موت في دور المجموعات أمام اليابان، وانتهت بهزيمة الدنمارك وخروجها من البطولة. هذه المرة، يشارك إريكسن باعتباره التعويذة السحرية في فريق هاريدي، واللاعب الذي يحمل على عاتقه آمال الأمة الدنماركية بأسرها. وقال إريكسن بينما ارتسمت على وجهه ابتسامة: «كان حديث المدرب عني في أعقاب مباراة آيرلندا شرفا كبيرا بالنسبة لي. أعتقد أن أدائي تحسن بصورة ملحوظة خلال الـ12 شهراً الماضية. وبدا في أدائي المزيد من الاتساق والتناغم. في الواقع، لقد أظهر كامل فريق (توتنهام هوتسبير) تحسناً مذهلاً في أدائه». وثمة معايير متنوعة لتقييم مستوى التقدم. في مثل هذا الوقت من العام الماضي، خسر «توتنهام هوتسبير» أمام موناكو بنتيجة 2 - 1 في إطار دور المجموعات ببطولة دوري أبطال أوروبا، ما أدى إلى خروجه من البطولة. الآن، نجح النادي في التأهل لدور الـ16 بالبطولة بعد أربع مباريات وتصدر النادي الإنجليزي مجموعته عقب الانتصار 2 - 1 على بروسيا دورتموند أول من أمس الثلاثاء. ومنذ موسمين، سافر «توتنهام هوتسبير» لمواجهة «بوروسيا دورتموند» في دور الـ16 ببطولة الدوري الأوروبي، وتعرض للهزيمة بنتيجة 3 - 0. ومع هذا، تبدو تلك المباراة اليوم وكأنها تنتمي إلى حقبة أخرى مغايرة تماماً. ومن اللافت كذلك أن الفريق بقيادة ماوريسيو بوكيتينو كان المرشح الأكبر للفوز بديربي السبت أمام آرسنال قبل انعقاده، حتى وإن كان أخفق في ذلك. من ناحيته، قال بوكيتينو: «التوقع الأكبر الآن أن نفوز ببطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الممتاز، وأنا سعيد بالضغوط والانتقادات التي نتعرض لها، ذلك أنها تعني أن الناس ينتظرون منا المزيد. ونحن ندرك جيداً أننا نشهد تحسناً كبيراً في جميع الجوانب». وأضاف إريكسن: «نظر الناس بادئ الأمر إلى مجموعتنا التي تضم ريال مدريد وبوروسيا دورتموند وقالوا إننا سنواجه وقتاً عصيباً وسينتهي بنا الحال في الدوري الأوروبي. إلا أننا أثبتنا أن هناك أفضل من هذه التوقعات وبمقدورنا المنافسة داخل دوري أبطال أوروبا». وتتركز الانتقادات التي طالت بوكيتينو ولاعبيه في نتائج مبارياتهم أمام منافسيهم من أعضاء نادي الستة الكبار بالدوري الممتاز خارج أرضهم. خلال 16 مباراة أمام هذه الأندية خارج أرضه وتحت قيادة بوكيتينو، تمكن «توتنهام هوتسبير» من الفوز مرة واحدة. ورغم أنها بطولة مختلفة، فإن ثمة فرصة أمام «توتنهام هوتسبير» لإبداء صلابته في مواجهة «بوروسيا دورتموند» في إطار إحدى أهم البطولات الأوروبية وهو ما حدث بالفعل. علاوة على ذلك، فإن ثمة أمرا خاصا يتعلق بالبطولات، أو بالأحرى غيابها، ذلك أن البعض يصرون على أن بوكيتينو بحاجة للفوز ببطولة من أجل تعزيز تاريخه داخل النادي. في هذا الصدد، قال إريكسن: «رغم أننا لم نفز ببطولة بعد، أعتقد أنه عندما تنظر إلى النقطة التي انطلقنا منها، ستلحظ بالتأكيد أننا نسير بصورة إيجابية نحو الأمام. وقد أثبتنا بالفعل بما لا يدع مجالاً للشك أمام الجميع أن (توتنهام هوتسبير) يسير في اتجاه إيجابي». أمام «بوروسيا دورتموند»، واجه بوكيتينو معضلة فيما يخص اختيار التشكيل. كان النادي الألماني قد تعادل في مباراة وخسر أربع مباريات خلال المباريات الخمس الأخيرة له بالدوري الألماني الممتاز، وخرج من بطولة دوري أبطال أوروبا بعد تعادلين أمام «أبويل نيقوسيا». من جانبه، تخلى المدرب بيتر بوسز عن المهاجم الأساسي بالفريق، بيير إميريك أوباميانغ، فيما يخص التشكيل الذي دفع به، الجمعة أمام شتوتغارت لأسباب عقابية، وانتهت المباراة بالهزيمة أمام شتوتغارت. وعدل توتنهام هوتسبير، الذي ضمن التأهل بالفعل، تأخره بهدف ليتغلب على مستضيفه بروسيا دورتموند 2 - 1 في دوري أبطال أوروبا الثلاثاء ويضمن مكانه في صدارة المجموعة الثامنة قبل مباراة على نهاية دور المجموعات. وفي الدقيقة 49 استطاع هاري كين كبير هدافي توتنهام معادلة الهدف الذي سجله بيير - إيمريك أوباميانغ في الشوط الأول محرزا هدفه السادس في البطولة هذا الموسم قبل أن يسجل زميله هيونغ - مين سون هدف الفوز في الدقيقة 76. وأبقت هذه النتيجة على الفريق اللندني في المركز الأول برصيد 13 نقطة متقدما بثلاث نقاط على ريال مدريد الإسباني الذي سحق مضيفه أبويل نيقوسيا 6 - صفر. وسيستضيف ريال في المباراة المقبلة منافسه الألماني بينما سيرحب توتنهام، الذي يتفوق على منافسه الإسباني في المواجهات المباشرة، بمنافسه القبرصي في الجولة الأخيرة. جدير بالذكر أن إريكسن لاعب الدنمارك صاحب الثلاثية قال إن أداءه في الفوز 5 - 1 على آيرلندا ربما يغير حياته بعد التأهل لكأس العالم لكرة القدم العام المقبل. وبعد أن أهدر عدة فرص في التعادل من دون أهداف في ذهاب ملحق التصفيات في كوبنهاغن لم يخطئ إريكسن في دبلن وقتلت ثلاثيته الأحلام الآيرلندية. ورغم إشادة زملائه ودوره الكبير في الانتصار كان إريكسن متواضعا كالمعتاد. وقال: «هذا شعور مجنون. كنا نكافح سويا لفترة طويلة منذ بداية التصفيات». وأشار إريكسن، الذي أحرز 21 هدفا في 75 مباراة دولية، إلى أن المزيد من الأهداف سيأتي من المنتخب الدنماركي في روسيا. وقال: «سنكرر ذلك ونحاول تسجيل أكبر عدد من الأهداف في كأس العالم أيضا».
مشاركة :