لم يتضح شكل الحل الذي تعمل عليه الأطراف اللبنانية للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، رغم الاتفاق على إيجاد مخرج للأزمة، يتراوح بين احتمال تعديل في البيان الوزاري، وهو ما يستوجب نيل ثقة البرلمان مرة جديدة، وبين إعلان سياسة جديدة للحكومة اللبنانية تلتزم بها جميع الأطراف، وتتلخص في تكريس سياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة.ووسط الأجواء التفاؤلية التي تحيط بالمشاورات والمناقشات بين الكتل السياسية الممثلة بالحكومة، لن يظهر الشكل النهائي للحل قبل عودة رئيس الجمهورية ميشال عون من إيطاليا، التي يتوجه إليها اليوم في زيارة رسمية. وبرز تطور لافت مساء أمس، بإعلان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أن الرئيس اللبناني ميشال عون قال له: «إنه ستكون هناك جلسة للحكومة فور عودته من إيطاليا، وستكون المشاورات على جدول أعمالها».وكان عون قد استبق رحلته إلى إيطاليا بالإعراب عن أمله في أن يحمل الأسبوع المقبل مزيداً من الإيجابيات على صعيد معالجة التطورات السياسية، التي نشأت عن إعلان رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري استقالته، وتريثه في تقديمها بناء على رغبة رئيس الجمهورية. وأكد الرئيس عون على ثبات الاستقرار والأمن في البلاد، وعلى متانة العلاقات التي تربط لبنان مع الدول العربية والأجنبية كافة، والتي يعمل على تعزيزها وتطويرها.الجو التفاؤلي أكده وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، بالقول إن الأمور «تذهب بالاتجاه الصحيح نحو إعادة تفعيل العمل الوزاري»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «أخباراً طيبة حول تسوية الوضع القائم ستكون في الأسبوع المقبل». وأكد أن المخرج المرجح للأزمة الآن هو «متابعة عمل الحكومة بالتركيبة الوزارية القائمة، وإعادة العمل الحكومي إلى وتيرته السابقة بلا مطبات، ومن غير الدخول بتشنجات جديدة»، مشدداً على أن «الأجواء إيجابية كما أكدها الرئيس عون».وأشارت مصادر سياسية مطلعة إلى «جو تفاؤلي» يواكب المشاورات التي أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن جميع الأطراف «منفتحة على التوصل إلى حل»؛ لكنها جزمت بأن شكل الحل النهائي «لم يتبلور بعد». وقالت إن المشاورات باقية، مشددة على أن «الجميع حريص على التوصل إلى مخرج، وحماية السلم الأهلي، والحفاظ على العلاقات مع الدول العربية».وتتداول الأوساط السياسية مخرجين للأزمة، سيصطدم أحدهما بإجراءات قانونية حتى يصير نافذاً، إذ تنص المادة 64 من الدستور اللبناني على أن يقوم رئيس الحكومة بتلاوة البيان الوزاري لحكومته في البرلمان، وينال على أساسه الثقة، ما يعني أن لا وجود لحكومة دون بيان وزاري حاز على ثقة البرلمان، وبالتالي، فإن أي تعديل بالبيان الوزاري من غير الحصول على ثقة جديدة أمر غير ممكن.وقال الخبير الدستوري الدكتور وسيم منصوري لـ«الشرق الأوسط»، إن احتمالات المخرج القانوني للأزمة تتراوح بين اثنين، إما تعديل في البيان الوزاري وتلاوته أمام البرلمان بغرض الحصول على ثقة مجلس النواب مرة جديدة، وإما أن يكون إعلاناً سياسياً للنوايا، يمثل خطة توافق، ويعتبر بمثابة «إعلان شرف بين الفرقاء»؛ لكنه لا قيمة قانونية له، وهو غير ملزم للأطراف المتمثلة بالحكومة، إلا إذا ألزموا أنفسهم به.وأوضح منصوري أنه إذا قررت الحكومة إجراء إعلان جديد، فعليها التوجه إلى مجلس النواب لنيل الثقة إذا اعتبرته بياناً وزارياً جديداً، وإذا لم تعتبره تعديلاً بالبيان الوزاري، فإن رئيس الحكومة يتخذ القرار بأن يتلوه علناً في اجتماع لمجلس الوزراء، أو أن يطلب من رئيس مجلس النواب تلاوته أمام النواب في البرلمان، ويكون بهذه الحالة بمثابة «إعلان صادر عن الحكومة». وفي هذه الحالة، (إذا اختار تلاوته أمام البرلمان) واعتبره سياسة عامة للحكومة، فيعود للنواب اتخاذ القرار بشأنه، إما مناقشة السياسة العامة للحكومة، وإما طرح الثقة بالحكومة، أو الاستماع إلى الإعلان من غير الخطوات السابقة، ما يعني أنه يصبح بشكل معنوي ملزماً للجميع بعد تلاوته في البرلمان.وفي ظل مناقشة المخارج، غرد النائب بطرس حرب عبر «تويتر» بالقول: «تعملون لإيجاد المخارج الشكلية من المأزق، والمطلوب واحد: تحييد لبنان عن صراعات الخارج، وانسحاب (حزب الله) منها، والاعتراف بحصرية سلطة الدولة وقواها العسكرية الشرعية، وإلا عبثاً تحاولون؛ لأن الأزمة ستعود وستتفاقم».
مشاركة :