نهاية حيادية الإنترنت لا تعني نهاية العالم

  • 11/26/2017
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

إن القضاء على حيادية الإنترنت هو، في أفضل وأسوأ السيناريوهات، إما ضروري للمحافظة على الإنترنت وعملها، أو سوف يؤدي إلى مستقبل قاتم تسيطر فيه بعض الشركات العملاقة على عقولنا وأفكارنا. غير أن الواقع الأكثر إثارة للملل، رغم ذلك، هو أن العالم من دون حيادية الإنترنت سوف يستمر على ما يرام. وإثر ذلك، فإنني لست متحمساً (أو لعلي مستثار للغاية) بشأن مقترح لجنة الاتصالات الفيدرالية والصادر يوم الثلاثاء الماضي بشأن الابتعاد التام عن حيادية الإنترنت.دعونا نبتعد قدر الإمكان عن الخطاب الحاد، وننظر بعين هادئة إلى دراستين أخيرتين بشأن المسألة.في الماضي، مرت لجنة الاتصالات الفيدرالية عبر عملية تمديد نطاق تنظيم المرافق العامة حتى تشمل موفري خدمات الإنترنت اعتباراً من عام 2015، رداً على أمر قضائي بإبطال سياسة حيادية الإنترنت التي أقرتها اللجنة أخيراً. وفي جوهر الأمر، انتقلت اللجنة إلى إعادة إدراج حيادية الإنترنت تحت ستار يختلف قليلاً ولكنه أكثر إيجابية من الناحية القانونية. ولم تتفاعل معظم أسعار الشركات ذات الصلة كثيراً مع هذه الأحداث، ما يوحي بأن قرارات حيادية الإنترنت لم تكن على قدر الأهمية المتوقعة بالنسبة للقطاع بأسره. وهذه الدراسة، التي أجراها روبرت دبليو. كراندال خبير الاتصالات لدى معهد بروكينغز، نظرت في أمر الشركات التالية؛ «إيه تي أند تي»، و«فيريزون للاتصالات»، و«كومكاست»، و«تايم وارنر كيبل المحدودة»، و«كيبل تليفيجن سيستمز»، و«شارتر للاتصالات»، و«والت ديزني»، و«تايم وارنر»، و«فياكوم»، و«سي بي إس»، و«توينتي فيرست سينتشري فوكس»، و«ستارز»، و«فيسبوك»، و«تويتر»، و«أميركا أونلاين»، و«ياهو»، وأخيراً «نيتفليكس».وكان أداء كثير من هذه الشركات الإعلامية أفضل من غيرها على مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» خلال الجزء الحرج من عام 2015 مع الكشف عن اللوائح التنظيمية الجديدة. ويعكس ذلك أن التغيير في حيادية الإنترنت من غير المرجح أن يعرقل المشهد الإعلامي الأميركي. ولكن هل حيادية الإنترنت من الأمور ذات الأهمية للمحافظة على انفتاح شبكة الإنترنت؟ بعد البيان الذي أطلقه الرئيس الأسبق باراك أوباما في نوفمبر (تشرين الثاني) لعام 2014، الذي جاء في صالح اللوائح الجديدة، كان أداء أسهم الشركات الإعلامية التقليدية (أصحاب العلامات التجارية لمحتويات الأفلام والتلفزيون) أفضل من أداء أسهم الشركات الإعلامية الجديدة (مثالاً بشركتي «نيتفليكس» و«فيسبوك»). ولكن ذلك يتعارض تماماً مع القصة التي تفيد بأن قواعد حيادية الإنترنت ضرورية للحيلولة دون فرض الشركات الإعلامية التقليدية معدلات الوصول الابتزازية على الشركات الإعلامية الجديدة ذات الاستخدامات المكثفة.وقد تعتقد أن هذه التغيرات في أسعار الأسهم ليست مهمة في تقييم السياسة، نظراً لوجود كثير من العوامل المختلفة التي تؤثر في ربحية هذه الشركات. وربما قد يكون هذا هو التقدير الصحيح، ولكنه يعني أيضاً أن حيادية الإنترنت هي أحد العوامل التي تشكل مستقبل وسائل الإعلام، بدلاً من القوة الدافعة في صناعة الإعلام.ولنلقِ نظرة على «نيتفليكس»، وهي من كبريات المستخدمين للنطاقات الترددية، التي تملك سعراً متقلباً للأسهم خلال الفترة الراهنة. وتأتي هذه التقلبات من الظروف العامة للعمل في الشركة. وعندما أبطلت المحكمة حيادية الإنترنت في أول الأمر، ارتفعت قيمة أسهم «نيتفليكس». وعندما أوضح الرئيس أوباما أنه سوف يحاول إعادة إدراج حيادية الإنترنت، هبطت قيمة أسهم «نيتفليكس». ومرة أخرى، تعكس تلك الأنماط النقيض من القصة الحاسمة والمعتادة بأن «نيتفليكس» أو عملاءها سوف يتحملون مبالغ كبيرة من الأموال لاستخدام خدمات النطاق الترددي في حالة القضاء على حيادية الإنترنت. وكان أداء أسهم شركة «نيتفليكس» جيداً للغاية خلال العام الماضي، حتى في ضوء هذه المراجعة المتوقعة لسياسات حيادية الإنترنت.ولإدخال تحركات أسعار الأسهم في السياق، ارتفعت قيمة أسهم الشركات التي من شأنها الاستفادة وبصورة واضحة من الإصلاحات الضريبية في أعقاب انتخاب الرئيس دونالد ترمب. وعندما تكون التكاليف والفوائد واضحة للغاية، من المرجح لأسعار الأسهم أن تعكس هذا النمط.وهناك دراسة حديثة أخرى أجراها خوسيه فرانسيسكو تودون مالدونادو، وهو مرشح لنيل درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة شيكاغو، حيث فحص مالدونادو كلاً من شركتي «أمازون» و«تويتش»، وهما من المنصات المشهورة في مجال ألعاب الفيديو، والخدمات الرياضية الإلكترونية، والعروض الموسيقية، من بين خدمات أخرى. وتدعو شركة «تويتش» نفسها إلى حيادية الإنترنت، ولكنها تطبق قواعد أولويات الخدمات الخاصة بها ضمن النظام. وخلص مالدونادو إلى أن مستخدمي «تويتش» يستفيدون من هذه الأولويات، إذ يحصلون على برامج ذات جودة أعلى، ويعانون من القليل للغاية من الازدحام في النطاق الترددي.وهذا مثال واحد فقط، وهو لا يكاد يثبت أن أولوية الخدمات سوف تعود بالفائدة على الإنترنت بأسرها. ومع ذلك، كنا نعيش وسط مختلف أشكال عدم الحيادية لفترة من الوقت، وعندما تكون خارج هذا الإطار المحدد فإننا من المعتاد ألا نعتبرها متجاوزة للحدود.هل سبق لك أن استخدمت جهاز القراءة كيندل في الاتصال بشبكة لا سلكية لتحميل كتب جديدة عبر حساب أمازون الخاص بك؟ إن هذا أحد أشكال عدم الحيادية. يمكنك فعلياً تحميل الكتب، ولكنك لا يمكنك استخدام الاتصال اللاسلكي نفسه في أغراض أكثر عمومية.إن أنصار حيادية الإنترنت يشعرون بقلق معتاد بشأن الاحتكار والقدرة على تحديد الأسعار التي تسيطر عليها الشركات الإعلامية التقليدية وغيرها من موفري خدمات الإنترنت. وخيارات الوصول، رغم ذلك، تشهد بعض التحسن. وتشهد خدمات الهواتف الجوالة هبوطاً في الأسعار كذلك، وتزداد أحجام الهواتف الذكية مع تحسن مشهود في الجودة، والاتصالات عبر شبكة واي - فاي صارت موجودة في كل الأماكن تقريباً. ومن واقع ذلك، لا يزال هناك كثير من القوى الاحتكارية. ولكن لننظر للأمر من زاوية أخرى: هؤلاء المحتكرون لا يريدون تشويه تجارب العملاء كثيراً، وذلك حتى يمكنهم الحفاظ على إمكانية فرض أعلى الأسعار.اعتدت فيما سبق تفضيل مبدأ حيادية الإنترنت، ولكنني أعتقد الآن أننا قد بلغنا مرحلة سوف نكون على ما يرام جميعاً من دونها.*بالاتفاق مع «بلومبيرغ»

مشاركة :