أهم عملية إصلاح في أي مكان في الشرق الأوسط، اليوم، هي في المملكة العربية السعودية خلافًا للربيع العربي الذي شهدته الدول العربية، فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يقود التغيير من أعلى إلى أسفل، وهو لن يغير الشخصية السعودية بل كذلك سيعيد النموذج الإسلامي المعتدل. لم يخطر ببالي قط أنني سأعيش بما فيه الكفاية لأشهد اليوم الذي يتسنى لي فيه كتابة الجملة التالية: تشهد السعودية اليوم عملية الإصلاح الأكثر أهمية مقارنةً بأي بُقعةٍ من بقاع الشرق الأوسط. نعم، فأنتم تقرؤون ما كتبتهُ بشكلٍ صحيح. وبالرغم من أني جئت للسعودية أثناء بداية فصل الشتاء فيها، إلا أني قد وجدت البلاد تمُرُّ بربيعها العربي، على النمط السعودي. بهذه الكلمات وصف الكاتب الأميركي الشهير توماس فريدمان في مقاله بـ”نيويورك تايمز” عن لقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الرياض. ويكمل فريدمان في وصف رحلته للسعودية ولقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالقول: على خلاف أي ربيعٍ عربي في مختلف البلدان الأخرى- التي ظهرت جميعُها من الطبقة الأدنى إلى الأعلى وفشلت بشكلٍ فادح، ما عدا ذلك الذي حدث في تونس- يقود ولي العهد البلاد الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عامًا حركة الربيع العربي، هذه بدءًا بعلية القوم ونزولًا إلى من دونهم من الأعلى إلى الأدنى، وفي حال أتت ثمارها، فإنها لن تقلب موازين السعودية فحسب بل إنها ستغير أيضًا معنى ومفهوم الإسلام في جميع أرجاء العالم، والأحمق فقط هو من لا يقف في صف هذه الحركة. وتابع بقوله: لكي أتمكن من فهم المسألة بشكلٍ أفضل، توجهت مسافرًا إلى الرياض لمُقابلة ولي العهد، الذي يعرف عادةً بـ” إم بي إس”، والذي لم يتطرق أبدًا للأحداث الاستثنائية التي حصلت هُنا في مطلع شهر نوفمبر، حينما قامت حكومته بإلقاء القبض على عشرات الأمراء ورجال الأعمال السعوديين بتُهمٍ تتعلق بالفساد، ومن ثم وضعهم في سجنٍ فاخرٍ مؤقت- فندق الريتز كارلتون- إلى حين أن يوافقوا على تسليم مكاسبهم غير المشروعة. وإنهُ لمن النادر جدًّا أن نشهد مثل هذا الحدث. ويضيف فريدمان: لقد التقينا مساءً في قصر عائلته ذي جُدران الطوب في حي العوجا شمال الرياض. وقد كان “إم بي إس” يتحدث باللغة الإنجليزية، في حين تشارك أخاه الأمير خالد- سفير السعودية الجديد لدى الولايات المتحدة- وعددٌ من كبار الوزراء أطباقًا مُختلفة من لحم الضأن وأضافوا للحديث رونقًا خاصًّا. وبعد أن قضينا أربع ساعاتٍ سويًّا، استسلمتُ عند الساعة 1:15 صباحًا لعنفوان شباب الأمير محمد بن سلمان- ويجدر الذكر بأن عُمري ضعف عُمره. ومع ذلك، فقد مر وقتٌ طويلٌ جدًّا منذ أن تكلم معي أي زعيمٍ عربي بسيلٍ عارمٍ من الأفكار الكبيرة التي ترمي إلى إحداث نقلةٍ في بلاده.
مشاركة :