عبده خال يبدو أننا نفتقر جديا للتنسيق من أجل تحقيق الأهداف الوطنية وتجنح كل جهة لإنجاز مهامها الوظيفية في معزل عن الأهداف المشتركة التي تحقق تنمية حقيقية وليست وهمية.. وبعيدا عن تصريحات المسؤولين التي غالبا ما تذهب إلى وجود ذلك التنسق، إذ أن التصريحات هي كلمات تقال وتستطيع أن تكذبها أو تصدقها، بينما لغة الأرقام هي الحامل للحقيقة التي نتردد عن ذكرها أو نغفلها بجمل إنشائية تفضح سوءتها الأرقام متى ما ظهرت. تذكرون شعار السعودة الذي تحدثنا عنه كثيرا وتم تعليق تنفيذه على عاتق جهات عدة، هذا الشعار يكشف لنا اليوم بأن وزارة العمل بحاجة إلى 14.9 مليار ريال سنويا (لاحظوا سنويا) من أجل تصحيح سوق العمل بسبب تخلي مجموعة من الشركاء المسؤولين عن تحقيق ذلك الهدف مما أدى إلى كوارث على أرض الواقع. ففي استعراض للكتاب الإحصائي السنوي الخاص بوزارة العمل أقر المهندس برجس حمود البرجس بجملة حقائق إحصائية أكدت تخلي جميع الوزارات عن مساندة وزارة العمل في تحقيق شعار السعودة مما أبقى الوزارة منفردة تبحث عن حلول لمجابهة مشكلة البطالة. كاشفا عن ظهور بوادر انهيار منظومة الأعمال في القطاع الخاص ممثلة في ارتفاع عدد العمالة مع زيادة في متوسط رواتب هذه الأيدي بنسبة 25 % وارتفاع مجموع رواتبها بنسبة 40 % وبسبب التستر والسعودة الوهمية خرجت 200 ألف شركة من سوق العمل. وأنهى البرجس استعراضه للإحصائية بالتأكيد على أن السياسات المتبعة أثرت على توظيف المواطنين وتكاليف معيشتهم، مؤملا من الوزارة التوقف عن إقحام نفسها في القطاع الخاص وعرض المشكلة على مجلس الاقتصاد الأعلى. وفي التقرير إحصائيات وأرقام مفزعة، فهل يستطيع مجلس الاقتصاد الأعلى أن يتدارك الوضع ويصوب الأخطاء قبل انتشار البطالة وقبل أن يتم تفريغ سوق العمل من الشركات الصغيرة والمتوسطة وقبل أن نجد أنفسنا نعيد رفع شعار السعودة، بينما الواقع يتستر على كوارث اقتصادية كبيرة تنذر بأخطار عديدة؟ وقبل تدخل المجلس الأعلى وقبل رفع شعار السعودة يجب على جميع الوزارات الإيمان بأن المشاريع الوطنية المشتركة لا تحقق إلا من خلال الجميع بينما سياسة (روحي روحي) تغرق الجميع.
مشاركة :