صعود ماكرون لا يصب في مصلحة بريطانيا

  • 11/29/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قد يصبح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل غير رسمي، زعيم الاتحاد الأوروبي، بعد الصعوبات السياسية التي واجهتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الداخل. وقد لعب رؤساء فرنسا هذا الدور سابقاً، في تأسيس الاتحاد الأوروبي خلال الفترة من عام 1957 حتى عام 1990، عندما شهد العالم إعادة توحيد الألمانيتين، الشرقية والغربية. ونظراً لقوتهما الاقتصادية مجتمعة، وهو ما يفوق بكثير قوة فرنسا الاقتصادية، فإن المستشار الألماني وقتها، أصبح السياسي الذي تتوجه له الأنظار في الاتحاد الأوروبي. فإذا تعثرت ميركل، سيتولى ماكرون هذا الدور. أي نوع من الأشخاص هو ماكرون؟، لقد ولد وترعرع في أميان، حيث كانت صناعة الغزل والنسيج مهمة، قبل أن يحل مكانها مصانع قطع غيار السيارات. وتعلم في مدرسة دينية حتى سن 16 عاماً، ثم انتقل إلى مدرسة هنري الرابع المرموقة في باريس. بعد المدرسة، دخل ماكرون نخبة «المدرسة الوطنية للإدارة» في فرنسا، التي يشكل خريجوها شبكة من النفوذ، تمتد عبر الحكومة والمالية والأعمال. بعد ذلك انتقل للعمل في مصرف «روتشيلد»، وعمل مستشاراً اقتصادياً للرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولند. وعندما فاز هولند بالرئاسة في عام 2012، ودخل قصر الإليزيه، أصبح نائباً للأمين العام لرئاسة الجمهورية الفرنسية لدى هولند، أي لشبكة فرنسية مكرسة لتعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات. وفي أغسطس 2014، عُين ماكرون في عمر 36 عاماً، وزيراً للاقتصاد في عهد هولند. في أكتوبر 2015، وبأقصى درجة من السرية، بدأ ماكرون التخطيط لإطلاق حزب جديد «إلى الأمام»!. يهدف إلى تسخير الحركة المناهضة للنظام، وللنخبة التي برزت بقوة مع انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وصعود الحركة الاجتماعية الفرنسية «نوي ديبو»، وهي حركة ضد إلغاء الضوابط التنظيمية على سوق العمل. وقد نشر ميثاقاً للقيم، مفاده أن العمل ينبغي أن يكون شيئاً يحرر الناس، وأن الحرية أولوية، كما المساواة، ومما جاء في الميثاق «لنكن تقدميين بدلاً من محافظين، لا لليمين ولا لليسار، اللطف هو القيمة الجوهرية». وقد علق ماكرون قائلاً: «كنا جميعاً على دراية بالعالم السياسي، ووجدنا أن اللطف والخير غائبان. وقد أصاب هذا الأمر كل واحد منا بالإحباط». ووفقاً لكتاب السيرة الذاتية بلورايت، كان أعضاء الحزب يسجلون أسماءهم، ثم يجري الاتصال بكل واحد منهم من قبل منسق محلي، وتتم دعوته لحضور اجتماع. ثم يجري اختيار بعض الأعضاء الجدد لإنشاء لجان جديدة في مناطقهم، ما يعني أن شبكة من مجموعات أصغر انتشرت تدريجياً عبر البلاد. وكان يجري تشجيع كل لجنة محلية لتنظيم نفسها بشكل مستقل. والخطوة التالية، تمت من خلال إرسال الأعضاء من باب إلى باب عبر البلاد، حاملين معهم استمارة على الهاتف الذكي. وتسأل الاستمارة الناس، عن شعورهم بما قد ينجح أو يفشل في البلاد، وما هي الأمور التي تثير قلقهم، وتلك التي تمنحهم الأمل. ويقوم متطوعون بملء تلك البيانات، مع تحديد مكان الشخص وعمره ومهنته. وقد أطلق على هذه المسيرة «المسيرة العظيمة». وكان يجري إرسال متطوعين نحو شوارع وقرى ومراكز إسكانية بعينها، لاستطلاع عينة من الناس، تمثل بشكل أوسع فرنسا ككل، أي ناخبين من أقصى اليمين إلى الشيوعيين. كان الهدف جذب ألوف الأعضاء، وقد نجح في ذلك. وقد أوجد حزب «إلى الأمام» زخماً هائلاً، وفي مايو 2017، أصبح ماكرون رئيساً منتخباً، من قبل غالبية كبيرة من الشعب الفرنسي، وحصد مرشحو حزبه غالبية المقاعد في الجمعية الوطنية. ثم ماذا يمكن استنتاجه من مواقف ماكرون تجاه الاتحاد الأوروبي؟، لا أعتقد أنه قال يوماً إنه يريد رؤية الولايات المتحدة الأوروبية، لكن توصياته تلائم ذلك المخطط. وهو يريد سياسة دفاعية أوروبية مشتركة، بتنسيق وثيق بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ويعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك قوة حماية مشتركة للحدود، للتحقق من الهجرة غير الشرعية، مع نظام لتوزيع اللاجئين بين الدول الأعضاء، ما إن يصلوا أوروبا. ويرغب أيضاً في رؤية المزيد من المواءمة في مجال الحماية الاجتماعية والأنظمة الخاصة بالأعمال. وما يثير صدمة للبريطانيين، أن ماكرون يريد الانتماء لمنطقة اليورو نفسها (التي لا توجد عضوية لبريطانيا فيها)، ميزانيتها وقدرتها على الاستدانة، وأن تكون قادرة على تحويل الأموال من الدول الثرية إلى الدول الضعيفة. باختصار، فإن الفرح الذي عبّر عنه البريطانيون لضعف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وما يترتب عليه من صعود للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأنه يصب في صالح بريطانيا، قد يكون في غير محله، أما اعتقادي، فهو أن ماكرون يريد رؤية بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، والانفصال ومغادرة الاتحاد الأوروبي بأسرع ما يمكن. وجودنا مجرد إزعاج. وبالتالي، لا وجود لاتفاق ودي، وقد يتمنى البريطانيون في نهاية المطاف، عودة ميركل.

مشاركة :