لماذا لا يكون لدينا مركز وطني لمكافحة الغش التجاري على غرار «البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة»؟ سؤال مشروع، وملح، ومطلوب الإجابة عنه عاجلاً؛ لأن واقع السوق الغارق في البضائع المغشوشة والمقلدة لا يحتمل التأخير، أو التسويف، أو حتى النظر إلى أصحاب المصالح الضيقة، خاصة أن حياة المواطن وصحته أهم علينا من جشع بعض التجار ممن يفكّرون في الكسب المادي من دون اعتبارات أخرى. المستهلك دفع حياته وسلامته وماله مقابل أجهزة ومواد مقلدة ورديئة.. ويستحق منّا حمايته وتوعيته وتعد تجربة «البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة» ناجحة في تقديم أفضل الممارسات العالمية لتحديد المقاييس التي تؤمن أنسب درجات كفاءة الطاقة في المكيفات، ومواد العزل الحراري، والإنارة، والأجهزة المنزلية، إلى جانب التنسيق مع اللجنة الوطنية لكود البناء لتحديث وتبسيط المعايير القياسية والإجراءات الواردة في الكود المتعلق بكفاءة الطاقة، ووضع آليات تضمن تطبيق الكود، كما عمل البرنامج على زيادة كفاءة استهلاك الطاقة في صناعات الحديد، والإسمنت، والبتروكيماويات، حيث إنّها تستهلك أكثر من (80) من استهلاك القطاع الصناعي للطاقة، إلى جانب سعيه إلى تحديد متطلبات بيع السيارات في السوق المحلي، وإلزام موردي السيارات بتوفير معلومات عن اقتصاديات الوقود للمركبة، وحث المؤسسات الحكومية على شراء مركبات اقتصادية للوقود؛ لتكون مثالاً يحتذى به. نجاح «مركز كفاءة الطاقة» مغرٍ لاستنساخ التجربة وتوحيد عمل الجهات الحكومية وتطبيق العقوبات وتبدو العلاقة ظاهرة ومتكاملة بين «مركز كفاءة الطاقة» و»مركز الغش التجاري» على اعتبار أن الثاني انعكاس لجهد الأول، خاصة عندما نحارب البضائع المغشوشة والرديئة؛ فإن ذلك يعني استثمارا أمثل للطاقة، والتخلي عن الأجهزة والمواد غير المطابقة. مسودة قرار وتقدم «الرياض» مقترحاً لإمكانية تطبيق «المركز الوطني لمكافحة الغش التجاري»؛ بهدف تطبيق المواصفات القياسية السعودية واللوائح الفنية للمنتجات والسلع المستوردة والمصنعة محلياً، وتمكين المستهلك العادي من المقارنة بين السلع حسب جودتها، بتطبيق «بطاقة الجودة» -كتلك التي استخدمها المركز الوطني لكفاءة الطاقة لتوضيح مستوى كفاءة الأجهزة وتوفيرها للطاقة-، إلى جانب التسويق للأجهزة عالية الجودة والتقليل من انتشار الأجهزة المقلدة والمغشوشة، وخلق روح المنافسة العادلة بين التجار لعرض سلع عالية الجودة للمستهلك. ويضم المركز في عضويته مختلف الجهات الرقابية والتنفيذية، ومنها: وزارة الداخلية، وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزارة التجارة والصناعة، وزارة الثقافة والإعلام، وزارة الاقتصاد والتخطيط، مصلحة الجمارك، الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، إضافة إلى ممثلين عن القطاع الخاص. ويسعى المركز عملياً إلى توحيد الجهود بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في محاربة الغش التجاري، بدءاً من بلد المنشأ، مروراً بإجراءات الفسح، ومختبرات الفحص، وانتهاءً بتوعية المستهلك لاختيار المنتج الذي يحمل مواصفات فنية عالية في السوق، وتمييزه بعلامة أو «كود» كما هو الحال في «استكر» كفاءة الطاقة؛ مما يسهم في حماية المستهلك من الأضرار التي قد تنتج عن المنتجات المغشوشة أو المقلدة، وتحديداً في صحته وحياته، إلى جانب تمييز المنتجات الرديئة التي لا تحمل مواصفات قياسية، وتعزيز ثقافة الجودة عند المستهلك، وكشف حيل المتلاعبين في السوق، والحفاظ على اقتصاديات الأسرة من شراء الرخيص الذي لا يدوم، إلى جانب الاقتصاد الوطني بالتخلي عن إغراق السوق ببضائع مقلدة ورديئة. وتشمل أعمال «المركز الوطني لمكافحة الغش التجاري» تطوير السياسات والأنظمة واللوائح المنظمة لاستيراد وتصنيع المنتجات الاستهلاكية، ودعم تكامل جهود الجهات المعنية بمكافحة الغش التجاري والتنسيق فيما بينها، وتعزيز الوعي الاجتماعي والرسمي العام في التصدي للبضائع المغشوشة والرديئة، والمساهمة في وضع المواصفات القياسية للأجهزة والمعدات، إلى جانب المشاركة في تنفيذ بعض المشروعات الريادية التي تتطلب مشاركة المركز، بشكل يساعد على المحافظة على جودة المنتجات وسلامة تطبيق المواصفات القياسية، بما يحقق عدالة المنافسة بين المستوردين والمصنعين في السوق. ويتوقع من «المركز الوطني لمكافحة الغش التجاري» -لو تم إقراره- أن يساهم في نقلة نوعية على مستوى التنظيمات والسياسات، والتنسيق بين الجهات الحكومية التي لا تزال تمارس أدواراً آحادية، وربما ثنائية، وحتماً ليست متكاملة بين فريق وطني يفترض أن يكون حاضراً بقوة لمواجهة الغش التجاري الذي وصل ذروته، وتأثر منه التاجر النزيه، وتضرر منه المواطن في سلامته وصحته وماله، وبالتالي نتوقع من المركز أن يحرّك تلك الجهود، ويستثمر إمكاناتها لمعالجة الخلل الكبير الذي يعانيه السوق اليوم ودفع ثمنه الجميع. كما نتوقع من المركز أن ينفذ حملات توعوية مركزة، وشاملة، ومتعددة الأهداف، ومحددة الأولويات، حيث لا تزال الجهات الرقابية والتنفيذية عاجزة عن أداء تلك المهمة، بل تتهرّب منها لكلفتها من جهة، وعدم رغبتها تحمل المسؤولية لوحدها، وهو ما يعني أن الجهود التي تبذل حالياً لمكافحة الغش التجاري تتم من دون توعية للمستهلك، بل أكثر من ذلك تتم أحياناً من دون تحذير لبعض المنتجات التي تهدد حياته وأفراد أسرته. كما نتوقع من المركز أيضاً أن يشترط وضع اسم شركة أو مؤسسة المستورد أو المصنع وعلامته التجارية على المنتج، وتحديد كفاءة استخدامه وفق نتائج قياسية لمختبرات متخصصة، وهي الخطوة التي ستمنح السوق عدالة بين المتنافسين، وخياراً أفضل للمستهلكين، وتحديداً بعد أن توفرت له المعلومة التي من خلالها يقرر الشراء ويتحمل نتائج قراره سلباً أم إيجاباً. وننتظر من المركز أن يساهم في إنشاء معهد متخصص لتدريب الكوادر الوطنية على مكافحة الغش التجاري، والإفادة من الخبرات الدولية، إلى جانب دعم المختبرات الوطنية بالمعلومات والممارسات الفنية التي تضمن نجاح العمل. كما ننتظر من المركز موافاة المستهلك بتقارير دورية ومحدّثة لنتائج مختبرات المنتجات التي فشلت في تطبيق المواصفات القياسية المطلوبة، والتحذير منها باسم المركز؛ بهدف تضييق الخناق على مستوردي ومصنعي البضائع المغشوشة، وكشف سلوكياتهم، من خلال المعلومة الموثقة أمام المستهلك. كذلك يُنتظر من المركز أن يؤسس لثقافة مجتمع في التصدي للمنتجات المقلدة والرديئة، من خلال إدراجها ضمن المناهج التعليمية، ونشرها في المدارس والمساجد والوسائل الإعلامية المختلفة، كذلك تنظيم الفعاليات، والندوات، وورش العمل، والبرامج المتخصصة للمنتجين والمستوردين. نتوقع من المركز حملات توعوية وتحديث التنظيمات والسياسات ووضع اسم المستورد وعلامته التجارية على المنتج مركز تنسيقي وكشف "عمرو عبدالواحد" -مختص في إدارة الجودة- عن تزايد الغش التجاري في السوق، مشيراً إلى أن الضحية دائماً هو المستهلك، موضحاً أنه مع كل ما بُذل من جهود رسمية لا نزال بحاجة إلى جهد أكثر، وتنسيق أكبر بين عدة جهات حكومية وخاصة لتطهير السوق من البضائع المغشوشة والرديئة التي وصلت إلى تهديد حقيقي لحياة المستهلك، وصحته، إلى جانب الهدر المالي في شراء الرخيص الذي لا يدوم، كذلك أهمية توفير المعلومة للمستهلك لبناء قراره في الشراء من عدمه. وقال:"تأتي فكرة إنشاء مركز وطني لمكافحة الغش التجاري -على غرار المركز الوطني لكفاءة الطاقة- حل أمثل لمواجهة المشكلة التي تكبر كل يوم، وتبحث عن جهود مشتركة ومتكاملة للتصدي لها، وليس كل جهة تؤدي دورها الأحادي في المواجهة، وما يترتب على ذلك من وجود ثغرات في التطبيق يستغلها البعض في تمرير المنتجات غير المطابقة". وأضاف أن ظاهرة الغش التجاري والتقليد تحتاج إلى تظافر جهود عدة جهات حكومية وخاصة، مشيراً إلى أن الواقع أن كل جهة تعمل منفردة أو أحادية مع جهة أخرى من دون أن يكون هناك تنسيق كافٍ، والدليل أن "السوق غرقان" من البضائع الرديئة والمغشوشة، ويتزامن ذلك مع الفشل الذريع ل"جمعية حماية المستهلك" في تقديم أي عمل حقيقي، لهذا نطالب بايجاد جهاز وطني واحد ينسق عمل هذه الجهات في بوتقة واحدة حتى تظهر النتائج بشكل أسرع، ويكون هناك رادع قوي لكل من يتاجر بأرواح البشر. وأشار إلى أن النتائج الكبيرة التي حققها المركز الوطني لكفاءة الطاقة تعود بعد توفيق الله إلى وضوح الرؤية، وتنسيق الجهود، والرغبة في تغيير الواقع بقوة النظام، والوقوف مع المستهلك في تحديد قراره، وظهر ذلك بوعية ببطاقة كفاءة الطاقة الملصقة على الأجهزة الكهربائية، خاصة المكيفات، داعياً إلى ضرورة استنساخ التجربة بمركز وطني لمكافحة الغش، حيث يستهدف سلعاً معينة مع كل خطة زمنية محددة، والبدء بالمواد الأكثر خطورة على الإنسان، بحيث يكون هناك تعاون وعمل موحد بتكثيف الرقابة والتوعية، وتوضيح أساليب الغش وزيادة حملات التفتيش، ويتزامن ذلك مع تجديد الدعوة للشركات العالمية والمحلية لخفض أسعار المنتجات الأصلية، وتوفير خدمات ما بعد البيع كأسلوب من أساليب عدم لجوء المستهلك الى اقتناء المنتجات المقلدة والرخيصة. مشاركة المصانع الوطنية الكبرى في مجلس إدارة المركز يضمن نجاحه العقوبات غير كافية وقال "عبدالواحد" شهدنا في الفترة الأخيرة التشهير ببعض المخالفين، وهي خطوة عملية في مواجهة الغش التجاري تُحسب لوزارة التجارة والصناعة، ولكن هذه الخطوة الإيجابية بحاجة إلى استمرار، وليس فقط تحرير مخالفات، أو إغلاق مؤقت لمكان المخالفة، مطالباً بضرورة تغليظ العقوبات، حيث تتراوح العقوبات في نظام الغش التجاري حالياً للغرامات مابين خمسة آلاف ريال إلى مئة ألف ريال أو بإغلاق المحلّ مُدّة لا تقلّ عن أسبوع ولا تزيد على تسعين يوماً، أو إغلاق المحل أو بالسجن من أسبوعٍ إلى تسعين يوماً، أو أن يؤمر المستورد بإعادة تصديره البضاعة، وهي عقوبات غير كافية وغير رادعة مقارنة مع المكاسب الكبيرة التي يحققها المستوردون لهذه البضائع المغشوشة. أهمية المركز ورأى "أحمد الرميح" –نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي الصيني الأسبق- أهمية التصدي للغش التجاري، لافتاً إلى أنَّ إنشاء مركز وطني يكافح الغش بمشاركة الجهات الحكومية والقطاع الخاص مطلب شعبي؛ لأنَّ البضائع المغشوشة تشكّل خطراً يهدد صحة المستهلك وحياته في آن واحد. وقال إن وصول البضائع المغشوشة والمقلدة هي أكبر تحدٍ يواجه الاقتصاد السعودي، وبالتالي إنشاء المركز يوحّد الجهود للتصدي لها، وكشف حيل المتلاعبين بها، إلى جانب تحذير المستهلكين من شراء ما يضرّ بصحتهم أو يهدد حياتهم، خاصة الأجهزة والأدوات الكهربائية التي تسببت في اندلاع الحرائق، وسقوط قتلى بسببها، كذلك قطع غيار السيارات، والإطارات الرديئة التي راح ضحيتها الأبرياء، وهذه مبررات كافية لدعم إنشاء المركز الوطني لمكافحة الغش التجاري، مشدداً على أهمية مشاركة القطاع الخاص باعتباره معنياً بقضية الغش بالدرجة الأولى، كذلك منح التاجر النزيه فرصة للمشاركة، وتحمل مسؤولياته، وتحقيق العدالة في السوق. وأضاف:"نحن نؤيد أيّ فكرة تحد من دخول البضائع والسلع المغشوشة، ونأمل تواجد المزيد من المختبرات لفحصها"، لافتاً إلى أنَّ البضائع المغشوشة لا تدخل إلى "أمريكا"، وتحديداً بعد تطبيق سلسلة من الإجراءات الفنية التي تمَّ اتّباعها، ومنها وجود مختبرات نوعية ومراكز وطنية متخصصة في مكافحة الغش التجاري، مؤكداً على أنَّ "الجمارك" و"وزارة التجارة" و"هيئة المواصفات" يبذلون جهوداً كبيرة في هذا الجانب، ولا نزال ننتظر منهم الكثير. تجربة الصين وقال "الرميح":"قابلنا مسؤولين صينيين أثناء زيارة الوفد التجاري السعودي الذي كنت أرأسه، وطلبنا بشكل واضح إيقاف البضائع المغشوشة والمصنعة في سجون الصين وغير المرخصة، وأكدوا لنا أنَّهم يحاربون البضائع المقلدة، ويكافحونها على نطاق واسع، باعتبارها تشوه الاقتصاد الصيني، وبيّنوا آنذاك أنَّها لا تشكّل شيئاً في الدخل القومي بالنسبة لتجارتهم الخارجية"، مضيفاً أنَّ الجانب الصيني أوضح أنَّ تلك البضائع المغشوشة تشوه سمعة التجارة الصينية، كما أوضحوا أنَّ مشكلة الغش ليست من هذه البضائع المغشوشة، بل من بعض الأجانب الذين يدخلونها لدول الخليج العربي والسوق السعودي على وجه التحديد، مُشيراً إلى أنَّ المشكلة تكمن في تمرير هذه البضائع إلى "المملكة" بأسعار رخيصة. حماية المستهلكين وشدّد "د.محمد المهندس" –أستاذ جامعي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن- على أهمية وجود آلية حقيقية تكافح الغش التجاري الذي يتضرر منه المواطن والمقيم بشكل مستمر، مضيفاً أن وجود مشكلة الغش في موقع معين يتوجب حلها حسب حجمها، ولذا نؤمن بأهمية وجود مركز وطني مختص لمكافحة الغش الذي يضرّ بالمستهلكين"، مشيراً إلى أنَّ المستهلك في الوقت الراهن متروك ليحل مشكلته مع البائع فقط، مؤكداً على أنَّ ذلك خطأ كبير. وقال:"من المهم أن يكون المركز متخصصاً وله مهام عدة، وأهداف محددة، ويستنفر الجهود الرسمية والخاصة والمجتمعية"، مستدركاً:"إجراءات التنسيق والتنفيذ تتم بعد الموافقة على الإنشاء، ويجب ألاَّ تخرج إلاَّ عبر دراسات أكاديمية"، مشيراً إلى أنَّ المطلوب هو وجود مركز يحمي المستهلك من الغش التجاري، مبيّناً أنَّ إنشاءه مهم للغاية في هذا التوقيت، لافتاً إلى أنَّ وجود مركز يعمل بشكل جدي لابد أن ينعكس على المستهلك، ففي نهاية المطاف يريد المستهلك انعكاس عمل المركز على أرض الواقع، مما يعني عملياً إصلاح السوق، وهذا لا يكون إلاَّ عبر آليات مدروسة وعلمية. وأضاف أنَّ المسألة تلح علينا جميعاً أن يُفتتح مثل هذا المركز، موضحاً أنَّ البائع والمستهلك متروكان ليواجها بعضهما دون تدخل أو رقابة من طرف ثالث، وهذا خطأ من الناحية القانونية والأخلاقية في السوق، مشيراً إلى أنَّ المستهلك لا يأخذ حقه بعد أن يدفع المبالغ الخاصة بالشراء، ويظل من موقع لموقع، بل يدخل البعض في شجارات، موضحاً أنَّ المهم هنا هو أن يخرج المركز بآليات تمنع الغش التجاري، ونحن نُعوّل كثيراً على مثل هذا الدور الذي تجتمع فيه الكوادر العملية. معهد تدريب وأكد "د.محمد بن دليم القحطاني" –أستاذ جامعي، وخبير اقتصادي- على أن المطلوب هو تفعيل الدور المؤسساتي للدولة وأجهزتها عبر التنسيق القوي والفاعل بين الجهات المعنية بهذه القضية تحديداً، مثل "الجمارك" و"الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة" و"وزارة التجارة"، وغيرها من المؤسسات المعنية، مشيراً إلى أنَّ الكوادر العاملة في تلك الجهات يحتاجون للتدريب، داعياً إلى إنشاء مركز تدريب للكوادر العاملة في مكافحة الغش التجاري. وقال:"وجود مركز لمكافحة الغش التجاري يعني أن منتجات السوق المحلي سيئة، ولكن يمكننا حل المشكلة عبر العمل على ثلاثة جوانب استراتيجية، الأولى توعية المستهلكين، والثانية تحذير التجار، والثالثة مراجعة أنظمة الجمارك بشكل دقيق جداً، بالتعاون مع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، ووزارة التجارة". وأضاف أنَّنا في واقع الحال بحاجة إلى دعم هيئة المواصفات، وبإمكانها أن تتولى مهمة هذا المركز بالتنسيق بين الجهات المعنية، موضحاً أنَّ العمل التكاملي والمؤسساتي يحد من الغش التجاري، كما يفترض الإفادة من الجهود التي بُذلت من الدولة سابقاً. وأضاف أنَّ الغش التجاري موجود بشكل يومي؛ إذ يتعرض المستهلك لغش يُقدَّر بحوالي (30) ريالاً يومياً، مضيفاً أنَّه حينما يتم إجراء دراسة استقصائية ندرك أنَّ القادرين على الشراء في "المملكة" من مجموع عدد السكان البالغ (25) مليون نسمة تقريباً يُقدّرون بنحو (5) ملايين، حيث يتم غشهم بنسبة (30) ريالاً يومياً، أيّ بنحو (150) مليون ريال في اليوم الواحد، مؤكداً على أنَّ الضحية هنا هو المواطن والمقيم، لافتاً إلى أنَّ الغش آفة قذرة جداً تستهلك جيوب المستهلك وتكلفه المليارات في نهاية المطاف. وأشار إلى أن سبب الغش هو عدم وعي المستهلك بالدرجة الأولى، مُضيفاً أنَّ المطلوب يكمن في وجود بيئة مؤسساتية منسجمة متعاونة متكاملة لمحاربة الغش التجاري، موضحاً أنَّنا لا نريد محاربة موسمية أو بمعدّل أسبوع واحد في العام، بل إنَّ المطلوب أن تستمر الحرب على الغش طوال العام، وهي حرب مفتوحة، مطالباً أن يتهيأ لها الجميع. السوق مغشوش! وتمنّى المواطن "ياسر العتيبي" إنشاء مركز لمكافحة الغش التجاري تحت إشراف وزارة التجارة والصناعة؛ لأن عمل الوزارة في الوقت الراهن يعطي مؤشرات إيجابية، وهناك تفاعل من المواطنين مع قرارات وزير التجارة، مشيراً إلى أنه بعد دعم وزارة التجارة بأعداد من المفتشين نتمنى أن تنسق الجهود بين الجهات المعنية بمتابعة الغش التجاري؛ لأن اسواقنا معظمها بضائع مقلدة، والقليل منها بضائع أصلية. وقال:"السبب الرئيس لهذه المشكلة هو أن العمالة الوافدة هي التي تدير السوق وتتحكم فيه، وهي أيضاً التي تسورد مع ضعف الرقابة وعدم جدية تطبيق العقوبات التي لا تعتبر رادعة، لأنها أقل بكثير من المكاسب المتحققة من وراء استيراد هذه البضائع". وأضاف أنه قبل أكثر من ثماني سنوات استبشر الناس بقيام جمعية حماية المستهلك، ولكن للأسف لم تكن كما تمناها الناس، لهذا فإن الحكومة بمؤسساتها هي الأقدر على مواجهة هذه الآفة، كما حصل مع المركز الوطني لكفاءة الطاقة الذي شاركت في جهوده عدة جهات حكومية وظهرت النتائج إيجابية وسريعة، وتحديداً بعد أن شعرت الحكومة بخطورة زيادة استهلاك الطاقة، وأهمية مواجهة هذا الإسراف، وهو نفس التحرك المطلوب حالياً في مواجهة الغش التجاري. وأشار إلى أنه بحسب وزارة التجارة فإن عدد البلاغات الرسمية عن الغش التجاري يصل إلى 15 ألف بلاغ شهرياً، وطبيعي جداً أن يزيد هذا الرقم إذا وجد المستهلك التجاوب السريع والفاعل مع بلاغاته؛ فسيكون هو المفتش الأول والأهم في المكافحة؛ لأن المستهلك حالياً على وعي كبير، ويحتاج فقط للتجاوب معه من الجانب الحكومي.
مشاركة :