افتتح الرئيس الشرفي للمجلس العربي للمياه الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز المنتدى العربي الرابع للمياه في القاهرة، في حضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس المجلس العربي للمياه الدكتور محمود أبو زيد، ووزير الموارد المائية والري المصري محمد عبدالعاطي، ورئيس وزراء السودان السابق الصادق المهدي، والأمـــير فهد بن خالد بن سلطان، ولفيف من وزراء الخارجية والمياه والزراعة والطاقة والبيـــئة بالبلاد العربية، وكـــــبار المسؤولين والخبراء من مختلف الحكومات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية، التي تدعم قطاع المياه في البلاد العربية والجهات الدولية المعنية بشؤون المياه، وحوالى 400 خبير عربي ودولي لبحث الأخطار التي تهدد الأمن المائي العربي، خصوصاً ملف أزمة سد النهضة. ويقام المنتدى تحت شعار «الشراكة في المياه... مشاركة في المصير». ووجه الأمير خالد العزاء للشعب المصري قيادة وحكومة في شهداء مسجد الروضة في شمال سيناء، قائلاً: «مصر ستظل آمنة إلى يوم الدين، وبلد الأمن والأمان». وحذر في كلمته من اختراق الشبكات الحيوية لأهداف سياسية أو إرهابية، مؤكداً أن ذلك «سوف يسبب خسائر رهيبة وخسائر مادية هائلة، لها تأثير مباشر في الاحتياجات المعيشية للإنسان من ماء وغذاء وطاقة وبيئة». وقال «إن هذا المنتدى المنعقد تحت شعار «الشراكة في المياه... مشاركة في المصير، سعياً إلى تحقيق الأمن المائي العربي» شعار عظيم وهدف طموح نرجو جميعاً تحقيقه تحقيقاً واقعياً بمجهودات جادة، أمينة وصادقة، حتى تصبح ثقافة قوامها: التعاون والتآزر، والتفاهم وعدم الأنانية». وأضاف «أن هذا ما أسميناه سابقاً دوائر الأمن الرباعية»، متسائلاً: «فهل هذا الاختراق الإرهابي يحتاج إلى جيوش تقاتل لفرض إرادتها؟ أم يكتفي بإدارته الحرب إلكترونياً ليتحقق أولاً تلوث المياه بيولوجياً وإعاقة الصرف الصحي وانهيار أمن الغذاء والطاقة والبيئة لتنتهي المعركة بهزيمة الطرف الآخر وفرض الإرادة عليه، من دون طلقة واحدة، ليصبح البديل الوحيد أمامه هو اضطراره إلى الاستجابة للابتزاز ودفع الفدية وتنفيذ المطالب بلا قيد أو شرط. والحوادث التي وقعت خلال السنتين الماضيتين تعد شاهداً واضحاً على ذلك». وأكد الأمير خالد أنه «لن تقع حروب للسيطرة على مصادر المياه أو تدميرها، ولكن سيكون ذلك بأسلوب تقني غير تقليدي، وهو: الحرب السبرانية Cyber war حرب الفضاء الإلكتروني، والتي نعيش بعض حوادثها الآن». وقال: «يحدوني كجندي قديم القول إن الحرب القادمة عموماً ستكون حرباً إلكترونية أو حرباً على أمن الفضاء الإلكتروني، ما يـــؤدي إلى حدوث أعظم الخسائر البشرية والماديـــة، بأقل جهد ممكن ومن دون تــــــــجييش القوات المسلحة. بل عكس ذلك، فإن اختراق أنظمة القــــيادة والسيطرة والاتـــصالات والحواسب سيــــكون هو السلاح المدمر الخطير والمدخل إلى العمليات كافة». وشدّد على «أن الاختراق الإلكتروني أصبح أداة جديدة أو هو نوع جديد من أنواع الحروب الأكثر احتمالاً، والتي تبدأ بالاختراق ثم التجسس على الأنظمة المعلوماتية، والوصول إلى الشبكات الإلكترونية ومن ثم إعاقة أنظمة التحكم والسيطرة عليها، وتحقيق الأهداف بتطويعها أو تدميرها». وقال الأمير خالد إن «الإدارة حجر الأساس لما نعانيه من ندرة ومشكلات مختلفة، لهذا المورد الحيوي وهي بداية كل بديل ونهاية كل حل. وقد اتفق معظم العلماء في مجال المياه على أن الماء الموجود على سطح الأرض وفي باطنها يكفي بل يزيد على الاحتياجات الإنسانية، ولكن المعضلة الحقيقية تكمن في سوء الإدارة المائية وغياب الوعي المائي، وضعف الثقافة المائية لدى البشر، وعدم كفاءة إدارة المياه عنصراً فاعلاً من عناصر الأمن الوطني للدولة». وأكد «أن الذي ننتطره هو الإدارة الراشدة والسلوك المائي المتحضر في ضوء تأصيل علم الاجتماع المائي واتباع المراحل الست لدورة الإدارة الناجحة، والاستخدام الرشيد لكل تقنية متاحة بما فيها التكنولوجيا النانومترية في المحافظة على نعمة المياه، من مصادرها كافة». ودعا النخبة من الخبراء العرب والعلماء في مجال المياه في المنظمات الدولية والمحلية والوطنية إلى الابتكار والإبداع في مجال الإدارة وتحديداً «إدارة الموارد المائية». واقترح سداسية الحل الآتي: «ازدياد الوعي المائي وتحقق الإرادة السياسية الراشدة واتباع منهج الإدارة المعرفية المتكاملة للمياه، واعتماد الحوكمة العالمية المائية العادلة، وتسخير التقنية النانومترية لخدمة الأهداف الإنمائية واتخاذ الإجراءات التقنية لمواجهة الهجمات المستمرة على أمن الفضاء الإلكتروني وبخاصة المائي منها». أبو الغيط: خطط إثيوبيا مقلقة وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته إن «الجامعة العربية تتابع مسار المحادثات بين دولتي مصب نهر النيل العربيتين (مصر والسودان) وإثيوبيا بقلق شديد»، مشدداً على «أن الأمن المائي لأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي». مؤكداً «أننا لا نلمس ميلاً إثيوبياً كافياً للتعاون والتنسيق، وما زالت الخطط الإثيوبية لتشغيل سد النهضة واستخدام مياهه في الري غامضة ومثيرة للقلق». ودعا «أديس أبابا إلى إظهار الانفتاح الكافي على مبادئ التعاون والشفافية والتشاركية، باعتبار أنها تُمثل السبيل الوحيد للاستفادة من مياه نهر يسكن على ضفاف حوضه 400 مليون إنسان، وهم مرشحون للزيادة إلى بليون شخص في عام 2050». لافتاً إلى «أن بعض التطورات الأخيرة في ما يتعلق بالأمن المائي العربي ينطوي على الكثير من أسباب القلق والانزعاج»، ونبه إلى «تعثر المحادثات بين مصر وإثيوبيا في شأن معايير ومحددات بناء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق». وأشار إلى «أن مصر تحصل على 85 في المئة من مياهها من الهضبة الإثيوبية، وتعاني بالفعل من الفقر المائي، ونصيب المواطن فيها لا يتعدى 660 متراً مكعباً في العام، وهناك دراسات تُشير إلى احتمالات انخفاضه إلى 552 متراً مكعباً في 2025». وأضاف «أن ندرة المياه تُعد واحداً من أخطر التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي». مشيراً إلى «أن 40 في المئة من سكان العالم العربي يعيشون في مناطق تُعاني من ندرة مُطلقة في المياه». وقال «إن العرب يُمثلون 5 في المئة من سكان العالم، ولكنهم لا يحصلون سوى على 1 في المئة فقط من المياه العذبة، وفضلاً عن ذلك تُعاني المنطقة العربية من أكبر عجز غذائي في العالم». أبو زيد: تجنب الصراعات وألقى رئيس المجلس العربي للمياه الدكتور محمود أبو زيد كلمة، أشار فيها إلى أنه «لا يمكن لدولة واحدة أن تكون لها القدرة والسيطرة على مياه أي نهر من الأنهار المتشاطئة، ولكن عندما تتعاون الدول المتشاطئة يمكنها تحقيق مصالح الجميع وزيادة حصة كل الأطراف». لافتاً إلى «أن عدد أحواض الأنهار المشتركة في العالم أكثر من ٢٧٠ نهراً تشاركه دولتـــان أو أكثر، وكذلك الخزانات الجوفية المشتركة تبلغ نفس العدد». وأضاف «أنه في كثير من الأحيان تنساب الأنهار من دون اتفاقات مما يجعل المياه سبباً للصراعات والاضطرابات». وقال إن «التوترات بين الدول المتشاطئة في شأن المياه العابرة للحدود يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التعاون أو الصراع، فالأنهار يمكن أن تكون حافزاً لأي من الأمرين». وشدد على الحاجة المتزايدة للعمل على تجنب الصراعات، مشيراً إلى «أن الصراع والتعاون واقعان موجودان جنباً إلى جنب مع بعضهما والنظر لهما بفهم أكبر وبصيرة أعمق سوف يخفض حدة التوتر عبر زيادة حصة كل منتفع من الكعكعة، إذا زادت الكعكة نفسها»، وفق تعبيره. وقال أبو زيد: «نحن في حاجة إلى بناء الجسور على هذا الكوكب للعمل بأسلوب أكثر فاعلية وتطوير ثقافة للسلام لضمان الأمن المائي»، مشيراً إلى «أن التحديات تفرض مسؤولية تاريخية، خصوصاً عند من يمتلك الإمكانات». وقال «إن مجابهة تحديات المياه مهمة أساسية من أجل الأجيال القادمة والتنمية المستدامة ولا يمكن لدولة واحدة أو منظمة واحدة القيام بذلك». عبد العاطي: ضرورة التنسيق ودعا وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمد عبد العاطي الخبراء الدوليين المعنيين بملف المياه إلى ضرورة بحث سبل احتواء التحديات المتزايدة، التي تفرض واقعاً جديداً ومتغيراً على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والتنموية، وضرورة التنسيق في ما يخص زراعات خارج الحدود للمحاصيل الاستراتيجية، لضمان الأمن الغذائي والتنسيق بين الدول العربية للتكنولوجيا وعلوم المياه واستخدامات الطاقة المتجددة، ما يخص قضايا المياه العابرة للحدود سياسياً واقتصادياً. وأكد عبد العاطي في كلمته «أن 95 في المئة من مساحة مصر صحراء تعاني من ندرة حادة في المياه،» مشيراً إلى «أن نسبة العجز المائي تصل إلى 90 في المئة من الاحتياجات الوطنية التي يتم تعويضها من إعادة التدوير واستيراد الغذاء بشكل كبير»، مؤكداً «أن مصر تحتاج إلى ما يزيد على 50 بليوناً حتى عام 2050 لتوفير الموارد المائية المطلوبة». وأشار إلى «أن مصر حاولت أن يكون سد النهضة نقطة للتعاون وليس الخلاف»، مؤكداً أنه لا توجد مرونة متبادلة من الجانب الإثيوبي لدفع التعاون نحو التوافق على الدراسات الخاصة بسد النهضة. من جهة أخرى، أبرم على هامش المنتدى اتفاق تعاون بين المجلس العربي للمياه ووزارة الري الصومالية ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا (سيداري)، في مجال حصر الموارد المائية وتقييمها ودعم الخبرات الفنية وبرامج التدريب وتأهيل الكوادر، وأبرم الاتفاقية رئيس المجلس العربي للمياه الدكتور محمود أبو زيد ورئيس سيداري الدكتورة نادية مكرم عبيد.
مشاركة :