في خطوة بين قطبي الصناعة السعودية تدشّن حقبة جديدة في صناعة البتروكيميائيات، وقّعت أرامكو السعودية وشركة سابك، اليوم الأحد مذكرة تفاهم لتطوير مجمعٍ صناعي متكامل لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات في المملكة العربية السعودية. وتأتي هذه المذكرة بناءً على الاتفاق المبدئي الموقَّع في 28 يونيو 2016م. وتؤطّر المذكرة عملية تطوير ودراسة المشروع بشكل أكثر تفصيلًا، واتخاذ القرار النهائي بشأن الاستثمار والمضي قدمًا لإنجازه بعد أن تم الانتهاء، مؤخرًا، من دراسة جدوى مبدئية لاقتصاديات المشروع. ويشكّل الإعلان عن إنشاء مجمع صناعي متكامل لتحويل النفط الخام إلى منتجات كيميائية في المملكة أهمية ليس فقط بسبب التعاون والاستثمار بين أكبر شركتين سعوديتين (مناصفة 50%)، ولكن أيضًا لأنه سيعزز مكانة المملكة عالميًا على مستوى صناعة الكيميائيات، حيث سيضمُّ المجمع وحدات تشغيل مبتكرة تمكّنه من تحقيق معدل غير مسبوق لعملية تحويل النفط إلى كيميائيات، وذلك بصورة تنافسية واقتصادية، وهذا يُعَدُّ إنجازًا على مستوى الصناعة. ومن المتوقع أن يستهلك هذا المشروع العملاق 400 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، وذلك لإنتاج حوالي 9 ملايين طن من المواد الكيميائية سنويًا. ويُتوقع أن يتم البدء بأعمال التشغيل خلال العام 2025م، وهو مشروع يتواءم مع توجهات المملكة في رؤيتها 2030. وستتضمن التقنية الحديثة المُستخدمة في هذا المشروع، التي تم تطويرها في المملكة، نسبة غير مسبوقة لتحويل النفط إلى كيميائيات على صعيد الصناعة العالمية. وقد روعي أن تحقق نسبة التحويل التوازن بين الناحيتين الاقتصادية والفنية. فعلى سبيل المثال، تُعطي هذه النسبة أعلى عوائد على الاستثمار الإجمالي. ومن الناحية الاقتصادية، فإنها تستغل الطاقة الإنتاجية القصوى المتاحة عالميًا. وقال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر: "يمثّل هذا المشروع، بإذن الله، تحقيقًا للمصالح التجارية والإستراتيجية لكلٍ من أرامكو السعودية وسابك، ويعزز جهود أرامكو السعودية للاستثمار الأمثل للثروة النفطية وعدم حصرها في قطاع النقل، إذ إن لاستخدام النفط في القطاع الكيميائي فرصاً تجارية كثيرة وواعدة". وقال نائب رئيس مجلس إدارة (سابك) الرئيس التنفيذي يوسف بن عبدالله البنيان : "ستُسهم هذه الخطوة، بإذن الله، في تحقيق محور مهم من محاور (رؤية السعودية 2030م)، الذي يركز على تحقيق اقتصاد مزدهر، من خلال إيماننا بأهمية تطوير أدواتنا الاستثمارية، لإطلاق إمكانات القطاعات الاقتصادية في المملكة، وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني، ما يؤدي إلى توليد فرص العمل للمواطنين، ويحقق التنمية الاقتصادية المنشودة. وبما يسهم في استقطاب أفضل الكفاءات العالميّة والاستثمارات النوعيّة، وصولًا إلى استغلال موقعنا الإستراتيجي الفريد". وأضاف: "اليوم هو يوم استثنائي في العلاقة التكاملية بين شركتي (سابك) و(أرامكو السعودية)، فهذه هي المرة الأولى، التي يدخل فيها أكبر كيانين صناعيين في المملكة في شراكة إستراتيجية من أجل مواصلة الريادة السعودية لابتكار تقنية جديدة، تسهم في توسيع آفاق الممكن في مجال صناعة البتروكيميائيات". وتابع: إن الآفاق المستقبلية لتحويل النفط إلى كيميائيات كبيرة ومتنوعة، ولو أصبح هذا المشروع حقيقة، فلن يكون مجمع تحويل النفط إلى كيميائيات هو الأكبر في العالم وحسب بل سيكون معيارًا تنافسيًا جديدًا. وسيُمكّننا من الاستفادة من عملية الدمج وحجم المشروع الكبير، لتحقيق طموحات النمو الخاصة بشركَتي (سابك) و(أرامكو السعودية). وسيرسخ كذلك مكانة المملكة كدولة رائدة من رواد التقنية في صناعة البتروكيميائيات. وسيقدم المشروع فرصًا جديدة لبناء صناعات تحويلية رائدة في المملكة من خلال أربعة محاور: تعزيز قيمة إنتاج النفط الخام في المملكة عبر التكامل الشامل في سلسلة الصناعات الهيدروكربونية، والإسهام في التنويع الاقتصادي من خلال إنتاج مواد جاهزة للاستهلاك أو شبه جاهزة، وتطوير وابتكار تقنيات متقدمة، وموائمة النمو الاقتصادي المستدام للمملكة مع برنامج التحول الوطني. كما سيولّد المشروع نحو 30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للشباب السعودي.
مشاركة :