حسابات كثيرة تداخلت، انقلب ظهر المجن، وقالت العرب: «حساب القرايا مو مثل حساب السرايا»، فعلاً، النتائج جاءت مخالفة تماماً، كيف تدفع عشرات المليارات لتحصل فقط على مكانة!، وتحشر نفسك بين كبريات القوى، ثم في النهاية تخسر المليارات، وتخسر نفسك وتخسر كل شيء؟!، هذا هو واقع قطر اليوم، فهل تبقى لها شيء؟. لم يتبقَ لها شيء، فبعد أن خسرت معركتها الدموية إلى جانب الإخوان الإرهابيين في مصر، وسحق وجودها المشير السيسي قائد ثورة 30 يونيو المجيدة، بدعم وإسناد من الإمارات والسعودية، وبعد ما خسرت المليارات في ليبيا وتونس واليمن، وخسرت نفسها، وخرجت خالية الوفاض بخفي حنين منها جميعاً، ها هي قطر تغادر مقهورة، المحطة الأخيرة لها في الشرق الأوسط كله، بإبعادها وطردها من سوريا، بعد أن قرر العالم تسوية النزاع فيها بالمصالحة. هناك من يقول إن قطر كسبت الإخوان الإرهابيين، وضمنت علاقة طيبة مع الحوثيين المارقين، وتربطها أواصر متينة مع حزب شيطان يتيه في البؤس والانعزال والتخبط، وأنه قد تبقى لها حفنة النفوس المريضة من حماس، وأنهم قد يجتمعون سوياً في طهران أو أنقرة يراجعون حساباتهم معها، فنقول لهم إنه ليس من المستبعد أبداً، أن تنقلب عليها «عصبة الإرهاب» هذه آخر المطاف، فكلهم مثلها، يبدلون أثوابهم في لحظة، والدليل أنهم جميعاً يرتدون اليوم ثوب الدوحة الممهور بالإرهاب. نعم، كان على الرباعي العربي أن يقاطع قطر. بل كان على الأمة كلها أن تهجر قطر، لأنها اختارت الخطيئة مع إيران، لأنه لا سبيل لأن يتحمل أحد عار الإرهاب وتمويله والخراب الذي أحدثته في البيت الخليجي والعربي، كان الرباعي العربي، يريد أن يوجه لها تنبيهاً وإنذاراً نهائياً لتعود عن خطاياها الكثيرة، لكنها، وبدل ذلك، اختارت المعاندة والمكابرة، صارت الأمة عدوتها، وباتت إيران صديقتها المقربة، والتي كانت السبب الأول في انحرافها وانجرافها نحو الخطيئة! تقف قطر اليوم مشدوهة من التغير الديبلوماسي السياسي الكبير الذي تشهده السعودية، يذهلها أن تعيد السعودية ترتيب الأوراق في سوريا، والإحاطة بكل الأطراف، سواء الروس أو المعارضة أو النظام، وحتى الآن، لا تفهم قطر كيف بإمكان السعودية أن تصبح لاعباً مهماً وأساسياً في التسوية السياسية بالعمل مع كل الأطراف بدقة وموضوعية. وتتساءل قطر، كيف يمكن أن تصل السعودية إلى هذه الدرجة من العلاقات والعمل والترتيب، بينما تكون إيران في جانب النظام السوري! مستحيل، كيف سيفهم تنظيم الحمدين ذلك؟. السعودية تغيرت، ما عادت حسابات السرايا تهمها، المهم أن تتطابق جميع الحسابات، تؤلف مع روسيا ما تريده في سوريا، أن يبقى النظام لكن مع شروط، كف يد حزب الله وإيران، ووجود معارضة لها وزن وثقل سياسي مقبول في حكومة انتقالية، إصلاح سياسي يعيد سوريا إلى منطقة التوازن، إذن، السعودية تعرف ماذا تفعل. وحين ترغب السعودية في حرب مباشرة أو غير مباشرة مع إيران، فهي تحدد الزمان والمكان، وليس الروس، وليست بالطبع إيران، وليس أكيداً قطر! الإمارات، بدورها، كانت تدرك جميع المخططات والمؤامرات التي تحاك في المنطقة منذ عهد بعيد، وقبيل الربيع العربي المشؤوم، وبحكمة قيادتها الرشيدة الحكيمة، اتخذت موقفاً صارماً حازماً تجاه جميع القضايا، أبصرت المستقبل، فانحازت إلى التطوير والابتكار داخلياً، وإلى تطهير الأمة من نجس الإرهاب خارجياً، وإقامة علاقات متينة منتجة دولياً. ما تبقى لكم يا قطر، هو المحافظة على عهد ووعد قديمين، العودة إلى البيت الخليجي بلا شروط، وبلا تبجحات أو مكابرة، إنها الفرصة الأخيرة المتاحة، قلب نقي ووجه واحد لا يتبدل كل يوم كحرباء فقدت كل أثوابها!
مشاركة :