الخطر الإرهابي طويل الأمد، وصار لصيقاً بالحياة اليومية، وهو متعدد الشكل ومتذرر، وينتشر في العالمين الفيزيائي المادي والرقمي. لذا، الحاجة ماسة إلى حماية البيانات (الإلكترونية). ويحتاج إلى مثل هذه الحماية المسؤولون العامون والشركات الخاصة والمواطنون. وفي وجه خطر مذرر ومتشظٍ، التكنولوجيا الرقمية تتنوع من أجل رصد أدنى المؤشرات إلى هجمات وكبحها أو الحؤول دونها، وتسريع وتيرة القرار وتحسين نجاعة التدخلات. «وكثير من الابتكارات يدمج في التكنولوجيا الرقمية، من الذكاء الصناعي إلى إنترنت الأشياء مروراً بالداتا والأمن السيبرنيطيقي»، يقول مارك دارمون، نائب مدير عام «تاليس» في شؤون أنظمة المعلوماتية والاتصالات الآمنة. وهذه البرمجيات الذكية تتعرف إلى الوجوه، وترصد السلوك الغريب، وتعالج كميات كبيرة من البيانات... وهي تدرج في كاميرات فيديو المراقبة، وفي الهواتف الذكية الآمنة، ورموز التشفير، ومراكز القيادة، وطائرات الدرون من دون طيار. ويلجأ إلى هذه البرمجيات في العالمين المادي والرقمي حيث تجبه الشركات أكثر من نصف الهجمات السيبرنيطيقية. و «فيما وراء التجسس السيبرنيطيقي وسرقة البيانات، تجبه الشركات ابتزازاً رقمياً يرمي إلى تعطيل أنظمة الإنتاج الخاصة بها»، يقول مارك دارمون، وهو يشغل كذلك منصب رئيس لجنة صناعات الثقة والأمن «CICS». وليست «جواهر» التكنولوجيا المتقدمة ألعاباً من ألعاب جايمس بوند، بل هي، إلى الاستخبارات البشرية، سند أمني لأجهزة الأمن والنظام والشركات، ومنها شركات في قطاعات حيوية (النقل، والمياه، والطاقة...). وانهيار مثل الشركات هذه يشل عجلة البلاد. وهذه السوق التكنولوجية البالغة التطور تجذب نجوم وادي السيليكون الملمين بالعلوم البيومترية وقراءة البيانات الشاملة. وعلى سبيل المثل، أنشأ غوغل «نيست»، شركة أمنية. وطور «فايسبوك» برمجية قادرة على التعرف إلى هوية شخص من طريق رصد طريقته في المشي من الخلف. فعالم غافا (غوغل، و «فايسبوك»، وآبل...) يتقاطع مع عالم الأمن. والخبراء في المجالين يدمجون خوارزميات التعرف إلى الوجه التي طورها «فايسبوك» في عملهم. وفي وجه التحديات، زادت الموازنات أكثر من 500 مليون يورو في العالم. «في 2015، استثمرت الشركات الفرنسية في حماية مواقعها المادية. وفي 2016 و2017، استثمرت في فيديو المراقبة»، يقول باتريك هاس، رئيس المجلس البارز «آن توت سيكوريتيه». وحركة الطلب على الأجهزة المؤتمتة كبيرة. وهذه الأجهزة تستخدم في العمليات العسكرية الخارجية مثل الدرون الأرضية النازعة الألغام. وزادت موازنة وزارة الداخلية الفرنسية المخصصة لتجهيز القوات ومدها بالعتاد من 300 مليون يورو سنوياً إلى أكثر من 400 مليون يورو. لكن المبلغ هذا متواضع وبعيد من بلايين اليورو التي يرى الخبراء أن لا غنى عنها في إرساء «توازن صحي بين الاستثمار التكنولوجي والموارد الإنسانية». وعلى خلاف وزارة الدفاع الفرنسية، لا تملك وزارة الداخلية الفرنسية ذراعاً مسلحة نظير مديرية التسلح العامة لتقويم حاجاتها، وانتهاج سياسة صناعية وتوجيه طلبات إلى القطاع الصناعي. لكن مساعي تحليل التكنولوجيات الدقيقة بدأت، وبدأ الحوار بين الصناعيين والإدارة. * مراسلة، عن «لوفيغارو» الفرنسية، 20/11/2017، إعداد منال نحاس.
مشاركة :