تعهد الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، بتصحيح «الظلم التاريخي» الذي تعرضت له الأقليات في بلاده، في خطاب أمام متمردين مسلمين الإثنين، في وقت تسعى حكومته إلى إعادة إحياء عملية السلام المجمدة في الجنوب. وكان الرئيس الفلبيني يتحدث في اجتماع استضافته المجموعة الإسلامية المتمردة الرئيسية في البلاد، «جبهة مورو الإسلامية للتحرير»، والذي ضم كذلك مسيحيين وفصائل مسلمة أخرى ومجموعات قبلية من منطقة مينداناو الجنوبية. ومنذ سبعينات القرن الماضي، يشن المسلمون تمردا يسعون من خلاله إلى الحكم الذاتي أو الاستقلال في المناطق الجنوبية من الفلبين الكاثوليكية التي يعتبرونها أرض أجدادهم. وحصد النزاع أرواح أكثر من 120 ألف شخص، وخلف حالة من الفقر في مناطق عدة من مينداناو. وحذر دوتيرتي الذي يتفاخر بأن أجداده كانوا مسلمين، من أن المنطقة قد تشهد عنفا أسوأ إذا لم تحل المسألة. وقال، «ما على المحك هنا هو المحافظة على جمهورية الفلبين وتصحيح الظلم التاريخي». وقال دوتيرتي، إنه على مر العقود عندما كانت الفلبين تحت الاستعمار الإسباني ومن ثم الأمريكي، سيطرت الأغلبية المسيحية على أجزاء واسعة من مينداناو، ما تسبب بتهميش السكان الأصليين من المسلمين وغيرهم من القبائل. وحذر كذلك من إمكانية تفاقم العنف في حال فر أنصار تنظيم «داعش»، إلى الفلبين بعدما خسروا معاقلهم في الشرق الأوسط.تهديد تنظيم «داعش» وجاء تحذير دوتيرتي بعد شهر فقط من هزيمة أنصار تنظيم «داعش» الأجانب والمحليين، الذي عاثوا خرابا في مراوي، أهم مدينة مسلمة في ميناداناو، في أكتوبر/ تشرين الأول، ما أنهى نزاعا استمر لخمسة شهور وأسفر عن مقتل نحو 1100 شخص. ووقعت جبهة مورو الإسلامية للتحرير التي تضم 10 آلاف عنصر اتفاق سلام عام 2014، كان ليسمح للأقلية المسلمة في البلاد حكم أجزاء من مينداناو، إلا أن الكونجرس الفلبيني لم يقر بعد القانون المقترح لتطبيق الاتفاق. وهدف تجمع الإثنين بشكل أساسي إلى حشد الدعم للقانون المقترح. من جهته، قال دوتيرتي، إنه سيعمل على تمرير القانون، حتى أنه دعا الكونجرس إلى عقد جلسة خاصة ليتمكن القادة المسلمون من توضيح خططهم خلالها. وأضاف، أن اتفاقا من هذا النوع يجب أن «يشمل الجميع»، ويلقى قبولا لدى كافة المجموعات في مينداناو. وأثناء حديثه خلال المناسبة، ذكر رئيس جبهة مورو الإسلامية للتحرير مراد إبراهيم، أن العديد ممن حضروا قاتلوا في الحروب التي شنها المتمردون المسلمون خلال عقود مضت. إلا أنه أشار إلى أنهم يطالبون حاليا بقانون يمنحهم حكما ذاتيا، موضحا، أن ذلك «يمنحنا فرصة نادرة لنكون جزءا من المسعى النبيل لصناعة السلام». وحضر مئات الآلاف التجمع الذي جرى في مقر الجبهة الرئيسي، حيث ساد جو احتفالي رغم تاريخ النزاع. وأفادت الجبهة في وقت سابق، أن نصف مليون شخص سجلوا لحضور الاجتماع. وأمن التجمع مقاتلون من الجبهة غير مسلحين مصحوبين بعناصر مسلحين من الجيش والشرطة. وحضر اللقاء رئيس أساقفة محافظة كوتاباتو، وأعلى مسؤول كنسي كاثوليكي في مينداناو الكاردينال أورلاندو كيفيدو، إضافة إلى أعضاء جبهة مورو للتحرير الوطني، والتي تعد الخصم الرئيسي لجبهة مورو الإسلامية للتحرير. وقال مدير لجنة التنسيق الحكومية المشرفة على اتفاق السلام كارلوس سول، إن «الأهم هنا هو التعايش بين المسيحيين والمسلمين ولوماد (أفراد القبائل)».
مشاركة :