حملت الجولة التاسعة من دوري نجوم قطر عنوانًا عريضاً هو «سقوط الكبار»، وإن كان الإجماع بأن ما يقدمه الدحيل في الموسم هو أمر طبيعي للعمل الكبير الذي تقوم به إدارة النادي، إلا أن أربعة أندية تاريخها أكبر من الدحيل وسمعتها أوسع منه وماضيها كبير وحافل بالألقاب، سقطت في الجولة وبات الخطر يحدق بها في الموسم الحالي.أندية الغرافة صاحب الصولات والجولات «هل الصملة» والتحديات، العربي نادي القرن ومدرسة الفن التي ما عادت تعرف الفن، العميد أعرق الأندية وعنوان كرة القدم في قطر بعراقته وقوته التي قدمته للعالم العربي كأول فريق يعانق الكأس الغالية قبل ما يقارب الخمسة عقود، ورابعها نادي قطر «سمي بلادي» الذي عرف في يوم من الأيام كيف يكون الدفاع عن الشعار والاستماتة في درب البطولات فتذوق طعم النجاحات. ضرب الخطر خيامه أمام أبواب هذه الأندية بكل تربص ويقظة ينتظر أن ينقض على أي منها، إذا لم تتدارك إدارات هذه الأندية الأمر سريعاً وتصحح المسار. النجاح والمعاناة وباعتبار أن فوز الدحيل على السد بأربعة أهداف مقابل هدفين كان منطقياً في ظل الأفضلية الفنية والتركيز العالي والاستفادة من الأخطاء، ومن ثم التحليق بصدارة الدوري مع الاستفادة من تعطيل أحد المنافسين، وفي انتظار الابتعاد أكثر بالنقاط في قادم الجولات، ليبقى الدحيل بـ 25 نقطة دون أن يعرف طعماً للخسارة، إن صاحب المركز الثاني الريان لم يجد صعوبة في التفوق على الغرافة رغم أنه لم يقدم ولكنه فاز في المباراة بشخصيته وهويته الفنية في الملعب واسمه المتألق أمام اسم بات يتراجع في كل يوم، ويعاني أشد المعاناة وهو الغرافة. منتهى الغرابة في الغرافة «غياب في التركيز وعدم استفادة من فرص التسجيل في الشباك، واستقبال الأهداف من فرص تهديفية أقل خطورة ثم افتقاد للثقة في صفوف الفريق بجانب سوء طالع يجعل مجريات المباريات تمضي عكس رغبة الفريق الذي عانى من المشاكل الهجومية، وعانى من غياب الفعالية في الهجوم واستثمار الفرص التي يصنعها لاعبو الوسط في الفريق، والحل هو التعاقد مع مهاجم قادر على حل هذا الاشكال في فترة الانتقالات الشتوية»، هذا هو فريق الغرافة والكلام أعلاه للمدرب جان فرنانديز وهو صادق، ولكن الغرابة هي كيف يكون المدرب راضياً عن هذا الوضع وقد عبر عن رضاه بالأداء، وهو يعلم أن الأداء لن يذكر في التاريخ وإلا لكان الغرافة أبطال كل العصور لأنه أروع الفرق التي تقدم كرة قدم راقية في العقود الثلاثة الأخيرة، فالجميع شاهد على مباريات «فهود المجد وأسياده» الذين وصلوا للمركز العاشر وهو أمر لا يرضي محبي النادي الكبير، ولكنه قد يرضي بعض الذين يصرون على أن الغرافة بخير، فالخطر يحدق بالغرافة من خلال المباريات التسع التي خاضها الفريق على مستوى الدوري لم ينجح سوى في جمع 7 نقاط من تسع مباريات، مما يعني أن الفريق أهدر 20 نقطة في الموسم الحالي حتى الآن وقد تزيد النقاط المهدرة إذا لم يتفطن القائمون على أمر النادي للإشكالية الكبيرة التي تحل بالنادي، خصوصاً وأن المدرب اعترف بها غير أن المسؤولين عن فريق الكرة لا يريدون الاعتراف بها ومن يغردون في «تويتر» يركزون على سفاسف الأمور أكثر من تركيزهم على مصلحة الفريق. العربي وحالة البيات النادي الكبير وصاحب لقب نادي القرن «العربي» صاحب القاعدة الجماهيرية المعروفة في قطر، لم يجد طريقاً لتحقيق الانتصار وبقي في معاناة لا يدرك كنهها إلا المتابعون للنادي وهم ليسوا بأصحاب قرار، فقد تعادل في مواجهة المرخية وأجبر على الخروج من المباراة بنقطة يتيمة بعد أن عاد لنفس المربع الذي أطاح باليعقوبي من تدريب الفريق، خسر العربي الديربي أمام الريان وتوسمت الجماهير تغييراً في شكل الفريق فسقط في التعادل مع المرخية، ليتأكد للجميع أن «امبراطورية هل شرق» ما زالت تهتز أركانها في الدوري وقد تسقط لأن الخطر يحدق بها من كل الجوانب، بعد أن أهدر الفريق 21 نقطة من 27 واكتفى بست نقاط فقط جعلته في المربع الأخير في الترتيب العام للدوري. هل العميد عنيد؟ مباراة الخريطيات الخارج من موقعة الدحيل بأكثر خيبة في الموسم بالخسارة بثمانية أهداف كانت أمام النادي الأهلي العميد الذي تذوق طعم النصر في الجولة الماضية، وتوقع المتابعون أن يمضي في طريق الانتصارات، ولكنه وقع في الفخ وضربته الصواعق بأسلوب سانجاز، فقد لملم الخريطيات جراحه ووقف كمقاتل عنيد أمام العميد وهزمه وهرب لمنطقة الأمان، مما يبين أن ردة الفعل موجودة في صواعق الخريطيات بينما ردة الفعل ليست حاضرة في العميد، فتحول الأهلي من عميد قوي إلى فريق عنيد ما يلبث يغادر مربع الخطر حتى يعود إليه مرة أخرى ليقف أيضاً أمام الخطر في الدوري. فقد أهدر رفاق مشعل عبد الله 19 نقطة من 27 ووقفوا في النقطة رقم 8، وهي تدخل كاباروس المدرب الإسباني بسرعة في مربع المغادرة لأن العادة جرت في مثل هذه الظروف أن يتم التغيير من أجل الحالة النفسية للاعبين وتجديد الثقة في الفريق وطرد ملامح الإحباط من أبواب النادي حتى لا تدخله. قطر ما زال في خطر وكشفت مباراة الملك القطراوي وأم صلال عزيمة متجددة للملك القطراوي في الخروج من نفق الأزمات، ولكنه واجه المشكلة المستعصية على الفريق وهي الوصول للشباك والهجوم القوي الذي يترجم الفرص إلى أهداف، وباتت معاناة نادي قطر لا تحدها حدود في هذا الجانب، فهو لا يصل للشباك إلا بطرق معينة ولا يسجل هجومه الأهداف إلا بأسلوب فردي، خصوصاً وأن الفريق تعادل مع أم صلال بركلة جزاء سجلها البرازيلي برونو جالوا مما يعني أن النجاعة التهديفية هي مشكلة الفريق التي جعلته ينزف 23 نقطة من 27 ويكتفي بأربعة فقط ليكون على بوابة المغادرة، رغم أن الموسم ما زال يحمل الكثير الذي يمكن أن يجعل الفريق في مركز متقدم جداً، ولكن حسابياً الآن فإن الملك القطراوي في المركز الأخير وهو الأمر الذي لا يتمناه عشاق الملك الذي يحمل اسم البلاد، لأن الفريق يلعب وهو مناظر للخطر رغم أنه قدم مردوداً رائعاً في مواجهة أم صلال، ولكنه لم ينجح في الفوز وخرج بالتعادل. الشواهين سقط في الخور وأسفرت الجولة عن تراجع للسيلية الذي ظل متقدماً ويمثل فرس الرهان في الموسم الحالي بعد النتائج التي حققها والمستوى المميز الذي ظل يقدمه، فالشواهين فشلت في عبور أرض الفرسان وسقطت في الخور في الدقيقة الأخيرة، وذلك بسبب غياب التركيز في الفريق فقد أهدر الفريق مجهوده في المباراة دون أن يصل لهدفه لتظهر له المعاناة بأثواب مختلفة، تارة في ثوب التسرع من جانب اللاعبين وتارة في ثوب حارس الخور الذي كان له الفضل الكبير في حماية شباكه وحصول فريقه على العلامة الكاملة، وتارة أخرى في ضعف التركيز لدى اللاعبين في التعامل مع فريق الخور خصوصاً في المنطقة الأمامية للشواهين، حيث كان الفريق يحاول ويندفع ولكن دون تركيز فيذهب مجهوده سدى، بينما كان التركيز نفسه هو سلاح الفرسان الذي ضرب به الشواهين عن طريق الإيراني سيروش رافعي في توقيت قاتل من الصعب أن يسترد فيه الشواهين تركيزهم، لأن الدقائق الأخيرة من المباراة لن تحمل ردة فعل رصينة لأي فريق أهدر طاقته في أكثر من ساعة من الركض. ولكن من حسن حظ السيلية أنه بقي في نفس مركزه رغم الخسارة ولم يغادره وهو المركز الرابع في الترتيب العام برصيد 18 نقطة، بينما ارتفع الخور للنقطة العاشرة في المركز السادس للترتيب العام. الأخطاء قدّمت «الذيب» لقمة سائغة أمام الدحيل توقف قطار الزعيم السداوي أمام الدحيل في مباراة القمة، وخسر السد المباراة بأخطاء فردية، قدمت «الذيب» فريسة سهلة المنال للدحيل، خصوصاً أن الفريق أهدى الدحيل هدف التقدم عن طريق علي أسد، الذي قدم هدية لا ترد للمعز علي، وبها انفتح الطريق أمام رفاق المساكني، الذين تألقوا في الوصول بالنتيجة إلى أربعة أهداف مقابل هدفين، في وقت كانت فيه المباراة مشتعلة بين الفريقين، والنتيجة قريبة بالتعادل، بعد أن سجل السد هدفاً جعلها (3 - 2)، قبل أن يطلق الكوري نام تاي هي رصاصة الرحمة على «الذيب» في المباراة. لكن بالنظر للخسارة، فإن الأخطاء الفردية وضعف التركيز لدى لاعبي السد كان وراء الهزة العنيفة للفريق في لقاء القمة، كما أن الإصابات ذبحت الفريق، بخروج بونجاح ومعاناة علي أسد، وتأثر الهيدوس بآلام كانت واضحة في مسار اللاعبين على أرض الملعب، بجانب الشرود الذهني الذي أصاب اللاعبين في غالبية أوقات المباراة، بعكس الدحيل، الذي كان في حالة تركيز عالية، مكنت الفريق من هدفه. بسام الراوي صاعد بسرعة الصاروخ معركة القمة بين الدحيل والسد قدمت للدوري لاعباً مميزاً في المستوى، وهو بسام هشام الراوي لاعب وسط الدحيل، الذي يمتلك مقومات فنية كبيرة تفوق سنه بمراحل كبيرة، فقد أحرز اللاعب هدفاً يعبر عن القدرات الكبيرة لهذا اللاعب، وما ميز الهدف في المباراة أنه جاء في توقيت كان فيه السداوية قريبين من العودة، فأطلق بسام تسديدة قوية أكد بها أنه يستحق الفرصة التي منحها له الدحيل في صفوفه قادماً من الريان، فقد كانت تسديدة بسام الراوي بسرعة الصاروخ، لنجم قادم بالسرعة ذاتها في الكرة القطرية. كلمة السر قادت البياوي للتفوق على الطرابلسي المدرب التونسي نصيف البياوي قدم للخور حديثاً، وتولى تدريب الفريق في جولتين، لكنه أحدث تغييراً في عقلية اللاعبين قبل أسلوب اللعب. فقد نجح المدرب في تحقيق الفوز على أفضل مدربي الدوري حالياً، وهو مواطنه سامي الطرابلسي الذي أرهق العديد من المدربين في مواجهاته، لكن البياوي استخدم كلمة السر للتفوق على مواطنه، وكانت كلمة السر هي تغيير ثقافة اللاعبين إلى ثقافة الفوز، وقد حدث ذلك في توقيت قاتل من المباراة. والمدرب نفسه منح لاعبيه جرعات نفسية للعودة في المباراة أمام قطر، فتعادل في أول مباراة له، والآن ينتصر، وفي المقبل قد يظهر نتائج جيدة للفرسان. يوسف العربي يهدد عرش العمالقة مثلما يهدد الدحيل بكتيبته المدججة بالنجوم كل الأندية التي يواجهها، يهدد مهاجم الفريق يوسف العربي عرش أساطير الهدافين الذين مروا على الكرة القطرية، بدءاً من منصور مفتاح، وانتهاءً بكلميرسون مهاجم الغرافة السابق، حيث وصل العربي لرقم من الأهداف يصعب على أي مهاجم الوصول له، وهو 15 هدفاً في تسع مباريات. ويبدو أن العربي سيحطم رقم كلميرسون -مهاجم الفهود- في الموسم الحالي، إذا ما استمر على طريقته الحالية. رهان فيريرا لم يثمر أمام الإعصار راهن البرتغالي فيريرا مدرب السد كثيراً على اللاعبين الصغار في الموسم الحالي، وقد نجحوا في الكثير من المباريات، وكانوا عنواناً لفلسفة المدرب فيريرا في التعامل مع المستقبل السداوي، خصوصاً في ظل اهتمام معروف لنادي السد بالواعدين، ولكن يبدو أن فيريرا نسي أن ليس كل المباريات ينجح فيها اللاعبون الصغار، فعندما تواجه إعصاراً، مثل الدحيل يجب ألا تغامر بالواعدين، لأن مثل هؤلاء الواعدين نجاحهم مشروط بظروف معينة، ومباراة الدحيل ليست من هذه الظروف. صحيح أن الموهوب حسن بلانج سجل هدفاً في مرمى الدحيل ليدعم توجه فيريرا، ولكن سباق الدوري يحتاج قوة وخبرة لا تتوفر لدى الصغار. الريان يجدد العهد بأقل جهد مرة أخرى جدد الريان العهد مع الانتصارات، لكن هذه المرة لم يقدم المستوى المأمول، ولكنه انتصر في المباراة وجمع النقاط، ليأتي طعم الانتصار مختلفاً هذه المرة، لأنه جاء في ملعب المونديال، وبشخصية الريان وليس بمستواه المعروف، وقد أحسن لاعبو الريان الحسم في المباراة، لأن كرة القدم أهداف، ومن يصل للشباك يخرج فائزاً ويكتب فائزاً، وليس من يؤدي، لأن الأداء كان لصالح الغرافة، ولكن، ما فائدة الأداء إذا لم يأت بالنقاط الكاملة.;
مشاركة :