لم تعد الجهود الأحادية قادرة على مواجهة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله. إنتشار التنظيمات الإرهابية حول العالم؛ وتداخل جماعاتها يحتاج إلى جهود دولية مشتركة قادرة على التعامل مع مخرجاتها المتنوعة. أدركت المملكة أهمية العمل المشترك في حربها ضد الإرهاب وساهمت في الجهود الدولية لمكافحته؛ وبادرت في إنشاء المركز العالمي لمكافحة التطرف إيماناً منها بمخاطر الفكر الإرهابي ووجوب القضاء عليه. واستكمالاً لجهودها المباركة احتضنت المملكة أعمال الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، بمشاركة وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي ووفود دولية وبعثات رسمية من الدول الداعمة والصديقة. الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أكد في كلمته الافتتاحية على أهمية العمل المشترك لمحاربة الإرهاب؛ وقدرة الدول الإسلامية على تنسيق جهودها العسكرية والاستخباراتية والسياسية والمالية لتحقيق هدف القضاء على الإرهاب. نجحت دول التحالف الإسلامي العسكري في إقرار إستراتيجية شاملة لمواجهة خطر الإرهاب والقضاء عليه؛ من خلال محاور رئيسة شملت الجوانب الفكرية والإعلامية والتمويلية والعسكرية والاستخباراتية والمعرفية. لا خلاف على أهمية العمل الإستراتيجي المنظم؛ إلا أن الإلتزام بما اتفق عليه من قبل الدول المشاركة هو الضامن لإنجاز البرامج والخطط المنبثقة عن الإستراتيجية الشاملة. سيسهم إلتزام الدول الأعضاء بالقضاء على التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها وهدم ملاذاتها الآمنه؛ وتحصين المجتمعات الإسلامية من الفكر المتطرف. بالرغم من أهمية الجوانب العسكرية، والاستخباراتية والفكرية والإعلامية في إستراتيجية محاربة الإرهاب؛ إلا أن عمليات تجفيف منابع التمويل تكتسب أهمية استثنائية تستمدها من أهمية المال للتنظيمات الإرهابية التي لا يمكن لها العمل؛ وتنفيذ عملياتها دونه. المال عصب حياة التنظيمات الإرهابية؛ ومصدر تمويل عملياتها القذرة، وشراء الأسلحة وتهريبها؛ والصرف على الأتباع والجماعات وتأمين إحتياجات الخلايا النائمة لفترات طويلة؛ وأكثر من ذلك استخدامه لشراء الذمم؛ وتوجيه والوسائل الإعلامية الصفراء والمرتزقة وتجنيد الأعضاء وتشكيل الخلايا وتقديم المساعدات ضمن برامج التجنيد المنظمة. الأكيد أن إنشاء «مركز التميز لمحاربة تمويل الإرهاب» سيسهم في رفع فاعلية برامج تجفيف منابع تمويل الإرهاب والتعامل مع ملفاتها المعقدة وفق معايير دولية وكفاءة عالية تغذيها الخبرات البشرية؛ والأنظمة التقنية المتقدمة؛ والبنوك المركزية المسؤولة عن حماية أنظمتها المالية من عمليات التمويل القذرة. خلق شراكة بين المركز والدول الغربية الداعمة لجهود محاربة الإرهاب؛ والمنظمات الدولية سيعزز من قدراته وكفاءته؛ وسيسهم في خلق شبكة رقابية صارمة على التدفقات المالية؛ وشبكات التقاص الدولية بما يعزز من النتائج المحققة. رصد التدفقات المالية القذرة من أهم الأدوات الاستباقية لمكافحة الإرهاب؛ وأحسب أن المركز سيعمل على تنشيط عملياته الرقابية القادرة على كشف الأموال القذرة وتتبع مصادرها والمتورطين فيها ثم قطع قنواتها الرئيسة. ستمضي المملكة قدماً في محاربتها الإرهاب؛ وستعمل جاهدة لتعزيز العمل المشترك بين الدول الإسلامية من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى لضمان تحقيق النتائج والقضاء الكلي على الإرهاب وتجفيف منابع تمويله. أجزم أن العمل الاحترافي الذي يقوم به سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ وتعزيزه التحالف الإسلامي العسكري وقيادته؛ سيسهم؛ بإذن الله؛ في دحر الإرهاب بنوعيه؛ إرهاب التنظيمات والدول؛ وإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة.
مشاركة :