متابعة - صفاء العبد:الآن، ومع اقتراب الدوري من خاتمة قسمه الأول في نسخته لهذا الموسم يكون من الطبيعي أن نتوقف عند بعض الملاحظات التي أفرزتها منافساته وقد يكون من أبرز تلك الملاحظات ما يتعلق بهذا التفاوت الكبير في مستويات فرقه وهو تفاوت يكاد يضعنا أمام بطولة تبدو أقرب ما تكون إلى بطولتين متداخلتين لمجموعتين متباينتين تماماً ومختلفتين كل الاختلاف من حيث الإمكانات والقدرات وما تمتلكه من لاعبين سواء على مستوى المحليين أو المحترفين الأجانب. وعندما نقول بطولتين متداخلتين فذلك لأن واقع الحال يشير إلى أن الفرق الـ 12» كانت خلال الجولات التسع الماضية قد انقسمت في طموحاتها وفي مساعيها إلى جزءين، الأول هو الذي يضمّ الفرق الثلاثة المتقدّمة، وهي الدحيل والسد والريان، والتي احتكرت المنافسة على اللقب وستبقى هكذا في القسم الثاني أيضاً وفقاً لكل المؤشرات والمعطيات، والثاني هو الذي يضمّ الفرق التسعة الأخرى والتي باتت جلّ طموحاتها تنحصر في المنافسة على الركن الرابع داخل مربع الكبار ونعني به المركز الرابع في جدول الترتيب حيث إن ذلك يمثل السقف الأعلى لكل تطلعاتها بعد أن أيقنت تماماً بأن من غير المنطقي أن تفكر مجرد تفكير في إمكانية الاقتراب من مزاحمة فرق المقدمة الثلاثة. فحتى السيلية الذي سجل نجاحات طيبة حتى الآن في هذا الموسم، والمتواجد حالياً داخل مربع الكبار، قد لا يمتلك ما يؤهله للذهاب إلى أبعد من ذلك الأمر الذي يجعله يعتقد أنه قد حقق حتى الآن ما يمثل الحد الأعلى لتطلعاته وهو أمر واقعي ومنطقي طبعاً لكنه لا يتفق إطلاقاً مع ما نتمنّاه للدوري، ولعل القول نفسه ولكن بدرجة أقل ينسحب نحو فرق أخرى مثل أم صلال والغرافة التي كنا نعتقد أنها ستكون قادرة على أن تطرق أبواب الكبار أو تزاحمها على أقل تقدير فإذا بنا نجدها خارج حسابات المنافسة على اللقب بل وربما حتى حسابات المربع الذهبي وفقاً للصورة الحاليّة لكل منهما. أما باقي الفرق فإن الواضح جداً حتى الآن هو أن كل طموحاتها تنحصر بالابتعاد عن منطقة الخطر أو منطقة الهبوط وأن شعارها الأهم هو البقاء في دوري الكبار فقط وهو طموح يؤكد أن هناك خللاً ما أو خطأ ما في دوري النجوم وأن الأمر برمته سيحتاج إلى وقفة جادّة تبحث في أسباب مثل هذا التباين الكبير في المستويات، هذا التباين الذي لا يمكن إلا أن يكون سبباً مباشراً في تضاؤل جمالية الدوري وفي تراجع ما كنا نبحث عنه من الإثارة والقوة التي كنا نأمل في أن تكون هي العنوان في دوري هذا الموسم بعد القرار الذي قضى بتقليص فرقه من (14) فريقاً إلى 12 لاعتبارات أهم ما فيها هو الدفع بدوري النجوم إلى الحجم التنافسي الذي يتفق مع ما نطمح إليه جميعاً. ولكي تكون الصورة أكثر وضوحاً ندعوكم هنا إلى العودة لمشاهدة تسجيلات للعديد من مباريات الجولات التسع المنتهية إذ ستجدون أن أغلبها كان يفتقد للكثير من مقوّمات المنافسة الحقيقية وأن أغلبها كان يبدو خالياً من الإثارة التي ترتقي إلى كونها مباريات في دوري نطلق عليه تسمية دوري النجوم وهي تسمية يفترض أن تجعل من مباريات البطولة كلها ذات سمة أخرى مختلفة كل الاختلاف عن هذا الذي رأيناه حتى الآن. فباستثناء تلك المواجهات التي جمعت بين أقطاب المقدمة، الدحيل والسد والريان، كانت المباريات الأخرى أقرب ما تكون إلى مواجهات فقيرة فنياً وتنافسياً وليس فيها أبداً ما يمكن أن يشدّ الجمهور إلى متابعتها مثلما أنها لا تقوى على أن تشكل إضافات مهمّة تسهم فعلاً في تطوير واقعنا الكروي ذلك إذا ما سلمنا بأن كرة القدم في أي مكان إنما تستمدّ قوتها وديمومتها وتطوّرها من بطولات الدوري في بلدانها. لا ننكر طبعاً أن مثل هذا الواقع المتواضع فنياً وتنافسياً يعود إلى أسباب عديدة من بينها ما يتعلق بالأخطاء التي ترتبط بسوء اختيارات بعض الأندية لأجهزنها الفنية وللاعبيها المحترفين، كما يعود أيضاً إلى ضعف الإعداد وغياب البرامج العلميّة الصائبة والقادرة على الارتقاء بفرقنا إلى ما يؤهلها لأن تكون أطرافاً فاعلة في الدوري وليست مجرد أرقام كما يحدث حالياً للعديد منها، غير أن الأمر لا يقف عند هذه الحدود وإنما يتعداها إلى ما هو أهم من وجهة نظرنا.. والأهم هنا هو هذا الذي يتعلق بهذا التباين الكبير على مستوى المتوفر من اللاعبين في عموم أنديتنا. فالواقع هنا يشير إلى أن الثقل الأكبر والأهم لأبرز لاعبينا يكاد يتكدّس في أندية محدّدة فقط دون غيرها، كما أن الإمكانات المتوفرة للتعاقد مع المحترفين الأجانب تتباين بين هذا النادي أو ذاك، لذلك نجد أن أفضل المحترفين يتواجدون في أندية دون أخرى مثلما أن أبرز لاعبينا المتميّزين، ومنهم الدوليون، يتواجدون في الأندية ذاتها، الأمر الذي أحدث هذا التباين الكبير والتفاوت الشاسع في المستويات لينعكس ذلك سلباً بالتأكيد على عموم المستوى الفني للبطولة. ندرك طبعاً أن «شطارة» العمل في أنديتنا تختلف من إدارة إلى أخرى، وأن للشطارة هذه نتائج تخدم أصحابها لكننا نتحدث هنا عن بطولة تحتاج من الجهات المعنيّة التدخل لما فيه مصلحة الكرة القطرية على وجه العموم .. ومصلحة الكرة القطرية هنا تقتضي أن يكون لدينا بطولة دوري أفضل بكثير من هذه التي نراها اليوم، فليس منطقياً أن نقبل بمثل هذا الواقع غير الطبيعي وغير الإيجابي للبطولة التي ليس بدونها أبداً يمكن لكرتنا أن تنمو وتتطوّر. نحتاج إلى بطولة تتقارب فيها المستويات إلى درجات ترتقي بمنافساتها إلى الحجم المطلوب، فمتى ما ارتقت هذه المنافسات إلى المستويات المطلوبة متى ما ستكون البطولة قادرة على أن تسهم فعلاً في تنمية قدرات لاعبينا وتدفع بهم إلى رفع سقف طموحاتهم في التطوّر والسعي إلى بذل أكبر الجهود من أجل الارتقاء بإمكاناتهم، أما الذي يحدث الآن فهو أن سقف الطموحات هذه هي في أقل مستوياتها وأن أغلب لاعبينا لا يبتعدون في تفكيرهم عن حدود مثل تلك المواجهات الفقيرة فنياً والمحدودة على مستوى العطاء الحقيقي سواء للاعبين أو الأجهزة الفنية. نقول، إننا بحاجة ماسّة جداً لخريطة جديدة على مستوى توزيع اللاعبين في أنديتنا، نحتاج إلى دعم أغلب أنديتنا بلاعبين يمكن أن يسهموا فعلاً في الارتقاء بإمكانات فرقها، أما أن نكدّس لاعبينا الكبار والمتميّزين في ناديين أو ثلاثة فذلك لا يخدم بطولة الدوري ولا يدفع بها إلى الأمام إن لم نقل العكس وهو أنه يمكن أن يشدّها إلى الخلف وبالتالي فإن ذلك يشدّ الكرة القطرية إلى الخلف أيضاً. الأمر باختصار شديد يتطلب قرارات جريئة ربما لا ترضي بعض الأطراف لكنها ستكون في غاية الأهمية إذا ما أردنا أن تكون لدينا بطولة دوري ترتقي بحجمها التنافسي إلى ما يسهم فعلاً في الارتقاء بواقعنا الكروي على وجه العموم .
مشاركة :