عرضت بريطانيا ملامح استراتيجية جديدة للصناعة، تقوم على تعزيز تدخل الدولة لمعالجة ضعف الإنتاجية ومساعدة سادس أكبر اقتصاد في العالم، على مواجهة تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي. وكانت رئيسة الوزراء تيريزا ماي أشارت للمرة الأولى إلى الخطة في كانون الثاني (يناير) الماضي بعد سبعة أشهر من تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي، لتتبني نهج التدخل في نشاطات الأعمال الذي تخلى عنه أسلافها منذ حقبة مارغريت تاتشر في ثمانينات القرن الماضي. وقبل نشر الاستراتيجية، أعلنت الحكومة «استقطاب استثمارات ضخمة من شركة الرعاية الصحية العالمية المعروفة باسم «ميرك آند كو» في الولايات المتحدة، وشركة «كياجين» الألمانية المتخصصة بالمنتجات التشخيصية ومقرها ألمانيا. وفي وقت قدرت صحيفة «فايننشال تايمز» قيمة الاستثمارات بما يزيد على البليون جنيه استرليني (1.3 بليون دولار)، اعتبرت «ميرك آند كو»، أن «من المبكر جداً إعطاء رقم لحجم الاستثمار»، كما لم تفصح «كياجين» عن أي رقم. وستكون علوم الحياة من بين أربع قطاعات تستهدفها الحكومة، التي ستركز أيضاً على الإنشاء والذكاء الصناعي وصناعة السيارات. وقال وزير الأعمال البريطاني غريغ كلارك، «ستعزز الاستراتيجية الصناعية الجديدة البنية التحتية وبيئة الأعمال، في مسعى إلى تحسين الإنتاجية». وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد البريطاني «بنسبة 1.5 في المئة عام 2018 ، مقارنة بنمو نسبته 2 في المئة بين الاقتصادات المتقدمة عالمياً». إلى ذلك، دفعت صناعة الخدمات المالية في بريطانيا مبلغاً قياسياً من الضرائب خلال السنة المالية الأخيرة بلغ 72.1 بليون جنيه (96.2 بليون دولار)، وفقاً لتقرير هيئة الضرائب البريطانية. وأفاد بأن عائدات الضرائب في القطاع المالي «ارتفعت واحداً في المئة خلال السنة حتى آذار (مارس) الماضي، مسجلة أعلى مستوى في بيانات السنوات العشر المجمعة». وطلبت مدينة لندن هذا التقرير التي تضم حي «سكوير مايل» المالي. وقالت مسؤولة السياسة في مدينة لندن كاترين ماكغينيس، «مع اقتراب الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بات مهماً أكثر من أي وقت مضى تأكيد مدى أهمية قطاع الخدمات المالية للاقتصاد». وإذ رأت أن «من السابق لأوانه تقويم الطريقة التي قد يعاني منها قطاع تحصيل الضرائب في البلاد إذا قررت الشركات نقل نشاطها من بريطانيا»، اعتبرت أن «هذه النتائج تسلط الضوء على مدى أهمية الوفاء بالحاجات الملحة لهذا القطاع في إطار المفاوضات». ودعت مدينة لندن إلى ما يسمى باتفاق انتقال بحلول نهاية العام، للحد من عدد الوظائف المالية التي ستنتقل إلى الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، قبل انسحاب بريطانيا من الاتحاد في آذار 2019. وتوقع بنك إنكلترا انتقال نحو عشرة آلاف وظيفة في قطاع الخدمات المالية بحلول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مع فتح أو توسيع البنوك وشركات التأمين وشركات إدارة الأصول التي مقرها لندن مراكزها الحالية في الاتحاد، للحفاظ على الصلة بالزبائن. ولفت التقرير إلى أن «43.5 في المئة أو 31.4 بليون جنيه استرليني من عائدات الضرائب التي دفعتها الشركات، كانت على شكل ضرائب توظيف يدفعها الموظفون وشركاتهم». وأكدت مدينة لندن أن «في حال انسحب عدد كبير من الوظائف من بريطانيا نتيجة الخروج من الاتحاد الأوروبي، فستتأثر عائدات الضرائب من قطاع الخدمات المالية». وساهم هذا القطاع في 11 في المئة من عائدات الضرائب.
مشاركة :