الحديث عن مشهد الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ينطوي على شيئين: الأول عدم جدوى أي مقارنة بين هذا المشهد ووادي السليكون، والثاني أن وصف النظام البيئي المحيط سوف يتم تلطيفه بكلمات مثل «صاعد» و«ناشئ». وعلى أي حال، لا يوجد شك في أن النظام البيئي المتزايد للشركات الناشئة أصبح أكثر هيكلية في السنوات الأخيرة، ودور الترابط والتقنية في خفض الاعتماد المفرط على النفط وانتشار الهواتف الذكية وتنوع الشباب من السكان يعني أن المنطقة وجهة جذابة لأي عمل تجاري. ويوجد في المنطقة في الوقت الراهن أكثر من ثلاثة آلاف شركة ناشئة وتتصدر دولة الإمارات المجموعة كموطن لـ 42 في المئة من تلك الشركات تليها مصر بـ 12 في المئة. يضاف إلى ذلك أن شراء شركة أمازون لمحلات التجزئة أون لاين «سوق» الذي يتخذ من دبي مقراً له، والاستحواذ الأخير على الشركات الناشئة طلبات كاريج Talabat Carriage ويمكسبتي Yemeksepeti وكريم Careem وتطبيقات سيارات الركوب المجانية، قد أصبحت في المرتبة الثانية في المنطقة، بعد أن أظهر سوق مدى توسع مشهد الشركات الناشئة في السنوات الأخيرة. ويقول حسن حيدر وهو شريك في الشركة الناشئة 500 وهي شركة الرسملة فنتشر كابيتال في وادي السليكون، إن لديها 55 استثماراً في شركات ناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» على الرغم من وجود درجة أكبر من الوعي في المنطقة من جانب مستثمرين عالميين بسبب استحواذات سوق وطلبات، فإنها لاتزال تقل كثيراً عن النظام البيئي الرئيسي من حيث اهتمام المستثمرين في الشركات الناشئة». وحتى صندوق سوفت بنك فيجن SoftBank Vision Fund بقيمة 100 مليار دولار الذي تموله بنسبة 60 في المئة السعودية، وصندوق الثروة السيادية في الامارات لم يدعم بعد أي شركة ناشئة في المنطقة. التحديات في سنة 2016 بلغ مجموع استثمارات فنتشر كابيتال في الشرق الأوسط 400 مليون دولار فقط، بحسب تقرير صدر عن جمعية الأسهم الخاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبمقارنة ذلك مع استثمارات تحققت في الولايات المتحدة «58.6 مليار دولار» وفي «أوروبا 16 مليار دولار» خلال السنة ذاتها، فإن «استثمارات فنتشر كابيتال تقزم استثماراتها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تقوم بلعبة تحديات اللحاق، وهي في بدايتها «بحسب قول فيليب داوست الشريك في مورغان لويس & بوكيوس في التقرير. ويظل جمع الأموال أحد التحديات الرئيسية في المنطقة بسبب المزيج المكون من الرياح الاقتصادية المعاكسة والعوامل الجيوسياسية والأنظمة وطلب العديد من دول مجلس التعاون الخليجي ملكية محلية. وأشار داوست إلى أن الآونة الأخيرة شهدت «اهتماماً متزايداً من قبل مستثمرين أجانب» في الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما في ذلك سلاسل «اي و بي» للاستثمار في «فتشر» من جانب شركات فنتشر كابيتال في وادي السليكون، وسلاسل استثمارات أي من قبل شركات فنتشر كابيتال « آدفنتشر» الروسية في سوق الخدمات وشركة الاستثمار «سبري»، التي تتخذ من أوروبا مقراً لها. ويقول حيدر، إن شركات صينية وكورية جنوبية تظهر أيضاً اهتماماً في هذه المنطقة «وبعد أن نجحت في جنوب شرق آسيا تريد شركات استثمار مثل جي اس غروب توسيع نفوذها في الشرق الأوسط». وفي شهر مايو الماضي قامت شركات استثمار من الصين، بما في ذلك سورس كود كابيتال Source Code Capital بزيارة دبي حيث تتركز معظم الاستثمارات سعياً وراء شركات ناشئة في التجارة الالكترونية واللوجيستية والتقنية المالية. وفي شهر ديسمبر الماضي استثمرت شركة راكوتن Rakuten اليابانية وفي أغسطس استثمرت شركة ديدي تشاكسنغ DidiChuxing الصينية في شركة «كريم». ويضيف حيدر، أن «الشركات الأوروبية تتطلع أيضاً الى المنطقة التي تعرض فرص نمو عالية مقارنة مع أسواقها المتزايدة التنافسية والمتدنية النمو في بلدانها». تمويل الشركات الناشئة بحسب تقرير ماغنيت، وهو موقع إنترنت يتخذ من دبي مقراً له ويهدف إلى التواصل مع رواد الأعمال والمستثمرين، فإن تمويل الشركات الناشئة قد نما بصورة ثابتة خلال السنوات الثلاث الماضية مع زيادة استثمارت وسطية من 0.8 مليون دولار عام 2014 إلى 2.8 مليون دولار في 2016 باستثناء كريم Careem و«سوق». ويستثني التقرير «إسرائيل» التي تملك مشهداً ثرياً للشركات الناشئة. ويقول فيليب باهوشي وهو مؤسس موقع ماغنيت « في الأشهر التسعة الأولى من عام 2017 تم استثمار ما مجموعه 404 ملايين دولار في 169 اتفاقاً بما في ذلك استثمار 150 مليون دولار في «كريم Careem» في وقت سابق من هذه السنة. وهذه إشارة إيجابية بالنسبة إلى السوق، ويتجه إجمالي الاستثمار في هذه السنة نحو تخطي معدلات العام الماضي». وبحسب ماغنيت، بلغ إجمالي الاستثمارات في الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 907 ملايين دولار بما في ذلك 625 مليون دولار في «سوق» و»كريم». ويضيف باهوشي: «في هذه السنة هيمنت التقنية المالية على أعلى اتفاقات التمويل وشكلت 3 من أكبر خمسة استثمارات، بما في ذلك بيتابس «20 مليون دولار» وسوق المال «10 ملايين دولار» وبيهايف «5 ملايين دولار». مستثمرون جدد بالنسبة إلى حيدر، شجع استحواذ شركة أمازون اللاعبين الإقليميين على الاهتمام بأسواقهم في الوطن» وهذا أفضل لاستدامة النظام البيئي في الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من تدفق مستثمرين عالميين جدد. ونحن نشهد أيضاً المزيد من مستثمري الشركات والشركات العائلية مثل إعمار مولز في حرب عروض علنية مع أمازون حول «سوق». وإلى جانب إطلاق حكومات قطر والإمارات والسعودية حاضنات شركات ناشئة، يشمل ذلك بعض المستثمرين الإقليميين الرئيسيين عقال وشركة الاتصالات السعودية وومضة كابيتال. ويقول باهوشي: «شهدنا ظهور مستثمرين جدد مثل تقنية الرياض ومشاريع أرامكو السعودية». وبحسب ماغنيت في هذه السنة كانت الشركة الناشئة 500 الأكثر نشاطاً في فنتشر كابيتال مع 16 اتفاقاً معلناً أعقبتها ميدل إيست فنتشر بارتنرز بعشرة اتفاقات وتيرن 8 بثمانية اتفاقات. ويضيف حيدر من الشركة الناشئة 500 «نحن استثناء من نظرائنا الذين يتخذون من وادي السليكون مقراً لهم، الذين يتطلعون بشكل رئيسي إلى الشركات الناشئة من أجل الاستثمار. ونحن نستهدف 150 استثماراً في المنطقة خلال السنوات الثلاث المقبلة».
مشاركة :