بثوب الموروث الشعبي القديم، وحلة التطور والتغيير المستمر والتي جعلت منها معلماً سياحياً يقصده القاصي والداني، ستظل المقاهي الشعبية في الكويت دائماً وأبداً وجهة لكل من يريد «الوناسة» من الصغار قبل الكبار، والفتيات قبل الشباب، والعائلات التي تبحث عن العادات والتقاليد مرتدية زي الحداثة والمعاصرة... مدير إدارة المقاهي الشعبية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل طعمة شاهر الشمري فتح قلبه لـ«الراي» في حديث مطول استعرض فيه تاريخ المقاهي في الكويت منذ انطلاق برنامج الترويج السياحي في الكويت العام 1977، وحتى وصلت إلى ثمانية مقاهٍ في المحافظات كافة، مع التفكير الجاد في إنشاء المزيد منها، مبيناً أن هناك تعاوناً مع الصندوق الكويتي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لترشيح الشباب الكويتي لحجز أكشاك لمشاريعهم الخاصة في المقاهي. وأوضح الشمري معلوم أن وزارة الشؤون تقوم بإحداث تغييرات جديدة دائماً في المقاهي الشعبية تتماشى مع رغبة الأهالي وتحقق لهم المتعة، منوهاً إلى أن تلك المقاهي لا تقل أهمية عن شركة المشروعات السياحية، خصوصاً وإنها امتدت وتوسعت حتى باتت معلماً سياحياً ترفيهياً يستقطب جميع أفراد الأسرة، مؤكداً حرصه على منافسة المواقع الترفيهية الأخرى، من خلال تقديم أقل الأسعار مقارنة مع الأسعار المقدمة في أي مشروع ترفيهي آخر، منوهاً إلى وجود رقابة أمنية في كل مقهى تستعين بكاميرات مراقبة. وفي ما يلي تفاصيل اللقاء: • كيف بدأت فكرة إنشاء المقاهي الشعبية في الكويت؟ - لقد اعتاد الكويتيون منذ القدم على التجمع والتواصل والتكافل في ما بينهم من خلال الدواوين وبعض المقاهي الخاصة القديمة، حتى أصبحت جزءاً من تراثهم وموروثهم حيث يجتمع كبار السن والمتقاعدين لقضاء أوقات الفراغ وإحياء العادات والتقاليد الكويتية الأصيلة، وقد لاقت المقاهي الشعبية استحسانا لدى الشباب لاكتساب خبرات الرعيل الأول والتواصل معهم، ومن هنا انطلقت فكرة إحياء المقهى الشعبي من خلال برنامج الترويج السياحي في العام 1977، والذي كان يرأس لجنته في ذلك الوقت عبد الرحمن المزروعي، فكان أول مقهى شعبي بالقرب من المتحف الوطني ثم عرض الأمر على أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله فأمره سموه باستمرار المقهى وتحمل كل النفقات، وكلَّف سموه المزروعي بدراسة تعميم المقاهي الشعبية على جميع مناطق الكويت، وانطلقت الرغبة السامية، وكان أمير القلوب يحرص على زيارة المقاهي الشعبية والدواوين وديوانية الرعيل الأول خلال شهر رمضان، قبل أن يتواصل هذا الاهتمام إلى رعاية كريمة وسامية من سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من خلال زياراته الرمضانية المباركة يرافق سموه في هذه الزيارات سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد والشيوخ والوزراء وكبار رجال الدولة. • ما شروط وآلية حجز الأكشاك في المقاهي؟ - لدينا تعاون مع الصندوق الكويتي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لترشيح الشباب الكويتي لحجز أكشاك لمشاريعهم الخاصة وفق ضوابط الصندوق شريطة ألا يكون هناك نشاطان في مقهي واحد، وكما يحق لكل مواطن أن يتقدم للحصول على كشك واحد فقط في المقاهي ولا يحق له بأكثر من ذلك إضافة إلى الالتزام بوجود ترخيص من وزارة التجارة وأن يستخرج كرت صحة للعمال ويحافظ على النظافة وجودة المواد الغذائية وصلاحيتها. • هل لديكم تنسيق مع الجهات الحكومية لمراقبة تلك الأكشاك؟ - هناك تعاون مستمر للكشف على الأكشاك والاطمئنان على سير العمل وفق الشروط الصحية والغذائية ومستوى النظافة وجودة وتنوع الطعام الذي يقدم للرواد، كما ان هناك تعاوناً مع وزارة التربية لزيارة المقاهي صباحاً للطلاب والطالبات والاستمتاع بأجوائها وألعابها، وكذلك ذوي الإعاقة والمسنين والآباء من الرعيل الأول الذي يصل عددهم قرابة الأربعين حيث تقدم لهم المأكولات والمشروبات مجاناً تقديراً لهم، إضافة إلى الاستعانة بالمتقاعدين للعمل كمشرفين ومراقبين في المقاهي لضبط الأمن والاستفادة من خبراتهم، وكذلك مشاركة المقاهي في الاحتفالات بعيدي الوطني والتحرير، وأرض المعارض وفعاليات المحافظات، وأيضاً إقامة فاعلية لكبار السن كل يوم أربعاء في إدارة المسنين للترفية عنهم والتمتع باحتساء الشاي والقهوة وأكل النخي والباجيلا وسط أجواء الماضي الجميل، وهناك أيضاً الدورات الرياضية والدينية وحلقات حفظ القرآن الكريم وتوزيع الجوائز على المشاركين خاصة في شهر رمضان المبارك. • كم عدد المقاهي الشعبية حالياً؟ وهل هناك نية لافتتاح غيرها؟ - لدينا الآن ثمانية مقاهٍ موزعة على المحافظات الست أقدمها مقهى شرق وأحدثها مقهى الفروانية، وقد تقدمنا بطلب لافتتاح مقهى في الصباحية وآخر في مدينة صباح الأحمد، كما ندرس إضافة مقهى ثانٍ في الجهراء لاستيعاب زيادة عدد السكان، حيث يزور المقاهي ما يزيد على مليون زائر سنوياً من مختلف الجنسيات، وحتى زوار الكويت من العرب والأجانب لما يلاقونه من الروح والأصالة والتاريخ الكويتي في هذه المقاهي. • لو استعرضنا معكم مكونات المقاهي الشعبية فمم تتكون؟ - نود أن نشير إلى أن المقاهي يتم إنشاؤها على نفقة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ويتكون المبنى عادة من صالة للرجال وأخرى للنساء مع المرافق اللازمة للمرتادين إضافة إلى مجموعة من المحال الخدمية مثل المطبخ والبقالة وخبز الرقاق والمشويات والنخي والباجيلا وألعاب الأطفال وساحات خضراء للعائلات، ومعرض يُباع فيه الملابس والمكياج والحلويات. • ما خططم المستقبلية لتطوير المقاهي الشعبية؟ - معلوم أن الحياة تتطور وتتقدم، ولابد لنا من أن نساير هذا التطور ولذلك فقد التزمت وزارة الشؤون وبتوجيهات من الوزيرة هند الصبيح بإحداث تغييرات جديدة دائماً تتماشى مع رغبة الأهالي وتحقق لهم المتعة، ومن ضمن تلك الإضافات الحديثة محل للحلويات والآيس كريم، وصالة ألعاب إلكترونية للأطفال حتى أصبحت المقاهي تجمع الكبير والصغير، والكل يجد وناسته في هذه الأماكن وبلمسة متطورة ونكهة قديمة. • هل يمكن القول ان هناك تنوعاً في رواد المقاهي؟ - نعم. هناك تنوع كبير لاسيما بعد أن بات أعداد الزائرين في تزايد مستمر، سواء كانوا من داخل الكويت أو خارجها والذين يتجاوز عددهم كما ذكرت المليون زائر سنوياً، فالمقاهي الشعبية اصبحت معلماً سياحياً يظهر وجه الكويت الحديث بثوب الموروث الشعبي القديم والتراث الكويتي، وأصبحت لا تقل أهمية عن شركة المشروعات السياحية، خصوصاً وإنها امتدت وتوسعت حتى باتت معلماً سياحياً ترفيهياً يستقطب جميع أفراد الأسرة. • في ظل الغلاء وزيادة أسعار الخدمات في عدد من الوزارات هل لديكم نية لزيادة أسعار الخدمات والألعاب الموجودة في المقاهي؟ - إدارة المقاهي الشعبية حرصت على منافسة المواقع الترفيهية الأخرى، من خلال تقديم أقل الأسعار مقارنة مع الأسعار المقدمة في أي مشروع ترفيهي آخر، حتى نبقى محافظين على زيادة استقطاب الزوار وتواصلهم مع المقاهي الشعبية، وحتى نظل بيئة جاذبة لهم، إضافة إلى تقديم المأكولات والمشروبات للآباء من الرعيل الأول وذوي الإعاقة مجاناً، وكما اشترطنا على أصحاب المحال أن تكون أسعارهم في متناول الجميع. • هناك من الرواد يشتكي من تدني مستوى النظافة في المقاهي فما حقيقة ذلك؟ - في أي مقهى توجد ادارة مهمتها مراقبة عمال النظافة الذين يقومون بإجراء نظافة شاملة وغسيل كامل لكل محتويات وساحات المقهى كل يوم وذلك استعداداً لاستقبال الزوار خصوصاً أن المقاهي عملها من الرابعة صباحاً وحتى الحادية عشرة مساء في الأيام العادية ويمتد إلى الثانية عشرة من منتصف الليل أيام العطل والأجازات، وأنا أناشد الأهالي التعاون مع إدارة المقاهي والعمال في إزالة مخلفاتهم واحترام قانون البيئة. • وهل المقاهي مراقبة أمنياً؟ - لدينا في كل مقهى مشرف ومراقبون مهمتهم تفتيش الرواد وحفظ الأمن ومنع المشاجرات والمعاكسات وغيرها وذلك وفق مراقبة أمنية يستعينون فيها بكاميرات المراقبة داخل وخارج المقاهي، إضافة إلى منع دخول الشباب بالشورت، وأيضاً منع خروج أي طفل من المقهى دون مرافقة عائلته أو احد أفرادها الكبار. أضواء مواقع المقاهي المقاهي الشعبية في الكويت تقع في مناطق القبلة وشرق والسالمية والشويخ والصليبخات والفروانية والجهراء وأبو حليفة ومستقبلاً في منطقتي صباح الأحمد والصباحية. خدمات المقاهي للرواد • إعداد المكان المناسب لقضاء أوقات ممتعة. • توفير وسائل التسلية للرواد والترويح عنهم في أوقات فراغهم. • إعداد الأكلات الشعبية وتقديمها بأسعار رمزية. • إقامة المسابقات المختلفة. • إتاحة الفرصة للمشاركة في المناسبات الوطنية. • تحقيق الترابط بين الرواد وإحياء ذكريات الماضي.
مشاركة :