بعد شعوره بالتغيير في مسقط رأسه أوزبكستان، يعتزم حكمت عبد الرحمنوف، إقامة مبنى إداري من عشرة طوابق وافتتاح شركة استشارات تركز على التجارة الخارجية. وفي قازاخستان المجاورة تبحث المصرفية أوموت شاياخمتوفا افتتاح فرع في أوزبكستان، وتقول، «يلوح في الأفق أمل». ورغم أن مثل هذه المساعي عادية في العديد من الدول، فإنها مثيرة للدهشة في أوزبكستان لأنها كما تصفها شاياخمتوفا، «تبدأ من الصفر». فحتى وفاة الرئيس السابق إسلام كريموف العام الماضي كانت أوزبكستان واحدة من أكثر دول العالم عزلة. وأمسك كريموف، الذي وصل للسلطة أيام الشيوعية، الاقتصاد والسياسة بقبضة من حديد ولم يثق في روسيا ولا في الغرب. ومنذ ذلك الوقت تتدفق الوفود الأجنبية على العاصمة طشقند ويجذبها ما تملكه من ثروات محتملة من النفط والغاز ومحصول القطن الوفير وأيضا مجالات كإنتاج السيارات والغذاء والآلات والكيماويات. ولكن لديها أيضا مخاوف سياسية: فقد ألقي القبض على أوزبك من السكان المسلمين، الذين عانوا فترة طويلة من القمع، لضلوعهم في هجمات على مدنيين في نيويورك واسطنبول وستوكهولم وسان بطرسبرج هذا العام أسفرت عن مقتل 65 شخصا على الأقل وإصابة الكثيرين. وأبقى شوكت ميرضيائيف خليفة كريموف، والذي كان رئيس وزرائه لفترة طويلة على النظام السياسي مع بدء إصلاحات تدريجية للاقتصاد الذي فشل في توفير وظائف وأجج مشاعر الاستياء. وقالت أوزبكستان في أغسطس/ آب، إنها ستلغي في 2019، نظام تأشيرات الخروج الذي يمنع سكانها من مغادرة البلاد دون تصريح رسمي، مما يمهد الطريق أمام سفر ملايين العمال المهاجرين الذين تعد تحويلاتهم، خاصة من روسيا، مصدرا حيويا للدخل. وبعد ذلك بشهر توقفت البلاد عن إرسال الطلبة والمعلمين والعاملين في القطاع الطبي لجمع محصول القطن بعد حملة مقاطعة عالمية وألغت معظم القيود على رأس المال التي كانت قد عززت احتياطيات الدولة لكنها خنقت التجارة والاستثمار. بالنسبة لعبد الرحمنوف (36 عاما)، الذي يدير ممتلكات وتجارة وأموالا وغيرها ويتنقل بين الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وسنغافورة، تعني إصلاحات العملة أن بإمكانه التركيز على كسب المال بدلا من تعقبه في نظام مبهم. وقال في مقابلة بمبناه الإداري المكون من ثلاثة طوابق على المشارف الشرقية لطشقند، «بالإمكان أن نلمس تغير الأجواء بحق». وأضاف، «الناس تفكر في أعمال جديدة ويمكن أن ترى الكثير من الشركات الناشئة الآتية إلينا».«جادون» شركة عبد الرحمنوف تؤجر مساحات إدارية وترتب اتفاقات للتجارة الخارجية وتوفر خدمات أخرى لرجال أعمال محليين. أما شاياخمتوفا فهي المديرة التنفيذية لبنك هاليك، أكبر بنك في قازاخستان من حيث الأصول. قالت شاياخمتوفا بمدينة ألما آتا في قازاخستان، «لقد عقدت اجتماعات مع مسؤولين كبار ولدي انطباع أنهم جادون (فيما يتعلق بالإصلاحات)… ندرس السوق ونتحدث مع المنظمين لمعرفة خططهم». وأضافت، أن البنك، وله أصول حجمها 26 مليار دولار وفروع في روسيا وجورجيا وقرغيزستان، يمكن أن يفتح فرعا في طشقند خلال 18 شهرا. وضم البنك الدولي أوزبكستان لقائمته لأفضل عشر دول شهدت تحسنا هذا العام في تيسير إدارة الأعمال مستشهدا بإصلاحات في مجال بدء الأعمال وإصدار تراخيص البناء وحماية المستثمرين، وفيما يتعلق بمدفوعات الضرائب وإمدادات الكهرباء. إلا أن أوزبكستان لم تتعامل مع عملية إعادة هيكلة الشركات الحكومية الأكثر تعقيدا وإيلاما كما لم تنضم لمنظمة التجارة العالمية، كما أنها من الدول التي تعتبر الأكثر فسادا، وفقا لمنظمة الشفافية الدولية التي تضعها في المرتبة 156 بين 176 دولة. ولم يشعر المواطن العادي في أوزبكستان بعد بالمزايا الكاملة لتحرير سعر الصرف الأجنبي، وما زال غير قادر على شراء عملة أجنبية إلا من السوق السوداء.النظر للخارج والتركيز على روسيا خلال هذا العقد، مثلت روسيا والصين وكوريا الجنوبية نحو ثلثي الاستثمارات، والتي تركز معظمها العام الماضي على النفط والغاز ثم الكيماويات والخدمات اللوجيستية. قال عظيم أحمد خوادييف رئيس لجنة الاستثمارات التابعة للدولة، إن البلاد جذبت 4.2 مليار دولار حتى الآن هذا العام، منها 3.7 مليار دولار كاستثمار مباشر مقارنة مع 1.9 مليار دولار في عام 2016 بأكمله. ووفقا لبيانات البنك الدولي الصادرة قبل أن يتحدث أحمد خوداييف مع الصحفيين الشهر الجاري، تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 67 مليون دولار في 2016. ولم يعلق أحمد خوادييف على التناقض. وقال، إن الولايات المتحدة وألمانيا واليابان بين المستثمرين هذا العام، مما يعكس توجه الرئيس للخارج، أما التدفق الرئيسي والبالغ نحو مليار دولار، فمن المتوقع أن يأتي من شركة لوك أويل الروسية العملاقة للطاقة. وكان ميرضيائيف قد وصف روسيا، بأنها شريك استراتيجي. وتوضح بيانات البنك المركزي الروسي تحويلات حجمها 2.7 مليار دولار من روسيا إلى أوزبكستان العام الماضي.
مشاركة :