تداول نشطاء في موقع التواصل الاجتماعي مقطعا لمعلم في إحدى حلقات تحفيظ القرآن في مكة المكرمة، وهو ينهال بالضرب المبرح والوحشي على طفل لم يتجاوز الثامنة من عمره، قبل أن يحمله ويرمي به على الأرض في مشهد تألم منه كل من رآه. المعلم لم يحترم حرمة المسجد، ولم يلين قلبه لنحول جسد الطفل وقلة حيلته، وانهال عليه بالضرب في مشهد لا يقبل وصفه بـ "التأديب" كما يروج له البعض من منتهكي حقوق الأطفال لفظا وفعلا، بل هي جريمة لا يقرها الدين ولا العرف أيضا. إن صدقت الأخبار حول موافقة الأب على ضرب ابنه بهذه الطريقة فلا يكفي معاقبة المعلم فقط، بل يجب أن تنزع الولاية من والده لأنه تجرد من مسؤولياته في تربية ابنه وحمايته، ولا يمكن الاكتفاء بتجريده من الولاية بل يجب أن يعاقب كما المعلم، فهو من حرض على ضرب طفله وبارك وصادق على الخطوة التي أقدم عليها المعلم وتألم منها كل من رآها. نتفهم أن الطفل إضافة إلى تربيته وتهذيب سلوكه، يحتاج أيضا إلى تأديب، ولكن التأديب عندما يعرض الجسد للأذى والكرامة للامتهان، فنحن هنا نكون قد تجاوزناه إلى ارتكاب جريمة لا تقبلها ولا تقرها الأديان السماوية ولا النفس البشرية المجبولة على الرحمة والرفق بالأطفال. لا يمكن أن يصنع تعنيف الطفل إلا شخصية "مضطربة" ونفسية مهزوزة، ولن أبالغ لو قلت إن مشاهد التعنيف التي يتعرض لها الطفل ستبقى عالقة في ذهنه ولن تغادره، وقد تصنع منه ــ لا سمح الله ــ شخصا عدوانيا يتضرر منه المحيطون به والمجتمع. يجب ألا نخلط بين التأديب والتعنيف، ويجب ألا نقبل أن يكون أطفالنا عرضة لتعنيف المعلم في المدرسة أو "الشيخ" في حلقة تحفيظ القرآن .. فالطفل أمانة في عنقي والديه وتربيته مسؤوليتهما، ولا يمكن أن يتجرد الأب من دوره، ويبحث له عن أب "مستعار" يقوم بتربيته وتأديبه. وأيضا غير مقبول استغلال البعض للحادثة للنيل من حلقات تحفيظ القرآن وتحميلها وزر جريمة المعلم .. فما حدث خطأ فردي يتحمله المعلم ويجب معاقبته بالعقاب المناسب الذي يقتص منه ويشفي "غليل" الطفل ويردع كل معلم يمكن أن تسول له نفسه القيام بالفعل "الوحشي" ذاته.
مشاركة :