رانغون (أ ف ب) - دعا البابا فرنسيس الاربعاء في قداس في الهواء الطلق امام حشود كبيرة من المصلين في رانغون إلى الصفح، وذلك خلال زيارة له الى بورما التي تمزقها النزاعات تجنب خلالها التطرق علنا لأزمة أقلية الروهينغا. واصطفت راهبات ينشدن تراتيل باللاتينية على موسيقى آلة الارغن فيما كان البابا فرنسيس -- الذي يجري اول زيارة باباوية إلى الدولة ذات الغالبية البوذية -- يلقي عظة حث فيها على الرحمة، بدأها بكلمة "مينغلابار" أي "مرحبا" بالبورمية. وقال أمام آلاف من أبناء الكنيسة الكاثوليكية البالغ عددهم 700 ألف شخص -- هم جزء صغير من عدد سكان بورما البالغ 51 مليون نسمة -- "أرى ان الكنيسة هنا مفعمة بالحياة". وقبل ذلك مر مبتسما وملوحا بيده بين نحو 150 الفا من المصلين في عربته "باباموبيلي". وحمل عدد كبير منهم أعلام بورما وارتدوا ملابس زاهية الالوان ترمز الى مختلف المجموعات العرقية في البلاد. وقالت مياو البالغة 81 عاما من أقلية آخا في ولاية شان "لم أكن أحلم بأن اراه في حياتي". وككثيرين سواها كانوا يحضرون القداس، تقيم هذه المرأة في إحدى المناطق الحدودية التي تشهد نزاعات، وحيث تتعرض أقليات للتهميش من جانب الدولة ذات الغالبية البوذية. واشار البابا في عظته الى أن عددا كبيرا من سكان بورما "يحملون جروح العنف، جروحا ظاهرة وغير ظاهرة". لكنه حث المصلين على الامتناع عن الغضب والرد ب"الصفح والرحمة". ومن المقرر ان يلتقي البابا في وقت لاحق الاربعاء مسؤولين بوذيين، اثناء زيارته التي تحمل معان سياسية ودينية قوية. وكان الحبر الاعظم قد وصل الاثنين إلى بورما عقب تصاعد غضب المجتمع الدولي إزاء محنة اقلية الروهينغا المسلمة، التي اجبر افرادها على الفرار الى بنغلادش بأعداد كبيرة. وأجرى محادثات مغلقة مع الحاكمة المدنية اونغ سان سو تشي، وقائد الجيش الجنرال مينغ اونغ هلاينغ، اللذين يتقاسمان السلطة في الدولة بعد عقود من الحكم العسكري. وتجنب البابا فرنسيس التطرق الى الازمة -- او الروهينغا -- في خطاب في العاصمة نايبداو الثلاثاء، ودعا فحسب الى "احترام الحقوق والعدالة". - من القلب - وهذا الحذر من جانب البابا الذي تستمر زيارته اربعة أيام، سيريح مسؤولي الكنيسة الكاثوليكية في بورما، الذين حثوا البابا على تجنب الخوض في المسألة خشية اثارة رد انتقامي من جانب المتشددين البوذيين. بل حتى ذكر كلمة "روهينغا" تثير غضب كثيرين من الغالبية البوذية الذين لا يعترفون بهذه المجموعة على أنها أقلية ويصرون على تسميتهم "بالبنغاليين". وردود الفعل إزاء تعاطي البابا مع المسألة متضاربة، فقد أعرب عدد من الروهينغا عن الخيبة لأنه لم يجذب انتباها مباشرا الى معاناتهم كما فعل في مناشداته الاخرى العديدة من الخارج. لكن كياو مين، النائب السابق والناشط الكبير المدافع عن الروهينغا، قال انه يتفهم الضغوط التي يواجهها البابا مضيفا انه تمكن من الحديث عن أزمة هذه الاقلية بشكل غير مباشر. وقال كياو مين لوكالة فرانس برس "قال ان بعض الاشخاص تعرضوا للترهيب ويجب ان يحصلوا على حقوقهم ... المقصود بذلك الروهينغا". وأجبرت إجراءات عسكرية قمعية أكثر من 620 ألفا من الروهينغا في الاشهر الثلاثة الماضية على الفرار من منازلهم في شمال ولاية راخين واللجوء إلى أحد أكبر مخيمات اللاجئين في العالم في بنغلادش المجاورة. وبرر الجيش عملياته وقال انها رد متواز على الهجمات الدامية التي شنها مسلحون من الروهينغا في آب/اغسطس الماضي. غير ان الامم المتحدة والولايات المتحدة وصفت العملية العسكرية "بالتطهير العرقي" واتهمت مجموعات حقوقية الجيش بجرائم ضد الانسانية، وسط روايات متسقة للاجئين عن عمليات قتل واغتصاب وحرق متعمد. ويعقد مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة جلسة خاصة في 5 كانون الاول/ديسمبر لمناقشة ازمة الروهينغا. ويتواجد الكاثوليك في بورما منذ أكثر من 500 عاما، ويرتبطون عموما بعلاقات جيدة مع الغالبية البوذية. في السنوات الثلاث الماضية أعلن البابا أول قديس لبورما وعين أول كاردينال قبل استعادة كامل العلاقات الدبلوماسية في ايار/مايو هذه العام مما مهد الطريق امام الزيارة البابوية. وقال كو كو لاي (46 عاما) من سكان رانغون لوكالة فرانس برس بعد انتهاء القداس "عندما سمعنا وقع كلماته، أدركنا أنا نابعة من القلب وهذا منحنا سلاما".اثينز زاو زاو, سالي مايرز © 2017 AFP
مشاركة :