توقع بنك الكويت الوطني أن تواصل أسعار النفط ارتفاعها للشهر الثالث على التوالي، في ظل تراوح أسعار مزيجي برنت وغرب تكساس المتوسط عند مستوى 63 و58 دولاراً للبرميل على التوالي. ولفت البنك في تقريره الاقتصادي، إلى أن أسعار النفط شهدت في الأسبوع الماضي انتعاشاَ غير متوقع بعد أن تم إغلاق أحد أهم أنابيب النفط في أميركا، والذي ينقل النفط الكندي للمصافي على الخليج الأميركي، على أثر تسرب النفط. وكشف التقرير عن ارتفاع مزيجي برنت وغرب تكساس بواقع ما لا يقل عن 38 في المئة، منذ أقل مستوياته في يونيو 2017، إذ شهدا ارتفاعاً دام أربعة أشهر ونصف على إثر تحسن الطلب العالمي على عكس التوقعات وتراجع الإنتاج وزيادة المخاطر الجيوسياسية. وبين أن «أوبك» التزمت من جانبها بتنفيذ اتفاقية الخفض بمتوسط التزام بلغ 97 في المئة خلال الأشهر العشرة الماضية منذ بدء الاتفاقية، كما نجحت أيضاً في محاور أخرى كخفض المخزون التجاري لدول منظمة التعاون الاقتصادي ومخزون المنتجات النفطية إلى متوسط الخمس سنوات. وتشير البيانات الأخيرة لوكالة الطاقة الدولية إلى تراجع المخزون في سبتمبر، إلى ما دون 3 مليارات برميل يومياً لأول مرة منذ عامين. وأوضح التقرير أنه على الرغم من أن إعصار «هارفي» كان له تأثير سلبي على مستوى المخزون إلا أن التراجع كان ظاهراً خلال معظم العام، في حين انعكست البيانات التي تبين جهود «أوبك» على الأسواق، كما قامت دول المنظمة وخارجها بالتأكيد على رغبتها باتخاذ أي إجراء يتطلبه تخفيف وفرة الإنتاج وإعادة التوازن في الأسواق. وذكر أن الأسواق أصبحت في حالة تساؤل وشك بعد أن ظهرت احتمالية تمديد فترة خفض الإنتاج والتي من المخطط مناقشتها في اجتماع المنظمة المزمع عقده غداً. وأشار التقرير إلى تراجع صافي عمليات البيع الطويلة (الفارق بين التخمين على ارتفاع أو تراجع الأسعار) والذي تم تجميعه على مدى الشهرين الماضيين، إذ بدأ ذلك منذ أن لوّح بعض المنتجين من روسيا برغبتهم بتمديد فترة خفض الإنتاج حتى نهاية العام 2018 فور انتهائها في مارس 2018. ونوه التبرير بتشابه روسيا بذلك مع موقف السعودية الرسمي عندما كان علي النعيمي وزيراً للنفط، إذ لا يود المنتجون في روسيا خفض الإنتاج وخسارة الحصة السوقية لأميركا، التي بدأ إنتاجها بالوصول إلى الصين. وأشار إلى إصدار وكالة الطاقة الدولية تقريرها حول الطاقة العالمية للعام 2017، لتقدم فيه رؤيتها للنفط الصخري على المدى المتوسط إلى البعيد، بحيث ترى أن مخزون النفط الصخري قد يرتفع بواقع 30 في المئة، متوقعاً أن تتضاعف وتيرة إنتاجه بحلول العام 2025 من مستواه الحالي عند 6 ملايين برميل يومياً إلى 13 مليون برميل يومياً، أي أن أكثر من 80 في المئة من إنتاج الدول من خارج «أوبك» والمتوقع أن يبلغ 4.9 مليون برميل يومياً بحلول العام 2025،، سيكون مصدره من أميركا. كما رأى الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، أن أميركا ستتصدر أسواق النفط والغاز العالمية في السنوات المقبلة، مبيناً أنه مع الزيادات المقبلة من النفط الصخري، تتوقع وكالة الطاقة الدولية تراجع حصة «أوبك» من أسواق النفط العالمية من 43 في المئة عام 2016 إلى 41 في المئة عام 2025. ونوه بأن الجانب الجيد بالمقابل، يكمن في أن الوكالة تتوقع أيضاً ارتفاع نمو الإنتاج الأميركي بحلول نهاية العشر سنوات المقبلة، إذ يعاكس أداءه في العام 2030 وما بعد، وأنه نتيجة ذلك سترتفع حصة «أوبك» إلى 46 في المئة بحلول العام 2040. وذكر التقرير أنه رغم هذه المؤشرات الجيدة إلا أنه من المحتمل أن تصل أسعار النفط إلى مستوى 85 دولاراً للبرميل في العام 2025 حسب توقعات وكالة الطاقة الدولية حول السياسات الجديدة، نتيجة ندرة الاستثمار في مشاريع النفط التقليدية منذ هبوط أسعار النفط في العام 2014. وأفاد أن الخسائر قد تصل إلى 2.5 مليون برميل يومياً من النفط العالمي كل عام (2.6 في المئة من الإنتاج العالمي)، وأنه حتى إذا ارتفع النفط الصخري فلن يكون ذلك كافياً لتعويض هذه النسبة. وكشف أن نمو الطلب قد يتباطأ في المدى القريب إلى المتوسط نظراً لتحسن كفاءة الوقود وزيادة استهلاك السيارات الكهربائية، متوقعاً أن يتباطأ نمو الطلب العالمي بصورة ملحوظة من 1.5 مليون برميل يومياً هذا العام ليصل إلى متوسط 0.9 مليون برميل يومياً خلال السنوات الخمس المقبلة. وتوقع أن يتأثر استهلاك النفط خلال السنوات المقبلة مع ارتفاع كفاءة الوقود وسياسات التسعير الجديدة، بالإضافة إلى الخيارات البديلة للوقود، إذ تعتبر السيارات الكهربائية من أهم المحاور التي أثرت على توقعات استهلاك النفط في قطاع النقل والمواصلات الذي يعتبر أكبر القطاعات استهلاكاً للنفط. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أنه بحلول العام 2040 سيتسع أسطول السيارات الكهربائية إلى 280 مليون من مليونين حالياً، بحيث بدأت الجهود لاستبدال السيارات الكهربائية بسيارات الغاز التقليدي وسيارات الديزل، ويظهر ذلك واضحاً في محاولات فرنسا وبريطانيا لوقف مبيعاتهم بحلول العام 2040. وأوضح التقرير أنه بالرغم من ارتفاع الإنتاج الأميركي، مازال التحكم بالإنتاج العالمي بيد «أوبك» التي تصدر أكثر من 30 في المئة من النفط للسوق، مشيراً إلى أنه مع توقعات تباطؤ الطلب في العام 2018 إلى 1.3 مليون برميل يومياً بعد أن خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها بواقع 0.1 مليون برميل يومياً نظراً لانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى توقعات بارتفاع إنتاج الدول من خارج أوبك بواقع 1.4 مليون برميل يومياً العام المقبل نتيجة ارتفاع إنتاج النفط الصخري، فإنه من أولويات «أوبك» حالياً أن تمدد فترة خفض الإنتاج، ومنوهاً بأنه إذا تم تمديد الفترة لأقل من 9 أشهر هناك احتمال كبير لزيادة البيع في الأسواق. ولفت إلى أنه سيتوجب على «أوبك» حث العراق والإمارات على التعاون وتقليل إنتاجهما، إذ لم يستكملا التزامهما منذ بدء الاتفاقية قبل 11 شهراً، كما سيتوجب على نيجيريا وليبيا الامتثال للاتفاقية، بحيث بلغ إنتاجهما معاً 620 ألف برميل يومياً هذا العام، مقابل الخفض من الدول الإثني عشر التابعة للمنظمة البالغ 1.2 مليون برميل يومياً. واعتبر أنه من المحتمل أن تزيد «أوبك» من وتيرة الخفض بدلاً من تمديدها فقط، إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية بلوغ الطلب على أوبك 32.4 مليون برميل يومياً في العام 2018، أي أقل من إنتاج المنظمة الحالي (البالغ 32.6 مليون برميل يومياً) بما يقارب 200 ألف برميل يومياً وفق مصادر ثانوية. وبين أنه بالرغم من التزام الدول بنسبة 103 في المئة إلا أن الإنتاج أعلى من توقعات وكالة الطاقة الدولية للعام المقبل، متوقعاً أن يرتفع مخزون دول منظمة التعاون الاقتصادي بدلاً من تراجعه في ربعين على الأقل من العام 2018. وبين أنه في نهاية الأمر، قد تضطر «أوبك» والدول الأخرى أن تعي بأن تحركات أسواق النفط قد تغيرت بفعل ارتفاع النفط الصخري وزيادة دور وإنتاج الطاقة البديلة، والأهم من ذلك أن دول المنظمة لاسيما دول مجلس التعاون الخليجي، مازال بإمكانها أن تبذل أقصى جهدها، إذ يبدو أن المعركة قد بدأت فعلياً الآن.
مشاركة :